على الرغم من تسجيل قضايا الاحتيال المالي المباشر انخفاضًا في المملكة بسبب قوة الأنظمة الرادعة وارتفاع معدل الوعي لدى الأشخاص، إلا أن مكاتب المحامين سجلت قضايا عدة تعود لكبار سن وقعوا ضحية احتيال مالي مباشر، ما أدى لخسارتهم مدخراتهم الاقتصادية بعد أن سلموها مباشرة لأشخاص بهدف استثمارها لهم؛ كأن يدخلوها لهم في محافظ مالية يديرونها بشكل غير نظامي في سوق الأسهم، أو تشغيلها في مشاريع غير واضحة وبدون أوراق ثبوتية أو وجود أوراق صورية لا تستند لأي مقومات شرعية أو نظامية. ورصدت "الرياض" بعض الحالات التي حصل أصحابها على سندات تنفيذ واجبة الدفع، وثبت على أحدهم انشغال ذمته المالية بشعرات الملايين لأشخاص متعددين وذلك ضمن عمليات احتيالية مباشرة حصل على أموالهم مباشرة منهم، كما تتم حالات احتيال غير مباشرة تكون عن طريق منح الشخص أرقامه السرية بحسن نية لأشخاص مجهولين يخترقون من خلالها حسابه البنكي أو عبر احتيال الكتروني يقع ضحيته الشخص كنتيجة لعدم وعيه، ما يستوجب زيادة الوعي. وتشير التقديرات العالمية إلى أن المملكة تعد الأقل عالميا في عمليات الاحتيال التي تتكبد دول العالم خسائر فادحة قدرت بنحو 6.5 تريليونات دولار وذلك بعام 2021، فيما يتوقع ان تصل الخسائر جراء قضايا الاحتيال المالي بنحو 10.5 تريليونات دولار في 2025، وسجلت الإحصاءات أن حجم النمو في قضايا الاحتيال يزداد بنسبة 15 %. وعن الاحتيال المباشر قال المستشار القانوني المحامي هشام الفرج: "إن طلب أي شخص أخذ الأموال من أشخاص بهدف استثمارها في محفظة لسوق الأسهم بدون مخول نظامي يوجب إعادة الأموال لأصحابها"، مؤكدا ل"الرياض" أن نظام مكافحة الاحتيال المالي في المملكة يعد رادعا لكل محتال ويسهم في الحد من عمليات الاحتيال المالي، ووقوع الخسائر المالية لدى الأشخاص، ما يضعف من قدراتهم الاقتصادية ويبدد مدخراتهم، أن على نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة ينص في المادة الثانية على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز (خمس) سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على (ثلاثة) ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من استولى دون وجه حق على مال سُلّم إليه بحكم عمله أو على سبيل الأمانة، أو الشراكة، أو الوديعة، أو الإعارة، أو الإجارة، أو الرهن، أو الوكالة، أو تصرف فيه بسوء نية، أو أحدث به ضرراً عمداً، وذلك في غير المال العام". وأبان بأن المحتال قد يعمد إلى أخفاء الأموال، وقال: "إن نظام التنفيذ ينص في المادة ال88 على أنه: "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل مدين ارتكب أيًّا من الجرائم الآتية، الامتناع عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في حقه، أو ثبت قيامه بإخفاء أمواله، أو تهريبها، أو امتنع عن الإفصاح عما لديه من أموال". وذكر بأن هناك محتالين يستنزفون أموال "حسني النية"، وقال: "إن القانون صارم، بيد أن المحتالين يستغلون الأشخاص الذين نيتهم حسنة، فمن المهم أن التشدد في تطبيق النظام بحق المحتالين، فالمطلوب تأهيل وتخصيص جهة للبحث والتحري عن مثل هذه التلاعبات لينفضح المحتالين الذين يستنزفوا أموال حسني النية وأغلبهم من كبار السن بحجة استثمار مدخرات حياتهم، وفي الحقيقة يجعلوهم ضحايا للاحتيال". إلى ذلك تعد أنظمة الأمن السيبراني أحد أهم عناصر منع الاحتيال في المملكة، بيد أن المشكلة الأساس تكمن في الاحتيال المباشر الذي يقع ضحيته أشخاص، وقال المختص بالأمن السيبراني م. محمد العوامي: "إن الواقع يثبت في المملكة أن أنظمة البنوك لم تخترق مباشرة، بل هناك عدم وعي في الأشخاص من أصحاب الحسابات البنكية الذين يستجيبون للمحتالين الذين لديهم أساليب جديدة وبعضها يحفز ويغري الضحية بربح أو ما شابه"، مشددا على أن ليس هناك أي تسجيل لاختراق في تطبيقات ومنصات مهمة مثل أبشر أو نفاذ أو غيرها، وهناك مواقع مزيفة وهمية عبرها يكون الشخص ضحية، وقال:" على الجميع أن يحمي نفسه عبر الوعي والانتباه لأي موقع قبل استخدامه". إلى ذلك أشار رئيس نيابة الاحتيال المالي في النيابة العامة الدكتور نايف الواكد في تصريح سابق إلى تزايد جرائم الاحتيال المالي عالميًا، مؤكدا أن المملكة تعد الأقل عالميًا في مثل هذه الجرائم، مشددا على أهمية وعي الأفراد بالأساليب التي يستخدمها المحتالون، مؤكدا أن نيابات الاحتيال المالي تعمل بشكل مستمر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جميع مناطق المملكة، لتلقي بلاغات الاحتيال المالي من جهات الضبط الجنائي، إذ يمكن الإبلاغ الفوري للشرطة والبنك يعد خطوة حاسمة لضمان استرداد الأموال التي تم الاستيلاء عليها ومنع تحويلها للخارج، مشيرا إلى أن تفخر بحصولها على المركز الأول عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني (GCI) لعام 2024 في الفئة الأعلى، ما يعكس قوة الأنظمة الإلكترونية الحكومية وحمايتها الفائقة، مؤكدًا أنه بناءً على التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة، لم يتم تسجيل أي جريمة احتيال مالي ناتجة عن اختراق الأنظمة السيبرانية للمملكة، وأن جميع الجرائم المسجلة كانت نتيجة استغلال الجناة للبيانات الشخصية للضحايا. م. محمد العوامي