سيطرت "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها على "غالبية مدينة حلب" في شمال سورية، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت، بعد يومين على بدء هجوم مباغت ضدّ القوات الحكومية أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص. وشنّت طائرات حربية روسية غارات ليلا على أحياء المدينة للمرة الأولى منذ العام 2016، وفقا للمرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة كبيرة من المصادر في سورية. ويعدّ القتال الناجم عن هذا الهجوم الأعنف منذ سنوات في سورية. وفي العام 2015، تمكّن الرئيس بشار الأسد، من استعادة السيطرة على جزء كبير من البلاد، وعلى مدينة حلب بأكملها في العام 2016. مع ذلك، بقيت مناطق واسعة خارجة عن السيطرة، إذ استمرّت "هيئة تحرير الشام" وحلفاؤها في السيطرة على أجزاء من محافظة إدلب (شمال غرب) وعلى مناطق في محافظة حلب المجاورة، إضافة إلى مناطق في متاخمة في محافظتي حماة واللاذقية. كما تسيطر القوات الكردية على مناطق واسعة في شمال شرق البلاد. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت إنّ "هيئة تحرير الشام" وفصائل مدعومة من تركيا "سيطرت على غالبية المدينة (حلب) ومراكز حكومية وسجون". والسبت، أقرّ الجيش السوري بدخول الفصائل إلى "أجزاء واسعة" من مدينة حلب، مشيرا إلى مقتل العشرات من عناصره خلال معارك امتدت على مساحات واسعة، وفق ما أوردت وزارة الدفاع. ونقلت الوزارة عن مصدر عسكري قوله "تمكنت التنظيمات الإرهابية خلال الساعات الماضية من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب" بعدما نفذ الجيش عملية "إعادة انتشار هدفها تدعيم خطوط الدفاع". وجاء ذلك بحسب المصدر بعد "معارك شرسة... على شريط يتجاوز 100 كم لوقف تقدمها وارتقى خلال المعارك العشرات من رجال قواتنا المسلحة شهداء". ومنذ بدء الهجوم الأربعاء، أسفرت العمليات العسكرية عن مقتل 311 شخصا، 183 منهم في "هيئة تحرير الشام" ومئة من عناصر الجيش السوري والمجموعات الموالية للحكومة، إضافة إلى 28 مدنيا، وفقا لحصيلة جديدة صادرة عن المرصد السوري. أفادت وسائل إعلام حكومية عن مقتل أربعة مدنيين لدى تعرّض المدينة الجامعية في مدينة حلب للقصف الجمعة. وأفادت إذاعة "شام اف ام" المقرّبة من الحكومة عن "تجنّب معظم المدنيين الخروج من منازلهم وإغلاق شبه تام للمرافق العامة والخاصة في المدينة". وأتاح الهجوم سيطرة مقاتلي الفصائل على حوالى 50 مدينة وقرية في الشمال، بما في ذلك مدينة سراقب الرئيسة في محافظة إدلب جنوب حلب، عند تقاطع طريقين سريعين يربطان دمشق بحلب واللاذقية، وفقا لما ذكره المرصد. ويسري في إدلب منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة، وأعقب هجوما واسعا شنّته قوات الحكومة بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر. الجمعة، دعت تركيا التي يسيطر جيشها على مناطق عدّة في شمال سورية، إلى "وقف الهجمات" على مدينة إدلب ومحيطها. من جانبه، أعلن الجيش الروسي أنّ سلاح الجو التابع له شنّ عمليات قصف الجمعة على مجموعات "متطرّفة" في سورية، دعما للقوات النظامية، وفقا لوكالات أنباء روسية. وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "على دعم إيران المستمر لحكومة سورية وأمنها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب". وتشهد سورية منذ العام 2011 حربا أعقبت احتجاجات شعبية ، وأودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص كما دفعت الملايين إلى النزوح، وأتت على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.