بات الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، لا سيما أنه يدخل في عصب الصناعات والقطاعات، وهو مرشح لمزيد من التغلغل بالمجتمعات، حيث تشير التقديرات إلى نمو كبير لمساهمته في الاقتصاد العالمي لتصل إلى 15.7 تريليون دولار بحلول العام 2030، وأن يُسهم بمبلغ 135 مليار دولار في اقتصاد السعودية بالعام نفسه. وفي صناعة العلاقات العامة، شكًّل ظهور منصات الذكاء الاصطناعي تطوراً مُثيراً فيها، فهي تُمكن محترفي العلاقات العامة من عمل حملات علاقات عامة ناجحة تُفيد العملاء والمجتمعات، والتركيز على المهام التي تتطلب مشاركة بشرية كبيرة، مثل: تطوير الاستراتيجيات، والاتصالات الإعلامية. لقد غيّر الذكاء الاصطناعي الكثير في صناعة العلاقات العامة، ووفر مزايا وفرصاً، وفي الوقت نفسه أوجد تحديات، وهو ما أوضحه تقرير صدر مؤخراً عن W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية، حول العلاقات العامة في عصر الذكاء الاصطناعي، واستخدام محترفي العلاقات العامة الذكاء الاصطناعي، ودوره في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في الاقتصاد الرقمي. ويشير التقرير إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي أتاحت لمحترفي العلاقات العامة العديد من المزايا، فهي تساعدهم في جمع وتحليل كميات ضخمة من البيانات من مجموعة متنوعة من المصادر، لتحديد الاتجاهات، وفهم الجمهور، ما يمكنهم من اتخاذ القرارات الفعالة، وتتبع فعالية حملات العلاقات العامة، والتواصل الفعّال مع المؤثرين، وتحسين خدمة العملاء، وتوقع الاتجاهات المستقبلية للسوق والأعمال، وصناعة المحتوى وتوصيله إلى الجمهور المستهدف وفق البيانات التي تم جمعها وتحليلها. وإذا كان الذكاء الاصطناعي وفر مزايا لصناعة العلاقات العامة، فإنه أثار قلقاً ومخاوف عدة، في مقدمتها -كما يقول التقرير- ما يتعلق باستبدال الموظفين بالروبوتات، وإنشاء محتوى مزيف، والاستخدام غير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي. ورغم أن هذه المخاوف مشروعة، إلا أن التجارب السابقة أكدت تحلي محترفي العلاقات العامة بالمرونة للتكيف مع الذكاء الاصطناعي، كما تكيفوا مع الثورة الرقمية، وسيظل البشر مطلوبين للعمل الاستراتيجي، وبناء العلاقات الاتصالية، ثم إن وجودهم ضروري في صناعة العلاقات العامة، فهم يستطيعون الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهدافهم بتسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة والإنتاجية. ومن التحديات أيضاً ما يتعلق بإنشاء المحتوى، خصوصاً مع قدرة الذكاء الاصطناعي على جمع وتحليل البيانات، لكن التجربة حتى الآن تشير إلى أن المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الإبداع، وليس متطوراً بما يكفي ليحل مكان الكتاب البشريين الذين سيتدخلون في النهاية لتحرير المحتوى. وختاماً، فإنه على الرغم من وجود تحديات ومخاوف بشأن تأثير منصات الذكاء الاصطناعي في صناعة العلاقات العامة، إلا أن تلك المنصات حققت الكثير من الفوائد للصناعة، وعلى محترفي العلاقات العامة تعلم مهارات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من مزاياها في حل المشكلات التي قد تواجههم، ودمج هذه الأدوات مع عملهم.