نحن في سباق مع الزمن، والفرص لا تنتظر أحدا.. ولكي تفوز بثمرة النجاح لا بد أن تكون مثابراً ومستمراً، وبالطبع لا يعقل أن يكون "التوقف" خياراً متاحاً! نعم البيئة التنافسية من حولنا تفرض علينا الجِدة والتيقظ، والركض دون توقف، واستغلال الفرص، حتى نتقرب من تحقيق الهدف الأسمى وهو النجاح، وما يرافقه من ازدهارٍ اقتصادي، وراحة نفسية، ومكانة اجتماعية. لكن رغم ذلك لا بد أن نتعلم مهارة تحمي حياتنا من الفشل الأكبر، وهي شجاعة القدرة على "التوقف"! والمقصود هنا أن تتوقف بملء إرادتك، وليس توقفاً قسرياً، بسبب ظروف أو ضغوط، هذه المهارة لن تكتسبها وأنت لا تعرف نفسك، وتجهل ما ترغب أنت وليس ما يرغبه الآخرون. نغل أن يكون "التوقف" الخيار الأفضل في بعض الحالات، بل قد يكون أنضج قرار تتخذه، حين الوصول إلى طريق مسدودة، أو بدلاً من السقوط نحو الهاوية، قد يكون الخيار الحكيم الذي يحفظ الحياة والجهد والوقت، ويجنبنا لحظات الانكسار وضغوط الفشل. أنت أكثر من يدرك نفسك، وأكثر من يعرف قدرتك على المواصلة، حتى الوصول إلى الهدف، ناهيك عن ضرورة تكيفنا مع تغيّر الأهداف والأحوال، أو تبدل القيم والرغبات، فما كان هدفاً بالأمس قد يصبح مضيعة وقت أو جهد! للأسف قد نتمسك بأهداف لم نعد نرغب بها، نظراً لخوفنا من توقعات المجتمع منا، أو لأننا لا نريد الاعتراف بتغيرنا! بعض من الأهداف لا تبصرها إلا حينما تتوقف عن بعضها، كما لو بصيرتك أضيئت من جديد، فتتوقف هنا لتنطلق هناك، وتحقق أهدافاً أعظم، فكم من مسيرة دراسية تحوّلت إلى مشروع تجاري لافت، وكم من وظيفية رتيبة تحوّلت إلى أعمال حرة ناجحة، وكلمة السر تبدأ حينما تدرك أنه حان وقت "التوقف"، والانتقال إلى فرصة بديلة أفضل. نتردد عن "التوقف"، ونحن نفكر فيما بذلناه من وقت وجهد ونحوه، دون أن ندرك أن الاستمرار قد يكلفنا أكثر، والأسوأ أنه قد يُبعدنا عن أهدافنا الأخرى، خاصة إذا كانت التكلفة أعلى من العائد، سواء من استهلاك الطاقة النفسية أو الصحة الجسدية، دون مردود مناسب، بل قد نخسر العلاقات والفرصة نتيجة لهوس الاستمرار بغض النظر عن أي شيء آخر. قد يكون "التوقف" أبسط من ذلك، فقط لأنك تعلمت ما يكفي، لأن الرحلة نفسها قد تكون أكثر قيمة من هدف الوصول، فحينما تحقق ما يكفيك من معرفة وخبرة قد يكون الوقت حان للتوقف والمضي قدماً. بالتأكيد "التوقف" ليس ضعفاً أو استسلاماً، بل خطوة إعادة تموضع نحو هدف أفضل. كل ما أتمناه منك أن تضع "التوقف" خياراً جديراً بالتحميص والدراسة، وأنت في نهاية الأمر من يتخذ القرار.