تابعت تعليقات كثير من الإعلاميين الرياضيين بعد المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي بين منتخبنا الوطني لكرة القدم ومنتخب البحرين، لاحظت كالعادة أن كثيرا من التعليقات كانت عاطفية وانفعالية، وأكاد أقول سطحية، وأجد أنها نقلت النقد الخاضع للميول للأندية إلى ساحة المنتخب، وكلما قرأت وتابعت أكثر تتأكد قناعتي بأن كل شيء يتطور في بلادنا إلا الإعلام الرياضي، وقد كتبت عن هذا الموضوع مقالات كثيرة قدمت فيها مقترحات تهدف إلى تطوير هذا الإعلام بما يليق بمكانة المملكة وتقدمها في كافة المجالات. يتعامل بعض الإعلاميين مع المنتخب الوطني تحت تأثير ألوان الأندية التي يميلون إليها، هذا التفكير المنغلق لن يتحدث عن الخطط الإستراتيجية، واكتشاف المواهب، والمعايير الفنية لاختيار اللاعبين، واختيار المدربين، لن يتطرق لبرامج التدريب، ومقومات الاحتراف، والمدارس الكروية، وعدد اللاعبين الأجانب، لن يتحدث عن المرحلة الانتقالية بين جيل من اللاعبين وجيل جديد ومتطلبات التعامل مع هذه المرحلة، سيكون الحديث -مع الأسف- عن التشكيك في اختيار اللاعبين للمنتخب، سيتعامل البعض مع المنتخب كأفراد وليس كفريق، سيركز على جزئيات وأخطاء فردية، سيكون الفوز حتى ولو بالحظ هو الهدف وإن تحقق هذا الفوز سيتبعه ملحمة من المديح حتى لو كان مستوى الأداء ضعيفا جدا، المهم لدى البعض الفوز في مباراة وليس النظرة بعيدة المدى، وحين يخسر الفريق مباراة واحدة فسوف يتبعها قصائد هجاء وقسوة وسخرية تحمل طابع الانتقائية التي تفرضها الميول للأندية. النقد الهادف ينظر للمنتخب كمنظومة وليس كأفراد، يقيم الأداء الإداري والفني وفق معطيات ومعايير موضوعية بعيدا عن ألوان الأندية والمناكفات التي تحدث بين الإعلاميين بسبب هذه الألوان، وهذه الألوان التي يكتب بها بعض النقاد هي التي تبحث بطريقة انتقائية عن أخطاء بعض اللاعبين ثم تحملهم مسؤولية الخسارة وتطالب بإبعادهم، هذا ما يحدث مع الأسف من أصحاب الميول المختلفة فكيف يمكن الثقة بالنقد والمقترحات إذا كانت تحت تأثير الميول للأندية؟ كيف يمكن الاستفادة من نقد غارق في التناقض؟ كيف يمكن الاستفادة من إعلام يركز على الجزئيات وليس النظرة الشمولية؟ يجب أن ينتقل الإعلام الرياضي من ثقافة الانتقاد إلى ثقافة النقد الموضوعي المتحرر من الميول والانتقائية والشخصنة. الإعلام الرياضي يحتاج إلى غربلة وتطوير حتى يكون مؤهلا للمساهمة في تطوير المنظومة الرياضية ككل.