الحرائق السياسية تعاود الاشتعال إذا كانت الحلول تتعامل مع الأعراض ولا تطال الأسباب، اتفاق غزة هو اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يتنافس بعض السياسيين على دورهم في تحقيقه وكأنه إنجاز تاريخي عظيم أنهى الاحتلال الإسرائيلي وتوسعه الجشع، وتوصل إلى سلام عادل شامل. الواقع يقول إن ما تحقق في اتفاق غزة هو خطوة إنسانية لكنه حل جزئي ولذلك يطلق عليه مسمى (هدنة)، وهذا يعني أن الوضع قابل للاشتعال مرة أخرى لأن العدالة حتى الآن لم تتحقق ولن تتحقق إلا إذا توفرت الرغبة الدولية الصادقة التي تتعامل مع الأزمة بحياد يفرض القوانين الدولية على الجميع. إسرائيل دأبت على تفتيت قضية فلسطين إلى جزئيات ثم تشتغل الآلة الإعلامية لتصور للعالم أن حل جزئية من هذه الجزئيات إنجاز عظيم يستحق جائزة نوبل للسلام! إنه علم النفس السياسي الذي تجيد إسرائيل ومن يدعمها تطبيقه بنجاح منذ بدء الاحتلال وحتى الآن! المجتمع الدولي بمنظماته وهيئاته المختلفة مسؤول عن تنفيذ القرارات الدولية ودعم المبادرات السلمية، ليس المهم متى صدرت ومن بادر بطرح الحلول السلمية، المهم هو الموقف الدولي المحايد الذي يبحث بجدية عن سلام عادل شامل، ويدعم بقوة ما صدر من قرارات لتحقيق هذا الهدف. حتى الآن لا توجد آلية ملزمة لإسرائيل لاحترام القرارات الدولية، ما يعني استمرار الأزمة وتفتيتها إلى جزئيات لإلهاء العالم عن القضية الأساسية. الانتصار الحقيقي للمجتمع الإنساني والمجتمع الدولي وللجميع هو تحقيق السلام العادل الشامل.. فهل لدى إسرائيل الرغبة الحقيقية في الوصول إلى هذا الحل، وهل الداعمون لها لهم نفس الموقف؟ سؤال ملح: هل من يشعل الحرائق هو المؤهل لإطفائها؟.