تعودت أن تزور كل يوم هذا العملاق الأزرق، فالحنين يأخذها إلى هناك، تداعب برجليها الرمال الفضية بعد أن تلقي بحذائها على الشاطىء، أفضل وقت لها هو وقت الضحى، يكون مكانا فارغا إلا من بعض المحبين للبحر، ترفع عباءتها، تضع رجليها في هذا المالح، بعض العناكب تداعب قدميها تعيش لحظات الطفولة، تسرح مع الزبد الأبيض، والموج يأخذها بعيدا حيث تشعر بالانتعاش. لقد تغير الشاطىء، هناك مطاعم ومقاهٍ، تعودت بعد هذا الاسترخاء أن تذهب إلى المقهى، تجلس في ركن هادئ، تطلب عصير ليمون. النادل: * أعرف طلبك سيدتي، وأنا قررت أن أسميك ليمونة. * وأنا أحب الليمون، لكنني أحببته أكثر عندما عزمتنا صديقتي على الإفطار الليموني. كان الإفطار رائعا، كل شيء بلون الليمون، بحثنا عن فوائد الليمون وأنواعه وأين يزرع واستخداماته الكثيرة. -جميل سيدتي، أعطيتنا فكرة الإفطار الليموني سأقترحه على صاحب المقهى الفكرة. كادت تسأل النادل عن هذا الشخص لكنها تراجعت. في نفس المكان يجلس هو، ولا يرفع عينيه عن الكتاب، ويشرب نفس العصير الليموني، وفي نفس التوقيت، غارت منه جلبت معها كتابا، وجلست تقرأ لعله يلتفت إليها، وتعرف قصته . حرصت أن تاتي كل يوم في نفس الوقت وتجلس، لا تعرف لمَ؟ هناك شيء غريب يشدها نحوه، لابد أن أعرف سره! لا أعرف لقد ارتبطت به، شيء غريب يشدني إليه، ينتابني القلق من هذا الشىء، في السيارة والبيت صورة هذا الشاب لا تفارقني! هل جننت؟! أسئلة كثيرة تراودني، ليته يرفع رأسه، ليته يكلمني حتى أعرف هل أنا معجبة به؟ هل أحببته؟ قرفت من نفسي، هل أعيش المراهقة المتاخرة؟! خرجت من المقهى بعد أن شربت الليمون المنعش من نافذة سيارتها، لاحظته يركب سيارة لكزس من نوع الصالون بلوحة تحمل رقم السعودية، حفظت الرقم، يا تُرى هل هو طالب في جامعة الشارقة؟! لكنه يبدو أكبر إلا إذا كان يدرس الدراسات العليا، تذكرت والدها عندما كان يذهب بين فترة وأخرى إلى الدمام سألته مرة: -إنك كثير السفر إلى الدمام؟ --يابنتي هناك أخوالي كانوا في البريمي، الكثير من أهل البريمي هاجروا إلى السعودية، فأنا أزور أرحامي هناك. هاتفتها صديقتها * أين أنت ياليمونة؟ خلاص، طبعت على اسم الليمونة فعلا، كنت في مكاني المفضل المقهي وشربت الليمون ونفس الشخص كان هناك لكن هذه المرة خرج بعدي، وشاهدته يركب سيارة بلوحة سعودية ! إذن هناك تطورات غدًا سآتي معك حتى أصبح ليمونة، إذن وهو كذلك، موعدنا الساعة التاسعة صباحا حتى نلهو بعض الشيء على الشاطىء ومن ثم إلى المقهى. استيقظت كالعادة، فتحت نافذتها لتستمتع بأشعة الشمس الذهبية ومنظر الحديقة الخضراء، والتي تتوسطها النخيل بشموخها والعصافير التي كانت تمرح فوق أغصانها، تعودت أن تشرب قهوتها وإفطاراً خفيفاً رفعت شعرها بعض اللون الأبيض يتمركز في خصلاتها، تذكرت أغنية ناظم الغزالي: عيرتني بالشيب وهو وقار ليتها عيرت بما هو عار إن تكن شابت الذوائب مني فالليالي تزينها الأقمار دموعي بيوم فقد الولف ليل وردت عيني يمرها النوم ليله تعيرني عجب بالشيب ليلى لفت شعرها ولبست عباءتها، ركبت سيارتها وانطلقت نحو الكورنيش، كانت صديقتها عائشة تنتظرها، ركضتا على الشاطىء، أخذنا الطاقة الإيجابية من البحر، انطلقتا نحو المقهى، هو ذات النادل يرحب بهما: الليمون يا ليمونة! -ليمونتان لو سمحتِ. --حاضر . عائشة انظري هو ذاك الشاب في يده رواية الغريب للكاتب ألبير كامو الكاتب والفيلسوف الفرنسي. رفع رأسه، عائشة ابتسمت ابتسامة خفيفة، رفعت يدها تحية * شكلك قارئ جيد أستاذ؟ --شكرا أختي أنا حمد القعود سعودي. أمي سعودية وأبي إماراتي. عندما سمعت حصة اللقب، اقشعر بدنها * معقول كيف! ما اسم ابوك؟ --سلطان! تجمّدت * هل يعقل! أخي!!!! * كاتبة وقاصة إماراتية