يحظى استهلاك عبوات المياه كمصدر موثوق للشرب بقبول واسع في الاستخدام من قبل كثير من الناس، حيث بلغت نسبة اعتماد الأسر في المملكة على شرب العبوات بنسبة تقارب (58 %) خلال العام (2023م)، بحسب الهيئة العامة للإحصاء؛ ومن المتوقع استمرار زيادة وتيرة الاعتماد على مياه العبوات في ظل المنافسة القوية بين شركات المياه في السوق المحلي، إذ يقدر حجم استهلاك الفرد من المياه المعبأة بمعدل (202) لتر، وهو من أعلى المعدلات العالمية، بحسب دراسة أجرتها «يورومونيتور إنترناشيونال» في عام (2021م)، كما أظهرت تلك الدراسة بأن حجم قطاع المياه المعبأة في المملكة يقدر بنحو (8) مليار لتر وبقيمة تقارب (8) مليار ريال، وتستحوذ الشركات الكبيرة في السوق من حيث القيمة والحجم على نحو (84 %) من إجمالي الحصة السوقية؛ وتفيد الإحصائيات الحديثة الصادرة عن «جي وورلد»، أن عدد شركات المياه المرخصة محليا قارب (214) مصنعا في عام (2023م)؛ وتشير كذلك التوقعات بأن يتوسع نمو حجم سوق عبوات مياه الشرب بمعدل سنوي يزيد عن (8 %) بمبيعات قد تصل إلى ما يقارب (43) مليار ريال بحلول عام (2032م)، بحسب تقرير صادر عن «فيوتشر ماركت انسايت». تعج أسواقنا المحلية بعدد كبير من شركات المياه المعبأة ويجد المستهلك نفسه حقيقة حائراً في المفاضلة بينهما في ظل التفاوت الواضح والفاضح سواء في الجودة أو الاسعار، فمصانع المياه المعبأة تتنافس فيما بينها لتقديم نفسها بأنها هي الأفضل في السوق وبأن مياهها المعبأة هي الأمثل تحت شعارات رنانة وعبارات تسويقية متنوعة لزيادة المبيعات، مثل مصدر المياه، أو الأملاح الصلبة الذائبة، أو المكونات المعدنية، أو طريقة المعالجة، أو حموضة أو قلوية المياه، أو نسبة الفلورايد، أو مأمونية العبوات، أو منافذ البيع، أو الشعارات الرسمية المكتسبة اختيارياً، وغير ذلك؛ فالمستهلك العادي لا يقدر على الوقوف على مدى الموثوقية والصحة لاستعمال هذه الشعارات، في ظل غياب رؤية واضحة وآلية رقابية صارمة لإجازة استخدام مثل هذه العبارات متى كان استعمالها صحيحا، أو معاقبة الشركات التي تستغل ذلك لتضليل المستهلك، أو لا تلتزم بالحد الأدنى من المتطلبات لمأمونية وسلامة منتجها من المياه المعبأة؛ «الهيئة العامة للغذاء والدواء» تقول إنه لا يمكن الحكم بأفضلية مياه شرب معبأة على أخرى لوجود متطلبات معينة في جميع أنواع مياه الشرب المعبأة، ولا يسمح ببيع مياه دون استيفاء الحد الأدنى من هذه المتطلبات، في المقابل بعض الشركات تتكئ في ترويجها لمياهها المعبأة على شعارات رسمية مكتسبة اختياريا، مثل «علامة الجودة» وعلامة «صنع في السعودية»، وهي بطبيعتها برامج اختيارية، ولكن الحصول عليها يستلزم توفر حد أدنى من المتطلبات الفنية، فهل يعني ان عدم حصول مصنع مياه شرب معبأة على أحد هذه الشعارات أو كلاهما، عدم تمتعها بالحد الأدنى من المتطلبات الفنية مقارنة بمصنع المياه الذي حصل عليها؟! هذا فضلا عن ان كثير من التقارير أثبتت خطر الشرب من عبوات المياه البلاستيكية في الأيام الحارة نتيجة تأثر عبوات المياه بدرجات الحرارة عبر انتقال المركبات الكيميائية من العبوات إلى الماء، والكل يعرف مدى حرارة أجوائنا الصيفية، والكل يعلم كيف يتم نقل كراتين مياه الشرب وتوصيلها في مركبات غير مهيأة للحماية من حرارة الشمس بالمخالفة للتعليمات لتأثيراته المتعدية والثابتة طبيا على الصحة العامة.