دخول فن التصوير الفوتوغرافي كان من العوامل التي ساهمت في إبراز المعالم الهامة في المدينة المقدسة، وخاصة معالم المسجد الحرام، حيث تعود أول صورة لمكة للضابط التركي محمد صادق بيك الذي لقطها في عام (1298ه)، خلال عمله في مكة، حيث أسهم في عدد من الإصلاحات في المسجد الحرام، وأمر بهدم قبة السقاية وقبة الساعات، وزحزح مكان المقام الحنبلي، وأصلح محراب المقام الحنفي لكونها كانت تعيق حركة المصلين. قبل ظهور التصوير الفوتوغرافي، كانت المنمنمات والخرائط الوسيلة الوحيدة للحفاظ على التاريخ وترسيخه، فقد ساهمت في توثيق معالم المدينة المقدسة ومكةالمكرمة بما فيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة والمناطق المحيطة بها، كما كانت الخرائط تمثل مصدرًا هامًا للحجاج والمعتمرين، حيث ساعدت في تسهيل رحلاتهم وأداء مناسكهم من خلال رسم الطرق المؤدية إلى منى وعرفات والمزدلفة، مما أسهم في تنظيم مناسك الحج والعمرة، وكان إرشاد أهل مكة للحجاج والمعتمرين أحد العوامل المساعدة لدور الخرائط. كما نقلت المنمنمات التاريخ العمراني لمكةالمكرمة، وساهمت في توثيق تطورها المعماري، وأبرز الأحداث والوقائع، حيث لم تكن رسوم توثيقية للعمران فقط بل كانت تروي قصص ملهمة. كما يبرز دور التصوير الفوتوغرافي لمكةالمكرمة في توثيق التحولات التي طرأت على المعالم الرئيسية بها عبر العصور، مثل التوسعات والتعديلات في المسجد الحرام، وبالإضافة إلى دور التصوير في توثيق مناسك الحج والعمرة، الذي ساعد بدوره في إظهار الحياة الدينية في مكةالمكرمة من زوايا مختلفة، وفي ظل التطور التكنولوجي الذي أتاح للأفراد من مختلف أنحاء العالم مشاركة تجاربهم الشخصية بسهولة، عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي تميزت بسهولة التقاط وتداول الصور والفيديوهات من خلالها، بالإضافة إلى سرعة التفاعل معها. كما يسهم أثر التصوير في حفظ تاريخ المدينة والوثائق والوقائع، كما تُمثل الصور الفوتوغرافية مرجعًا رئيسيًا للمعالم التي قد تتطور مع مرور الزمن، مما يتيح للأجيال القادمة فرصة الاطلاع على الشكل الذي كانت عليه هذه المعالم في فترات متفاوتة من عمرها فهي تعد هوية قبل أن تكون معلم. كتاب (صفحات من تاريخ مكةالمكرمة)