يوماً بعد آخر، يجني الاقتصاد السعودي ثمار برامج رؤية 2030 التي وعدت قبل ثماني سنوات ببناء اقتصاد وطني، ولكن بمواصفات عالمية تجعله مؤثراً في محيطيه الإقليمي والدولي، عبر قدرته على استحداث قطاعات اقتصادية ذات مردود عالٍ ومستدام، وذلك ضمن هدف استراتيجي عملت عليه الرؤية مبكراً، بتقليص الاعتماد على دخل النفط المتذبذب في أسعاره. بدأت الرؤية برامجها بوضع التصورات والخطط للنهوض بالاقتصاد السعودي من خلال إصلاحات شاملة طالت المنظومة الاقتصادية بالكامل، مع تحديد الأولويات التي ينبغي التركيز عليها، ولم تنسَ الرؤية أن تعلو بسقف تطلعاتها إلى أعلى مستوى ممكن، واضعة كل ثقتها في قدرة المواطن على ترجمة تلك التطلعات إلى واقع معاش. واعتمدت الرؤية سياسة إعادة توظيف المكتسبات والإمكانات الوطنية، في صورة مشاريع عملاقة تدر على خزينة الدولة أرباحاً متصاعدة، ويظهر ذلك جلياً في أرقام وإحصاءات الميزانية العامة للمملكة، وما تشهده من نمو تدريجي في الناتج المحلي عاماً بعد آخر، وصولاً إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال الربع الثالث من العام الجاري (2024م) بنسبة 2.8 % مقارنةً بما كان عليه في الفترة نفسها من العام السابق، مدعومًا بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.3 % مقارنةً بما كانت عليه في الفترة نفسها من العام السابق، لتتجاوز مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي نسبة 52 % في الربع نفسه. ما كان للمملكة أن تحقق هذا النمو المتصاعد في الناتج المحلي لولا نجاح القيادة الرشيدة في تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي، وخطط تنويع مصادر الدخل، من خلال الرهان على قطاعات اقتصادية بعينها رأت الدولة أنها قادرة على دعم الاقتصاد الوطني، هذه القطاعات ليس أولها السياحة والترفيه، وليس آخرها الصناعة والتقنيات الحديثة، الأمر الذي عزز من النظرة الإيجابية لمستقبل اقتصاد المملكة، في ظل التقدم والتوسع في تنفيذ المشاريع والمبادرات الاستراتيجية المتعلقة بتنويع مصادر الدخل. نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة خلال الربع الثالث من هذا العام، أكبر دليل على قوة الاقتصاد السعودي، وعلى قدرة الرؤية على إحداث التغيير المطلوب في إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بطريقة صحيحة ونموذجية، ويشير إلى ذلك أن هذا النمو تحقق على الرغم من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، فضلاً عن مختلف التحديات الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية التي يعيشها العالم، جراء تزايد الصراع في منطقة الشرق الأوسط والعالم.