في عصر تسير فيه المعلومات بسرعة الضوء، لا يمكن إهمال فعالية التواصل الفعّال أثناء الأزمات. تماماً كما يحتاج الجسر الهش إلى انتباه فوري لمنع انهياره، هكذا تجد المنظمات نفسها أمام الضرورة الملحة بإدارة الروايات المتشابكة التي تهدد سلامة سمعتها، وهذا ما يعكس أهمية يقظة فرق التواصل في المنظمات للعمل الجاد والسريع. وقعت شركة آبل في أزمة عظيمة في المنتج آيفون 4، حيث لاحظ العملاء تشويشاً على شبكة الجوال وبالتالي لا تظهر بشكل عالٍ مثل بعض الأجهزة الأخرى، في البداية تجاهل فريق التواصل في الشركة الأزمة ثم مع استمرار الأزمة عقد ستيف جوبز مؤتمراً صحفياً وأوضح حقيقة الأزمة بصراحة، ثم أوضح جهود الأبحاث والتطوير التي تجريها الشركة لحل الإشكالية وعرض على العملاء في حال عدم رضاهم إعادة الأجهزة والحصول على المبالغ التي دفعها. كان لمعالجة ستيف جوبز للأزمة أثر كبير حيث لم يقم العملاء بإعادة الأجهزة وفي الوقت نفسه عزز أسلوب التواصل الثقة بين الشركة وعملائها، وهذا يعكس أهمية تحويل الأزمة لفرصة تحقق من خلالها المنظمات لمستهدفاتها. والحق يقال: إن إدارة الأزمات الإعلامية ينطوي عليها تحدٍ كبير، فمن ناحية تتطلب رداً سريعاً، ومن ناحية أخرى طرق المعالجة قد تكون أشبه بالسير في حقل ألغام تتطلب تحليلاً مسبقاً للأزمات المتوقعة وطرق المعالجة الممكنة والتي قد تكون إحدى أهم طرق المعالجة هي مواجهة الأزمة إن أمكن، وكخيار آخر التشتيت الاستراتيجي من خلال تعزيز رسائل اتصالية متناسقة ومتنوعة تنتهج مسار الرسائل غير المباشرة تساهم في تعزيز صورة نمطية محددة تقلل من أثر الأزمة على المنظمة. وبالطبع لا توجد طريقة معالجة واحدة يمكن استخدامها على مختلف الأزمات، وإنما أهمية وأثر الأزمة يعكس طريقة التعامل الأنسب مع الأزمة، ففي حالات قد تكون بيانات الإحاطة الإعلامية خياراً مناسباً، وفي حالات أخرى قد يكون ظهور أحد المسؤولين من المنظمة خياراً أفضل، وربما في أزمات ظهور أي محتوى إعلامي قد يكون له تأثير وخيم وتزداد الأزمة وبالاً، وفي حالات تكون الأزمة تخص شريحة محددة ثم تصبح قضية رأي عام، وفي مختلف المعالجات تأتي أهمية وجود دليل لإدارة الأزمات واحترام الجمهور المستهدف بتقديم إيضاحات تكون مقنعة وتحافظ على سمعة الكيان مهمة بالغة الأهمية، وهي مهمة فريق التواصل بدرجة أولى والذين يعتبرون خط الدفاع الأول عن سلامة سمعة المنظمة. وفقًا لدراسة أعدها منتدى الاقتصاد العالمي أن تضرر سمعة المنظمات إحدى أكبر المخاطر التي تؤثر على المنظمات خاصة أثناء الأزمات الاتصالية، وبحسب دراسة أخرى أجرتها ديلويت أن 41 % في المنظمات لديها سياسات واضحة للتعامل مع الأزمات، بينما وبحسب مؤشر ثقة ايدلمان أن 65 % يعتقدون أن استجابة المنظمة لقضية ما أكثر أهمية من القضية نفسها، وهذا ما يعكس أهمية وأثر التعامل مع الأزمات. في أعماق الأزمات تتشكل السمعة، والتمسك بحبل التدخل المبكر يبني جسوراً من الثقة بين المنظمة وجمهورها المستهدف، وقوة هذا الجسر تكمن في كل كلمة، وكل قرار، وكل إجراء يتخذ في ميدان التواصل أثناء الأزمات.