على الرغم من تسجيل الميزانية العامة لعام 2025 عجزاً متوقعاً يبلغ 101 مليار ريال، إلا أن العجز آخذ في التقلص بسبب السياسات الاقتصادية الحكومية التي ترتكز على تنويع الاقتصاد، و»الرياض» التي رصدت أهم العلامات الاستراتيجية في مفاصل الاقتصاد السعودي وقفت على منجزات الوطن الاقتصادية، إذ كشفت أحدث البيانات عن نمو قوي ومتسارع في مختلف القطاعات، وسجلت نسبة نمو الناتج المحلي إجمالي رقماً قياسياً بلغ 64 %، مما يعكس الديناميكية والحيوية التي يشهدها الاقتصاد الوطني. ثقة المستثمرين وعزز هذا النمو القوي الاستثمار الخاص الذي حقق نسبة 24.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، مؤشراً على ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي وفرص النمو المتاحة، كما شهدت سوق العمل تحسناً ملحوظاً، إذ ارتفعت نسبة زيادة عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة 23 %، ما يعكس نجاح الجهود المبذولة لتوطين الوظائف وتمكين الكوادر الوطنية، وتشير التوقعات إلى استمرار هذا النمو القوي، إذ من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بنهاية عام 2024 إلى 3.7 %، وشدد خبراء اقتصاديون على أن ميزانية العام 2025 تؤكد عزم المملكة المضي قدماً نحو تحقيق أهداف الاقتصاد الوطني، وأنها تسير في الطريق الصحيح، إذ إن هذه الأرقام القياسية تؤكد نجاح الاستراتيجيات الاقتصادية التي تنتهجها المملكة، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد الوطني. نمو الإنفاق 5 % سنوياً وتوقع د. محمد القحطاني، الخبير الاقتصادي، أستاذ الإدارة الدولية والموارد البشرية والمشاريع بجامعة الملك فيصل، أن تعمل المملكة على زيادة في الإنفاق مقدارها 5 % سنوياً، مؤكداً أن الأرقام التي لا تخطئ تؤكد قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وأن العجز الحالي ضئيل قياساً بمنجزات التنوع الاقتصادي وحجم الأصول التي تملكها المملكة، وقال: «إن الاقتصاد السعودي لديه أوعية مالية متنوعة قوية جداً تتمثل في إيرادات النفط التي تشكل 48 %، وكذلك إيرادات صندوق الاستثمارات العامة واحتياطات العملة الأجنبية والأصول خارج المملكة، ما يجعل المملكة ذات قوة ائتمانية تمنحها الاستقرار وإيجابية الإنفاق وإيجابية الاستمرار في الإنفاق حتى وإن كان هناك عجز متوقع»، مضيفاً: «إن المملكة تستطيع أن تغطي أي عجز مهما بلغ حجمه بسهولة، والدليل تصنيف المملكة من قبل وكالة موديز كقوة ائتمانية عند مستوى Aa3 وهذا يعني قوة ائتمانية إيجابية مستقرة، ويتبقى على المملكة أخذ أعلى تصنيفين لتصل إلى أعلى درجة في قوة الائتمان المالي وهي AAA». وتابع: «إن العجز الحالي ننظر له على أنه يحفز القطاعات على النمو، ووجوده يكون إيجابياً من أجل تحفيز القطاعات التي ذكرتها رؤية المملكة 2030 من ذكاء صناعي وسياحة وترفيه وصناعة وغيرها». وقال رجل الأعمال حسين المعلم: «حققت المملكة نجاحاً لافتاً عبر تعزيز اقتصادها المتنوع وفقاً لرؤية المملكة 2030 التي عكست قوته التوجهات الحكومية منذ انطلاق الرؤية، وصولاً للوقت الحالي الذي بات فيه الاقتصاد بعيداً جداً عن الاعتماد على النفط كسلعة دخل وحيدة، خاصة أن المملكة التي تعد بلداً قارياً ضخماً لا يمكن أن تستمر في الاعتماد على سلعة واحدة تتجسد في النفط»، مضيفاً: «وقفنا على العجز المسجل والمقدر بنحو 101 مليار ريال، إلا أن ذلك يتقلص بسبب الإصلاحات والسير قدماً في الطريق الاقتصادي الصحيح»، مشيراً إلى أن لغة الأرقام هي من تعتمد في عالم الاقتصاد وفقاً لتحليل البيانات الاقتصادية المهمة. سياسات الإنفاق التوسعي وتابع: «إن العجز الذي شهدته الميزانية عائد لاتخاذ الحكومة لسياسات الإنفاق التوسعية التي تدعم النمو الاقتصادي، وتقليص العجز متحقق وآخذ في التقلص، خاصة أن سياسات المملكة الاقتصادية تتجه بقوة نحو تنويع الاقتصاد وفقاً لرؤية المملكة 2030 التي تشدد على أهمية التنوع الاقتصادي، وعدم الاعتماد على سلعة وحيدة»، مضيفاًَ: «إن المملكة نجحت في تحقيق إنجاز اقتصادي كبير يتمثل في تقليل اعتمادها على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، فبعد سنوات من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة والاستثمارات الضخمة في قطاعات غير نفطية، أعلنت الحكومة أن الاقتصاد السعودي بات أكثر صلابة في مواجهة تقلبات أسعار النفط العالمية، هذا التحول يعود بالدرجة الأولى إلى توفير بيئة اقتصادية استراتيجية بعيداً عن النفط»، مشدداً على أن النفط يبقى سلعة استراتيجية لا يمكن الاستغناء عنها لكن المملكة تتجه نحو أفق أوسع يخدم مصالحها الاقتصادية. وشدد الخبير العقاري حسين النمر على أن المملكة ومن خلال ميزانيتها حققت منجزات مهمة، فالإيرادات بلغت 1184 مليار ريال، والمصروفات بلغت 1285 مليار ريال، والعجز 101 مليار ريال، مشيراً إلى أن هذا العجز كان متوقعاً في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المتقلبة، إلا أنه لا يؤثر على مسيرة الاقتصاد بأي شكل من الأشكال. وعن قوة سوق العقار في المملكة قال: «إن السوق العقارية تعد من أهم الاسواق التي تلي النفط»، مضيفاً: «شهد العام 2024 تقدماً ملحوظاً في الجانب العقاري، وإن دققنا في ارتباط الميزانية العامة بالسوق العقارية والأسواق الأخرى والوضع الاقتصادي العام نجد أن هناك ترابطاً وثيقاً، فالميزانية بمثابة خارطة طريق للاقتصاد، حيث تحدد أولويات الإنفاق الحكومي وتؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي، ومن أبرز القطاعات التي تتأثر بالميزانية هو القطاع العقاري، وذلك لأسباب عدة، منها الاستثمار الحكومي مجسداً في تخصص جزء منه للاستثمار في البنية التحتية، مثل: الطرق والجسور والمرافق العامة، هذه الاستثمارات تحفز النمو الاقتصادي وتزيد من الطلب على العقارات، خاصة في المناطق التي تشهد تطويرًا». السوق العقاري وعن قوة الاقتصاد السعودي والسوق العقاري قال: «على الرغم من وجود عجز في الميزانية، إلا أن الاقتصاد السعودي يمتلك قوة وقدرة على تجاوز هذه التحديات، ويعود ذلك إلى عوامل عدة، منها وجود رؤية المملكة 2030، إذ تسعى الرؤية إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز القطاع الخاص، مما يقلل من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، ولدينا الاستثمارات الضخمة التي تشهدها المملكة في مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع العقاري، ما يدعم النمو الاقتصادي ويخلق فرصًا استثمارية جديدة، ووجود للسياسات الداعمة للقطاع العقاري التي تتبناها الحكومة وتهدف إلى توفير مساكن ميسرة للمواطنين وتنشيط السوق العقاري، مؤكداً أن العلاقة بين الميزانية العامة والسوق العقاري هي علاقة مترابطة ومتبادلة التأثير، فالعجز في الميزانية قد يراه البعض يؤثر سلبًا على السوق العقاري، ولكن واقع الأمر لا يحقق ذلك تأثيراً كبيراً، نظراً لقوة الاقتصاد السعودي واستمرارية الإصلاحات الاقتصادية التي تقلل من هذه الآثار، ومن المتوقع أن يشهد السوق العقاري السعودي نموًا مستدامًا في ظل الرؤية الطموحة للمملكة، مشدداً على أهمية زيادة التنويع الاقتصادي الذي تسير فيه المملكة ومواصلة جهودها لتنويع مصادر الدخل والحد من الاعتماد على النفط، ودعم القطاع الخاص إذ من المهم الاستمرار بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المشاريع العقارية، والاستمرار في تنفيذ رؤية 2030 لتحقيق التنمية المستدامة والاقتصادية، وقال: «إن عجز الميزانية العامة لا يعني تراجع الاقتصاد السعودي أو السوق العقاري، بل هو تحدٍ جديد يتطلب منا جميعاً المضي قدماً نحو تحقيق منجزات إضافية سيشهدها العام 2026؛ لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار». د. محمد القحطاني حسين المعلم حسين النمر توقعات إيجابية ينتظرها السعوديون عام 2025