استيقظ العالم صباح الجمعة 19 يوليو 2024م، على أزمة تقنية واسعة أثرّت على أنظمة إلكترونية في آلاف المنشآت الحيوية حول العالم، ومن ضمنها المطارات، والتي من المعلوم أنها تتطلب تشغيلاً مستمرا،ً وخدماتٍ لا تنقطع، ومع هذا فإنها معرضة بشكل كبير للأزمات التي قد تظهر دون سابق إنذار، سواءً كانت هذه الأزمات مرتبطة بتأخير رحلات، أو أعطال تقنية، أو حتى كوارث جوية -لا قدر الله-. لذا يكمن اعتبار الأزمة الاتصالية في صناعة الطيران أعقد في تفاصليها وأشد في وقعها، مما يجعلها أكثر تأثيراً وأوسع ضرراً، وتحتاج تعاملاً سريعاً، والأهم استعداداً استباقياً، حتى تتمكن من تجاوزها بسلام. وبصفتي متخصصاً في التواصل الاستراتيجي، لاحظْتُ كيف تعاملت المطارات السعودية بفعّالية مع هذه الأزمة؛ لتخفيف هلع المسافرين، والسيطرة على الموقف، هذا التفاعل السريع والإيجابي مع الأزمة يعطي مؤشراً واضحاً على وجود خطة تواصل استباقية، تتميز بمنهجية واضحة، وآلية مدروسة، كما أن المحتوى الإعلامي الذي نُشر بالتعاون مع الشركاء من الناقلات الجوية والجهات ذات العلاقة كان له أثر واضح على طمأنة المسافرين، ومثل هذا الأداء الاحترافي لا يمكن إنجازه بشكل مفاجئ دون وجود تنسيق وخطط معدة مسبقاً. من المهم أن يكون فريق التواصل في أي منظمة، جاهزاً وقت حدوث الأزمة بحوكمة معتمدة سلفاً، إذ تعد الجاهزية المسبقة من أهم العوامل التي تحدد قدرة المنظمة على مواجهة التحديات الطارئة، والتعامل معها بالشكل الصحيح. لإن وجود فريق متخصص للتعامل مع أي طارئ سيضمن استجابة سريعة وتنسيقًا فعالًا مع الجهات المختلفة. ولا يمكن تجاهل دور الحوكمة الفعالة في هذه العملية، فهي الأداة الأساسية لتخفيف الهلع وضبط إيقاع التعامل مع الأزمة. عندما تكون هناك إرشادات تنظيمية واضحة للتعامل مع الأزمات، فذلك يسهم في تعزيز قدرة المنظمة على إدارة الموقف الاتصالي بثقة واحترافية، ويقلل من تأثير الأزمة على المدى الطويل. ليس من السهل تجاوز أزمة اتصالية؛ فما بالك أن يولد من رحمها نجاحٌ إعلامي لافت، يؤكد تفوّق المنظمة، والأهم يعزّز صورة المملكة خارجياً! هذا ما حدث في تعامل "مطارات القابضة" السعودية مع تلك الأزمة. وهذا النجاح في التعامل مع الأزمة، قاد "مطارات القابضة" السعودية للفوز بأفضل استراتيجية للاتصال في الأزمات، ضمن جائزة الشارقة للاتصال الحكومي، وهي إحدى أهم جوائز التواصل المعتبرة في الإقليم. بالتأكيد إن جوهر نجاح التعامل مع الأزمة هو وجود خطة تواصل للأزمات، وليس الاجتهاد والتخبط حين وقوع الحدث، وهو ما يجب على أي فريق تواصل الاستعداد له مبكراً، بتصميم الخطة ومواءمتها، واعتمدها من أصحاب المصلحة داخل وخارج المنظمة.