ليس جديداً ما تقدمه المملكة في مجال العمل الإنساني على المستوى الإسلامي الدولي، كون الشراكة مع الإنسان أضحت علاقة راسخة ومسؤولية إنسانية لا تخضع لأي نوع من أنواع التمييز أو الأجندات أو المؤثرات السياسية وتميز العمل الإنساني السعودي في المرحلة الحالية بالعمل المؤسساتي المحوكم والتطوير في آلية العمل لتحقيق أهداف إنسانية ثابتة. وشاءت الأقدار أن يتزامن عقد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منتدى الرياض الدولي الإنساني الأسبوع القادم (20-21) فبراير في الرياض؛ مع تعظيمها لحراكها الإنساني السريع لدعم الشعب السوري والتركي أثر الزلزال المدمر الذي ضرب عددا من المدن، والذي فتح فصلاً جديداً من الدعم السعودي الإنساني للدول العربية والإسلامية والدول حول العالم دون أي أجندة دينية أو سياسية أو أي الاعتبارات أو الأغراض السياسية أو العرقية أو غيره. مشاركة نخبوية المنتدى الإنساني الذي يعقد بمشاركة نخبة من القادة والمانحين والعاملين والباحثين في مجال العمل الإنساني وغيرهم من المهتمين لتعزيز الحوار حول الإطار التشريعي والمعرفي والممارسات الميدانية للعمل الإنساني والتحديات المرتبطة بها لإيجاد حلول عملية مبتكرة وفقاً لمبادئ ومعايير العمل الإنساني والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وسيقرأ بموضوعية هذه الجهود وحجم الدعم الإنساني والجسور الإنسانية السعودية العابرة للحدود مهما كانت طبيعة هذه الحدود، مسلطا الضوء الدور المسؤول الذي تقوم به المملكة تجاه الإنسان في أي مكان، بلا منّ، ترجمة لما تؤمن به من قيم إنسانية وانطلاقاً من مبدأ ردف الأعمال بعد الأقوال، مبتعدة عن الشعارات الزائفة لا تقدم تعليماً، ولا تعالج مريضا، ولا تطعم جائعاً، ولا تعالج مشكلات الفقر والبيئة والتشرد، العمل والإنجازات التنموية هو الطريق الذي تسلكه المملكة في الماضي والحاضر والمستقبل. تدابير فعالة منتدى الرياض الدولي الإنساني الثالث يعد الأكبر من نوعه في العالم، بالشراكة مع منظمة الأممالمتحدة ومنظماتها الإنسانية، لمواكبة أحدث التطورات ذات الصلة بالعمل الإنساني والإغاثي واستحداث تدابير عملية وفعالة تراعي الاحتياجات المتغيرة على أرض الواقع، كما يوفر على مدى يومين منصة مثالية تجمع بين المختصين وكبار صناع القرار من جميع أطياف المجتمع الإنساني الدولي، ويشارك فيه ممثلون رفيعو المستوى للهيئات والمؤسسات الأممية والعالمية. حوكمة العمل ويحرص مركز الملك سلمان للإغاثة التجديد في آلية تقديم الأعمال الإنسانية والإغاثية خصوصا إن المركز هو الذراع الإنسانية والجهة الوحيدة المخولة لتسلم المساعدات النقدية والعينية من الداخل وتسليمها للفئات المحتاجة في الخارج، والإشراف على الأعمال الخيرية السعودية الخارجية، وتنظيمها والترخيص للمؤسسات الخيرية المحلية للعمل بالخارج، ووضع حوكمة للعمل الإنساني بما يضمن منع استخدام الأموال الخيرية لغير الأغراض المخصصة لها، فضلاً عن الرقابة والتقييم للأعمال الإنسانية والمشاركة في البحوث والدراسات بهذا الشأن. جلسات علمية وسيطرح المنتدى عبر جلسات علمية متخصصة والفعاليات المصاحبة عدة محاور مهمة تتعلق بتطور الاحتياجات الإنسانية وطرق الاستجابة لها، وجمع البيانات وتحليلها لدعم العمل الإنساني، والعمل الاستباقي وتعزيز المرونة في المجتمعات المحلية، وأساليب تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تفعيل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام، وتغير المناخ وعلاقته بالعمل الإنساني بهدف تعزيز الحوار وقنوات الاتصال بين القادة والمانحين والعاملين والباحثين وتبادل الخبرات والأفكار والممارسات الفضلى لتطوير العمل الإنساني، وتفعيل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام لضمان تحقيق الاستدامة والتنمية الشاملة، إضافةً إلى تطويع التقنية والتحول الرقمي لخدمة العمل الإنساني، وطرح أبرز الفرص والتحديات في العمل الإنساني لتطوير حلول مبتكرة ومستدامة وفاعلة للاستجابة الإنسانية، وتشجيع وإشراك الشباب في العمل التطوعي والمساهمة في العمل الإنساني. إغاثة المنكوبين ويعد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إحدى المؤسسات المتميزة الفاعلة التي تمد جسور الدعم للمحتاجين وإغاثة المنكوبين في أي مكان في العالم، وفق أهدافها الإنسانية، بآلية رصد دقيقة وطرق نقل متطورة وسريعة تتم من خلال الاستعانة بمنظمات الأممالمتحدة والمنظمات غير الربحية الدولية والمحلية في الدول المستفيدة ذات الموثوقية العالمية. وبلغت مشروعات المركز الإنسانية والإغاثية 2233 مشروعاً في 87 دولة بالتعاون مع 175 شريكاً دولياً وإقليمياً ومحلياً بقيمة تجاوزت 6 مليارات دولار. وسيناقش القادة على مدى يومين تعزيز الحوار وقنوات الاتصال بين القادة والمانحين والعاملين والباحثين وتبادل الخبرات والأفكار والممارسات الفضلى لتطوير العمل الإنساني وتفعيل النهج الترابطي بين العمل الإنساني والتنمية والسلام لضمان تحقيق الاستدامة والتنمية الشاملة وتطويع التقنية والتحول الرقمي لخدمة العمل الإنساني وطرح أبرز الفرص والتحديات في العمل الإنساني بهدف تطوير حلول مبتكرة ومستدامة وفاعلة للاستجابة الإنسانية وتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs) في السياق الإنساني واستشراف وتطوير العمل الإنساني من خلال البحث العلمي وحوكمة جودة البيانات بما في ذل كالدراسات القائمة على الممارسات المبنية على الأدلة والبراهين وتشجيع وإشراك الشباب في العمل التطوعي والمساهمة في العمل الإنساني. وستتيح الجلسات العلمية إجراء الحوارات التي تستند إلى شواهد علمية، وتعرض أفضل الممارسات ونتائج الأبحاث العالمية في سياق العمل الإنساني. مخرجات متوقعة ومن المتوقع أن تخلص المخرجات الرئيسية للجلسات العلمية في تعزيز دور البحث العلمي في القطاع الإنساني وعرض الاتجاهات الحديثة في البحوث والدراسات وأفضل الممارسات لدعم اتخاذ القرار في الاستجابة للاحتياجات الإنسانية وتشجيع الجهات العاملة في المجال الإنساني على تبني حلول إنسانية مبتكرة مبنية على البحث العلمي. نموذج يقتدى به وأضحت المملكة في عملها الإنساني نموذجا يقتدى بها وتعتبر نبراسا ومعلما في مبادراتها الإنسانية حيث أصبحت المملكة رائدة في مجال العمل الخيري والإنساني على مستوى العالم في العديد من المبادرات الإنسانية والمساعدات من منطلق إيمانها بأهمية الدور الإنساني والتنموي الفاعل الذي تقوم به تجاه الدول المحتاجة والمتضررة، لتجعل من البعد الإنساني نهجًا ثابتًا في سياستها لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة. رؤية 2030 واعطت رؤية 2030 الجانب الإنساني اتساقا الجانب المادي مع الجوانب المعنوية حيث أصبح العمل الإغاثي والإنساني السعودي نبراساً عالمياً يُحتذى، وعَلماً بارزاً يُقتدى به، وأصبحت المملكة رائدة في هذا المجال على الصعيد الدولي، نظير جهودها الكبيرة التي غطت مشارق الأرض ومغاربها، وشهد لها القاصي والداني، واضعة نصب عينيها حياة الإنسان وكرامته وصحته أياً كان، وأينما كان، وذلك عبر برامج احترافية تخضع لمعايير فنية مُحكمة. حملة تبرعات وفي الأزمات تظهر معادن الرجال تواصل الإقبال اللافت على حملة تبرعات شعبية والتي تعتبر الاولى في العالم لإغاثة سورية وتركيا، من كارثة الزلزال وتجاوزت التبرعات لمئات الملايين إلى جانب استمرار وصول العشرات من الطائرات من خلال الجسر الجوي لإغاثة المنكوبين في سوريا وتركيا جراء الزلزال، محملة بالإغاثة الصحية والغذائية. فالسعودية لا تتحرك على صعيد الأعمال الإنسانية والإغاثة منتظرة أي جهة، أو أي طلب، أو أي مبادرة، فالدافع الإنساني لدى القيادة السعودية يبقى هو المحفز الأول، وبأعمالها الناتجة عنه لا تنظر أبدا إلى الوراء، بل عينها إلى الأمام، إلى النتائج المثمرة، المتمثلة في إنقاذ إنسان أيا كان عرقه ودينه وانتماؤه. فالإنسانية في المملكة لا تتجزأ ولا تتلون، وهي شاملة كل ما يختص بالإنسان واحتياجاته، خصوصا في أوقات الأزمات والكوارث والمصائب. ولأن الأمر كذلك، تتصدر جهود السعودية في أعمال الإنقاذ والإغاثة المشهد العام. نجاة الأبرياء جهود مدعومة من قيادة، وضعت هدفا واحدا فقط، أن تسهم في نجاة الأبرياء، وأن تضمد جراح المصابين، عندما تحل الكارثة ويدخل ضمن إطار المفهوم العام للعمل الإنساني، الذي يستند إلى حقيقة واحدة عن القيادة، هي أن حياة الإنسان "أي إنسان" أغلى من كل شيء، وأن الواجب يحتم صونها وحمايتها وتوفير كل ما يحفظ كرامتها في أوقات المحن وأزمنة الانفراجات والاستقرار. وهذا الجسر المتجه نحو سوريا وتركيا هو واحد من جسور إنسانية مشابهة شيدتها السعودية في التاريخ خلال تعاطيها مع كوارث طبيعية مشابهة. إنها وجدت لتكون جاهزة عندما تحتاج البشرية إليها، وعندما يكون الهدف صون الإنسانية ككل. وجسور وأعمال الإغاثة السعودية لا تستند فقط إلى آليات العمل الضرورية، والإمكانات المتوافرة، بل أيضا إلى تلمس القيادة العليا احتياجات الضحايا والأبرياء الذين وقعت عليهم الكارثة. تحرك شامل وهذا الاهتمام لا يختص ببلد ولا بمنطقة ولا بهوية معينة كونه تحرك شامل كل جانب إنساني بصرف النظر عن أي اعتبارات. ولهذا، لم تربط المملكة أيا من أعمالها الإنسانية في وقت الأزمات وغيرها بأجندة سياسية، لأن ذلك يتضارب في الواقع مع مفهومها لحماية الإنسان وصون كرامته وحفظ حياته. وفي هذه الظروف وجدنا دولا لا تنفك عن ربط جهودها التي يفترض أنها إنسانية بأجندات سياسية داعمة لها. إنها شكل آخر من أشكال الاتجار بالإنسانية. فرعاية الإنسانية ليست كلمة تقال ويتم تسويقها على مدار الساعة، بل هي عمل مباشر يتعاطى مع الحالة بأبعادها البشرية فقط. فالسعودية التي تمد جسور العون والإغاثة والإنقاذ وحماية الإنسان، تمتلك كل الأدوات اللازمة لذلك، سواء من الجوانب الأخلاقية أو العملية المباشرة، فضلا عن تناغم السعوديين مع قيادتهم في العمل الإنساني عموما، وفي الأزمات خصوصا. فالمجتمع السعودي أظهر في الأزمة التي تواجهها سورية وتركيا معدنه الأصيل المعروف، الذي أظهره دائما في السابق في مثل هذه الحالات، عبر حملات التبرع الناجحة المستندة إلى مشاعر ومحفزات العطاء. وهبة المجتمع السعودي لدعم المتضررين أكبر دليل على ذلك. قدرات السعوديين وأظهرت التجارب مدى القدرات التي تتمتع بها فرق الانقاذ السعودية الى جانب فرق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في القيام بمهامها ومبادراتها وأعماله بأعلى معايير الجودة. فالجاهزية حاضرة دائما عندما يتطلب الأمر التحرك والتعامل الفوري مع الأحداث الكبيرة بصرف النظر عن طبيعتها. إنها عملية متكاملة للقيادة وشعبها ومؤسساتها، كما أنها جزء أصيل من الأخلاقيات على كل المستويات. وتبقى قاعدة المملكة الدائمة في هذا الميدان مستندة فقط إلى أن العمل الإنساني والإغاثي لا دخل له بأي اعتبارات أخرى. لقد شاهدنا الطواقم والآليات وفرق الإنقاذ التابعة لمديرية الدفاع المدني، وهي تباشر العمل في مدينة غازي عينتاب التركية المتضررة بالزلزال وهو مصدر فخر للشعب السعودي. وفي ظل الأزمات والكوارث التي تمر على عالمنا من حين لآخر، تظهر المملكة برداء الإغاثة والشقيق الأكبر مع كافة الدول المتضررة والتي تعاني جراء تعرضها للأزمات، فتكون المملكة بقيادتها الرشيدة من أوائل الدول التي تمد يد العون من أجل تجاوز الأزمات وإنقاذ ملايين البشر من خطر الموت أو الضياع كون المملكة هي الأخ الأكبر وقت الأزمات على مدار السنين، ضربت المملكة مثالا رائعًا يحتذى في تقديم يد العون للدول المتضررة من الكوارث والأزمات الإنسانية؛ حيث تقدم المملكة المساعدات دون النظر لأي عوامل أخرى وهدفها إنقاذ حياة الإنسان. رسخت المملكة مكانتها العالمية وحضورها القوي في العمل الإنساني والتطوعي وتقديم المساعدات الإنسانية على مستوى العالم، التي تتضح عبر ما تقدمه من برامج إغاثية مالية ومادية بسواعد وطنية في مناطق الكوارث والحروب والصراعات، من خلال ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي يمثل قيمة إنسانية وإغاثية في العالم أجمع.