في خضم تزاحم السرديات حول الحضور الإيراني عالميا وإقليميا، وباختلاف الاتجاهات حول مصير واستقرار هذه الدولة المجاورة، والتي يجمعنا معها الكثير من التاريخ والمشتركات الثقافية والحكايات، فإن الرياض وفي موسمها العالمي وعبر منطقة البوليفارد وورلد تفتح المساحات للحضارات للتجول بينها، وفي موسمنا الحالي 2024 نشهد مناطق عديدة بتوسعة وحضور أكبر مثل الجناح الإيراني الذي زرته بالفعل في 2023، لكن كان لهذا العام حضورا أكثر تميزا، ولعله في وقت أكثر صعوبة على الاقتصاد الإيراني وصيتها الدولي، الذي بات محط الكثير من التشكيك والتفكك أمام الكثير. ومواقف المملكة في دعم دول الجوار لا تظهر فقط في حضورها السياسي الرصين بل حتى في أدق محافلنا الثقافية والترفيهية التي تجذب الكثير من الجماهير وتشد الانتباه في ضيوفها وحفاوتها بهم. الذهب الأحمر أو أوراق الذهب وزهرة السعادة كلها مسميات للزعفران الإيراني الذي يغطي 90 ٪ من الاحتياج العالمي، ولا عجب أن الكثير من العقوبات الدولية التي تحاصر إيران بين فترة وأخرى تشمل الزعفران والسجاد والصادرات الإيرانية المتميزة، بل الكثير من الدول تقوم بإعادة تصدير الزعفران الإيراني وتعبئته ومنافستهم في هذا المنتج الذي يكاد يكون مكونا من مكونات الهوية الإيرانية الثقافية، وللزعفران مكانته في الأطعمة الشرقية والخليجية، وكذلك في تناوله للتشافي فهو مليء بالفوائد، بل يعد من الهدايا الثمينة بين الناس لدينا، لهذا فإن هذه المواسم فرصة حقيقية لأن يلتقي الزوار بثقافات حاضرة في حياتنا رغم كل شيء. ما بين الزعفران والسجاد حضارة وتاريخ لشعب قريب بالجغرافيا، وشعوب متنوعة نعتز بتواجدهم بيننا، وأن يشاركونا مناسباتنا العديدة، يكاد لا يأتي موسم للرياض إلا وأتناوله بمقال خاص، لكن هذا الموسم وجدت أنه تجاوز الاختصار والخيال، ذهب لما هو أبعد بقوة ناعمة صامتة وذات سمو إنساني أسسه قادتنا جيلا بعد جيل، واليوم وفي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- نحيا تحولات مستمرة، ونحظى بجودة ثقافية منفردة.. إن قصة الترفيه تستحق أن تكتب وتوثق للأجيال القادمة، هذه المواسم مهمة ليس للسعوديين فقط؛ بل للعالم بأكمله.. دام وطني بخير.