لقد غيّر الذكاء الاصطناعي العديد من المجالات، والأدب ليس استثناء، وقد أصبح للتكنولوجيا أن تحل محل الإبداع البشري في المجال الأدبي، حيث الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج نصوص إبداعية. يمكن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي مثل GPT-3 من OpenAI لإنتاج نصوص في مجموعة متنوعة من الأنواع الأدبية كالقصائد الشعرية والروايات والقصص القصيرة والنصوص المسرحية، إذ يمكن لهذه النماذج أن تحاكي سائر أنماط الكتابة وأن تصوغ جملاً وفقرات منطقية ومتسقة. لقد أثبت الذكاء الاصطناعي جدارته بالفعل في مجال الإبداع الأدبي، وحقق إنجازات ملحوظة تستحق التأكيد مع أمثلة مثل رواية «The Road 1» التي كتبها الذكاء الاصطناعي تكريمًا لجاك كيرواك والقصائد والقصص القصيرة التي أنشأتها الخوارزميات ونجحت في أسر القراء ومفاجأتهم. تظهر هذه الإنجازات بأن الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج أعمال أدبية يمكن أن تنافس في بعض الحالات أعمال الكتاب البشر. وقد تكون النصوص التي أنشأها الذكاء الاصطناعي مثيرة للإعجاب من الناحية التقنية، لكنها تفتقر إلى عناصر العاطفة والحساسية والعمق التي تميز أفضل الأعمال الأدبية البشرية. الأدب الاصطناعي هو الكلام نثراً أو شعراً لا يجد مكاناً في كتب الأدب، ولا يشكل موضوعاً للنقد الأدبي رغم تحليه بخصائص الكلام الجميل. الأدب الاصطناعي هو الأدب من أجل الأدب فسحب، ليس له علاقة بالحياة، هو الأدب الذي لا يبث رسالة في الحياة، وهو فن مطلق يقصد منه مجرد الفن، هو أدب تغلب عليه الصنعة والنفاق والشهوة والانحراف، ويفقد قيمته الروحية والاجتماعية. يهدف هذا النوع من الأدب إلى تسلية النفس دون إعطاء القيم الإيجابية، يبعث السلبية والركود في المجتمع. الأدب الاصطناعي هو قول بلا عمل، ومعرفة بغير صبر، وإيمان بلا يقين، نجد في هذا النوع من الأدب رجلاً، ولا نرى عقولاً، لا نسمع فيه حسيساً، ولا نشاهد أنيساً، ولا تحدث هذه المآثر الأدبية انقلاباً في الحياة، هو أدب مزخرف يهدف إلى إثبات البراعة في التنميق والتحبير وإحراز الشهرة. الذكاء الاصطناعي آلة بدون مشاعر وحساسية إنسانية، تفتقر النصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي إلى المعنى العميق والرمزية والبراعة، القوة العاطفية والتعاطف الذي يميز الأدب الإنساني. في حين يكتب الكتاب والأدباء عن مشاعرهم وذكرياتهم وأفكارهم لإنشاء شخصيات وأحداث وحوارات تعكس تعقيد الشرط الإنساني وثرائه، إذ يمكنهم التعبير عن المشاعر مثل: الحب والحزن والفرح والغضب والحنين بصدق وقوة تلامس المتلقي وتتيح له التعاطف مع الشخصيات والمواقف التي تصفها الكتابة الأدبية، فعلى الرغم من إمكانية الذكاء الاصطناعي ليحاكي بنيات الكتابة وأنماطها وأساليبها، إلا أنه يعجز عن فهم التفاصيل العاطفية والعمق النابع من التجارب والمشاعر والإدراك الإنساني. الإبداع البشري ليس مجرد إتقان للكلمات وقواعد النحو وهياكل الأنواع الأدبية، إنما يشمل أيضًا القدرة على التعبير عن المشاعر وخلق شخصيات معقدة وواقعية واستكشاف الموضوعات العميقة والعالمية، فالإبداع والعاطفة والحساسية البشرية لا تزال عناصر أساسية في الأدب. ولا يتوقع من الذكاء الاصطناعي أن يبدع أدباً نصياً، إذا أنتج أدباً يفتقد إلى الروح في اللغة والعاطفة. فالأدب الاصطناعي هو أدب لا علاقة له بحياة الإنسان والكون، كأنه صور وتماثيل لا روح فيه ولا عاطفة، يخلو تماماً من المشاعر والوجدان.