جاء إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بإطلاق تسمية "مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات" على المنطقة المخصصة لأنشطة تصنيع السيارات، الواقعة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية غرب المملكة، يمثل شرارة حقيقية لمشروع عملاق، ليكون المكان والزمان والموقع موطناً لتصنيع السيارات بمختلف نوعياتها وعلاماتها التجارية العالمية، ومركزاً اقتصادياً لتلك الصناعة، من خلال توافر بنية تحتية مجهزة لتلك الصناعات الوطنية الواعدة، والحوافز الاستثمارية المطروحة أمام كبرى الشركات المحلية والإقليمية والعالمية. وتجسد تلك الخطوة أهدافاً استراتيجية سياسية، اقتصادية وتجارية، لتقوية أواصر الصناعات الوطنية الكبيرة بالصناعات المغذية، التي تقوم عليها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومن ثم خلق أجيال جديدة من الصنّاع الماهرين المدربين، لتصبح تلك المنتجات في مركز لوجستي ينطلق إلى آفاق العالمية، بتطوير قدرات قطاع السيارات، وتسريع نمو قدرات المملكة في التصنيع والأبحاث والتطوير، وتعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، والربط مع الأسواق الإقليمية والدولية، وتوفير حلول طويلة الأمد لصناعة السيارات، من خلال الالتزام بمعايير السلامة البيئية، وخلق فرص استثمارية مثالية للقطاع الخاص، وتطوير قطاعات واعدة بالمملكة، تسهم بأكثر من 92 مليار ريال في الناتج المحلي غير النفطي بحلول عام 2035م. وليست الإنجازات بالأمنيات، ولكن المملكة تسير بخطوات عملية مدروسة، لتحقيق طموحاتها في صناعة السيارات، باستغلال أمثل لإمكاناتها الضخمة، سواء في توفر المعادن التي تدخل في صناعة السيارات، أو كبر حجم سوق السيارات فيها، حيث استوردت المملكة 700,000 سيارة العام الماضي، وتهدف إلى تغطية الطلب المحلي على السيارات والتصدير إلى الخارج، وتلك مرحلة مهمة لتقليص فاتورة الاستيراد. الجميل أن يتم التخطيط لصناعة أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً في المملكة بحلول عام 2030، بحسب ما أعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، خلال وضعه حجر الأساس لمصنع شركة "لوسيد" في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ في مايو الماضي، ضمن جهود المملكة لتنويع اقتصادها طبقاً لمستهدفات "رؤية 2030". ولأجل تلك الطموحات، جهزت المملكة بنية تشريعية عصرية جاذبة، محفزة وحامية للاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى البنية التحتية النموذجية، التي من شأنها أن تجعل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية جاذبة للشركات العالمية المصنعة للسيارات. ومن الفكر الاقتصادي الجيد اختيار أماكن المدن الاقتصادية، ومن ذلك تحتل مدينة الملك عبد الله الاقتصادية الموقع الأمثل لتربط بين الشرق والغرب؛ حيث تضم ميناءً متطوراً على ساحل البحر الأحمر، قادراً على استقبال أضخم السفن في العالم، ويمكن الوصول إلى المدينة خلال ساعة واحدة من جدة ومكة المكرمةوالمدينةالمنورة بفضل الشبكة الجديدة من الطرقات والسكك الحديدية. وتعد مدينة الملك عبد الله الاقتصادية واحدة من خمس مناطق اقتصادية خاصة استفادت من إقرار الأنظمة والتشريعات الداعمة للاستثمار في ظل «رؤية 2030»، لتوفر بيئة استثمارية تسهم في تحقيق مستهدفات تنمية الاقتصاد غير النفطي والاستثمار في القطاعات الجديدة بحوافز تنافسية، وإنشاء بيئة جذابة للمستثمرين، وترسيخ مكانة المملكة؛ لتصبح مركزاً لوجستياً، إلى جانب تمكين سلاسل الإمداد، حيث تضم منطقة اقتصادية خاصة بمساحة تبلغ 60 كيلومتراً مربعاً، جعلتها الأكبر في المملكة، وتوفر خيارات متكاملة للعمل والسكن مع مرافق أساسية متقدمة، من أبرزها، الوادي الصناعي، والمساكن، والمؤسسات التربوية. ومن هنا، يشكل «مجمع الملك سلمان» مركزاً رئيساً للشركات المحلية والعالمية في قطاع السيارات، من أبرزها مصنع شركة «سير»، أول علامة تجارية سعودية للسيارات الكهربائية، و«لوسيد موتورز»، التي افتتحت أول مصنع دولي لها في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في عام 2023، إلى جانب الكثير من المشاريع المشتركة للصندوق مع المصنّعين العالميين، منها «هيونداي موتورز» لإنشاء مصنع عالي الأتمتة لتصنيع السيارات بالمملكة، واتفاقية المشروع المشترك مع شركة «بيريللي» لتأسيس مصنع للإطارات في المملكة. وبالطبع، سيستفيد «مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات» من البيئة التشريعية الداعمة للاستثمار التي وفرتها «رؤية المملكة 2030»، والحوافز الاستثمارية التي تقدمها المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية وبنيتها التحتية اللوجستية، وارتباطها بالميناء المتطور في موقع حيوي للتجارة العالمية، من أجل توفير فرص للقطاع الخاص المحلي والشركات العالمية كشريك، مورّد ومستثمر في قطاع السيارات والخدمات المرافقة. إن المستقبل يحمل آمالاً كبيرة للمجمع، ليقود قطاع تصنيع سيارات النقل وغيرها في المنطقة، صناعةً استراتيجية واعدة، وممكّناً لصناعة المركبات وحلول النقل الذكي، حيث سيصبح متخصصاً في هذا المجال ويدعم الناتج المحلي غير النفطي وزيادة الصادرات، ليتوافق المجمع مع تعزيز مسيرة التحول الاقتصادي التي تقودها «رؤية 2030»، وتطوير قدرات قطاع السيارات في المملكة، وتسريع نمو القدرات المحلية في التصنيع والأبحاث والتطوير، مع تعزيز كفاءة سلاسل الإمداد، والربط مع الأسواق الإقليمية والدولية، وفتح آفاق جديدة للتعليم الفني والتقني، إضافة إلى التعليم الجامعي المتخصص في الهندسة والذكاء الاصطناعي، وتأهيل خبراء في البيئة وانبعاثات الكربون والطاقة المتجددة، وجميعها تخدم صناعة السيارات. وسيعمل المجمع على دعم الصناعة المحلية، وزيادة صادرات المملكة إقليمياً وعالمياً في المستقبل القريب، وتعزيز التنمية المناطقية، إلى جانب توفير بيئة داعمة وحوافز استثمارية لخلق فرص للقطاع الخاص بصفته شريكاً، مورّداً ومستثمراً في السيارات والخدمات المرافقة. كما يُعدّ قطاع السيارات والنقل أحد القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية لصندوق الاستثمارات العامة، حيث تضم محفظته الكثير من الاستثمارات في المنظومة بالشراكة مع القطاع الخاص، لتعزيز البنية التحتية ودعم تطوير قدرات سلاسل الإمداد المحلية، مستهدفاً دعم تطوير الخبرات والتقنيات المحلية، بمشاريع مشتركة مع كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع السيارات والصناعات المرتبطة بها. كما يستهدف «صندوق الاستثمارات العامة» دعم توطين التقنيات ونقل المعرفة، وتطوير الخبرات والتقنيات المرتبطة بالقطاع، إلى جانب استحداث الوظائف، من خلال اتفاقيات المشاريع المشتركة مع كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع السيارات والصناعات المغذية الأخرى. ويدعم الصندوق مستهدف ريادة المملكة في حلول مستقبل النقل المستدام، خصوصاً في مجال السيارات الكهربائية، بما يعزز النمو الاقتصادي المستدام، والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، بما يتماشى مع «رؤية 2030»، معززاً رحلة التحول في قطاع السيارات والنقل على مستوى المملكة، وتعزيز التنويع الاقتصادي، كما يطمح إلى رفع مستوى الإنتاج المحلي، ونقل الخبرات العالمية، وتوفير فرص استثمارية للقطاع الخاص. ومن المنتظر أن يصبح «مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات» مركزاً لتصنيع المركبات التقليدية والكهربائية والهجينة محلياً وإقليمياً ودولياً، وسينتج العلامات التجارية العالمية، بخطوات مدروسة جاذبة للشركات الأجنبية في هذا المجال، التي تبحث عن البنية التحتية الجاهزة المتوفرة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مع توطين للصناعات الثقيلة كثيفة العمالة، والحرص على تطوير الصناعات الوطنية، وجعل المملكة قوة صناعية في مجال تصنيع وإنتاج المركبات التي ستنتشر في المنطقة والعالم، إلى جانب توليد الوظائف والمساهمة في انخفاض معدل البطالة في البلاد. إن المملكة تبحث عن الفرص الاستثمارية الجذابة، التي تساهم في تنويع مصادر الدخل للبلاد، وعدم الاعتماد على القطاع النفطي، لتمكين الشركات، إضافة إلى البيئة التشريعية الداعمة، بعد أن عملت المملكة على تعديل الأنظمة واللوائح الممكنة للاستثمار، والبنية التحتية والتقنية، لتكون عنصراً لجذب كبريات العلامات التجارية الدولية للدخول والاستثمار في المجمع.