الصين تفكر في الوقت الحالي بالعمل على كبسولات للركاب، تستطيع التحرر من أجزاء الطائرة وأجنحتها التي توجد فيها خزانات الكيروسين المميتة، وإنزالها آلياً بالمظلات في حالات الحوادث، وبحيث تكون عمليات التوجيه والتحكم بها عن طريق الذكاء الاصطناعي، والمتوقع بدء العمل الفعلي على هذه التقنية في العام 2035 أو بعد عشرة أعوام.. كانت حوادث الطيران في 2024 قياسية وغير معتادة، والمختصون يعتبرونها من بين الأسوأ في التاريخ الإنساني، منذ اختراع الطائرة، فقد وقعت 12 حادثة في شهر ديسمبر وحده، والجزء الأكبر من الوفيات كان فيه، وعددهم إجمالا 240، بينما لم تتجاوز الأعداد عام 2023، حاجز ال 72 وفاة، والفارق بينهما يصل لثلاثة أضعاف تقريباً، ولا بد من الإشارة إلى أنه وبحسب الأرقام المرصودة، لم يسجل خلال الفترة ما بين عامي 2013 و2023، إلا 99 حادث طيران مأساوي لا أكثر، وبواقع 60 حادث طيران تجاري في أفريقيا، و25 في منطقة الشرق الأوسط، و 14 في أوروبا، والأرقام معقولة قياسا لإجمالي الأعوام. في دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتقنية (إم آي تي)، اتضح أن خطر الوفاة لكل صعود على الطائرة، وتحديداً ما بين عامي 2018 و2022، يصل إلى واحد من كل 13 مليون و700 ألف رحلة، ويرجع المختصون السبب في 70 % من الحالات لخطأ الطيار نفسه، ومن ثم تأتي بعده الأعطال الميكانيكية بنسبة 20 %، والظروف الجوية بنسبة 10 %، وهو ما يعطي وزناً وأهمية خاصة لتأهيل الطيارين، والتأكد من أنهم حصلوا على ساعات نوم كافية، ولا يعانون من مشاكل تحول دون إقلاعهم بالطائرة، ولديهم الخبرة المطلوبة في التعامل مع الأمور الطارئة، ومع أنظمة الطيران المتقدمة. الوفيات السابقة لن تغير شيئاً في مأمونية الطيران، مقارنة بوسائل النقل الأخرى، لأنها لا تشكل نسبة تذكر بالنظر لأعداد المسافرين جواً، عام 2024، وهؤلاء يقدرون بحوالي أربعة مليارات مسافر، ومن الأمثلة، أن حادثة تحطم طائرة شركة الطيران الاقتصادي الكورية الجنوبية (جيجو إير)، والتي تسببت في وفاة 179 من أصل 181 شخصاً كانوا بداخلها، ولم يسلم إلا شخصان، كلاهما من الطاقم المتواجد في مؤخرة الطائرة، تمثل أول حادثة وفيات تعرفها الشركة، وذلك منذ تأسيسها في 2005، أو طوال 19 عاماً، وكوريا الجنوبية معروفة بمعاييرها العالمية، وبالأخص في مجال الملاحة الجوية، وبشهادة منظمة الطيران المدني الدولي، المعروفة باسم (الإيكاو)، وما حدث يصعب فهمه نسبياً، إلا إذا ربط بزحمة أعياد الميلاد. آخر حادث لشركة طيران كورية جنوبية سقط فيه ضحايا، وقع في 2013، عندما اخفقت شركة (أسيانا إيرلاينز)، من الهبوط في مطار سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، وتسبب ذلك في وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة 182، وحادثة الطيران الكوري الجنوبي، الأكثر حصدا للأرواح كانت في 1983، لشركة (كوريان إير)، المتوجهة من نيويورك إلى سول، وقد أسقطتها مقاتلة سوفيتية، وتوفي فيها 246 راكبا، وما جرى للطائرة الأذربيجانية، التي تحطمت في مدينة غروزني الشيشانية لا يبتعد كثيرا، والفارق أنها نتيجة خطأ من الدفاعات الجوية الروسية، وبسبب دخول الطائرة المدنية منطقة عمليات عسكرية ساخنة، مع ملاحظة أن توقف المحركات تماما لا يسقط الطائرة، وإنما يفقدها قوة الدفع، ويجعلها تهبط تدريجيا، ويمكنها مواصلة الطيران لمسافة يحددها ارتفاعها. بالإضافة لما سبق، القول إنه لا غرابة في وجود جدار إسمنتي فى نهاية المدرج، في حادثة طائرة مطار (موان) الكوري، ووصفه بالأمر الطبيعي ليس صحيحاً، ويخالف اشتراطات وتشريعات السلامة المقررة من (الإيكاو)، والمفروض ترك المدرج مفتوحا، أو يكون الجدار مصنوع من مادة قابلة للكسر، وتسمح باختراقه في الظروف الطارئة، بخلاف أن أسراب الطيور فوق المطار، والتي قيل إنها من البط البري، الذي يحلق عالياً، ويكثر في هذه الأيام، لا يمكن أن تسقط طائرة، ومن الشواهد، اصطدام طيار بطيور ونجاحه من الهبوط في نهر هدسون، بمدينة نيويورك عام 2009، ومعه في الطائرة 155 راكباً، بلا وفيات أو إصابات أو أضرار تذكر، وإذا هبطت الطائرة بدون عجلات على المدرج، الواجب استباق ذلك، في رأي أهل الاختصاص، بوضع رغوة سائلة تخفف من احتكاك الطائرة، وتساعدها على الانزلاق الأمن، وهذا لم يحدث مع طائرة (جيجو إير) الكورية، لأسباب غير معروفة، وأتمنى أن لا يدخل ما حدث ضمن المنافسة أو المناطحة بين شركات الطيران الكورية، لإفلاس بعضها أو إخراجها من السوق، خصوصاً أن شركة (جيجو إير) تحتكر حصة تحسد عليها، في سوق النقل التجاري الجوي بكوريا الجنوبية، وفرضية الخطأ المصنعي واردة. الصين تفكر في الوقت الحالي بالعمل على كبسولات للركاب، تستطيع التحرر من أجزاء الطائرة وأجنحتها التي توجد فيها خزانات الكيروسين المميتة، وإنزالها آلياً بالمظلات في حالات الحوادث، وبحيث تكون عمليات التوجيه والتحكم بها عن طريق الذكاء الاصطناعي، والمتوقع بدء العمل الفعلي على هذه التقنية في العام 2035 أو بعد عشرة أعوام، والأمر مرهون بضبطها والسيطرة عليها، حتى لا تتحول إلى نسخة من كمبيوتر (هال)، الذي يعمل عكس إرادة قائد المركبة الفضائية، ويرفض فتح الباب وتمكينه من دخولها، لأنه يشكل خطراً على مهمتها، أو مثلما حدث في فيلم (2001 سبايس أوديسي) المعروض عام 1968.