حين تتابع وسائل الإعلام وبرامجها ستجد أن اسم المملكة يتم عرضه في ثنايا التداولات السياسية والتحليلات النقدية مما يدل على قيمة بلادنا ومواقفها.. هنا يجب أن نتوقف كثيرًا فنتشرب مواقف بلادنا ونتقمصها وجدانيًا ونقدم أنفسنا بشكل متوازن منسجم مع وطننا الكريم.. ولنكن أذكياء حاذقين في التلقي والمتابعة وطرح الرأي حول قضية أو حدث ما.. في كل حدث أو حالة طارئة ومستجدة في المشهد السياسي سيشاهد المتلقي ويتابع مضامين القنوات الفضائية وخاصة الإخبارية المغتصة بتغطيات ومحتوى إخباري، ومتابعة إعلامية وكذلك معلومات، وتحليلات، وآراء، وأطروحات تسهم في توجيه المتلقي فردا كان أو مجموعات، وتكوين ميول وخيارات معينة تجاه القضايا والأحداث الجارية والتي قد تشغل حيزا كبيرا من اهتماماتهم ويرون أنهم مهتمون بتغيراتها ونتائجها. وبطبيعة الحال فإن وسائل الإعلام وخصوصا القنوات الإخبارية التي تُعنى بمتابعة المستجدات والأحداث السياسية بشكل مباشر ستختلف عن بعضها البعض سواء في ترتيب أولوياتها بمعنى ترتيب الأخبار وطرحها كما يعزز تأييدها، وانتماءها وميلها لطرف دون آخر، وكذلك تأطيرها في صياغة الأحداث، أو طريقة تقديم الوقائع والتعليق عليها، وتفسير الأسباب حول وقوعها، بالإضافة للعمل على نشر مضامينها بحسب السياسة العامة، والشخصية الخاصة لكل قناة. وحقيقة الأمر أن وسائل الإعلام بأساليب جذبها، وطرائق تسويقها وعرضها لمحتواها يمكنها التأثير على قناعات وتصورات المتلقين الذين يعيشون في مجتمع معين عن طريق كمية الآراء والمعلومات ووجهات النظر التي يتلقفونها بشكل تداولي حول تلك الأحداث والقضايا. ومن الوعي والحصافة إدراك ان السياسة ذات مزاج متقلب وأحداث تنافسية ويشوبها الصراع، وتوهمنا بالسكون في قلب الضجيج، وبالصخب في روح الهدوء. ومن الفهم العميق معرفتنا بأنه قد يكون الحدث واحدا، ولكن التجاذبات فيه معتلة، والتداخلات متشابكة ومعقدة، والعناصر الفاعلة فيه كثيرة جدا، فلا تبدو للحكيم معالهما إلا بالخبرة الممتدة والتجربة الواسعة ومن ثم بقدرته على متابعة مجريات الأمور والخطاب الإعلامي ومضامين وسائله بطريقة متعقلة وراشدة يستطيع المتلقي من خلالها ملامسة أقصى نقطة وجهة في كل الأطراف الإخبارية لكي يحصل لديه كثير من الطمأنينة بيقينه فيما يحدث ووعيه بأن كل طرف من هذه الأطراف له تأثيره على توجُّه وتوجيه في جميع الأحداث، ليست سياسية فقط وإنما قد تمتد إلى كونها أحداثا اقتصادية أو ثقافية أو بيئية. وعلينا أن نعي سر اختلاف القراءات في الأحداث، وتنوعها كونها تُبنى عليها مواقف وآراء وتراكمات ومتابعات وشائعات وغيرها. فلن تكون تلك القراءات بمستوى ذكي ونابه وخبير بالنسبة للأحداث السياسية بالذات إلا من خلال وعينا العميق، وحدسنا المتأصل وتمعننا بأن ما نسمعه ونشاهده لا يعني أن يكون له سلطان على توجيهنا إلى مسارات ومتاهات واهية الفهم، وفقيرة الإدراك. في واقعنا المحلي لن يهمنا متابعة أي حدث سياسي إلا من واقع ودافع إنساني عقلاني يتماهى ويواكب مواقف وطننا الثابتة في دهاليز السياسية، فالكل يدرك اليوم أن المملكة لديها من الرصانة السياسية التي تجعلها دوما قريبة من الحكمة في إدارة الأمور والمصالح التي تخصنا، والكل يعلم أن كل متربص يحاول سحبنا نحو التعاطف مع مشاهد المغامرات السياسية الفردية التي أدت إلى خسائر الأرواح والأماكن والحياة. وكل مواطن ومقيم بيننا يرى قدرتنا كشعب على استيعاب وفهم مجريات الحدث السياسي فيما يحيط بنا. ويشاهد مدى اصطفافنا مع قيادة وطننا ومصالحه. التلقي الحاذق والذكي يريحنا؛ لذا يجب أن ينطلق من توسيع البصيرة، ومد النظر في النقاط والتفاصيل الدقيقة في كل ما نسمعه ونشاهده في وسائل الإعلام. وتهذيب عقولنا على معرفة أن ما قد يبث وينشر عن وقائع سياسية تتعلق بأطراف معينة تكمن بين تفاعلات وأهواء ونيات ومنقولات لا طاقة لنا بملامسة أساس صحتها من عدمه خصوصا فيما ليس لنا به شأن مباشر. ويبقى القول: حين تتابع وسائل الإعلام وبرامجها ستجد أن اسم بلادنا يتم عرضه في ثنايا التداولات السياسية والتحليلات النقدية مما يدل على قيمة المملكة ومواقفها.. هنا يجب أن نتوقف كثيرا فنتشرب مواقف بلادنا ونتقمصها وجدانيا ونقدم أنفسنا بشكل متوازن منسجم مع وطننا الكريم.. فلنكن أذكياء حاذقين في التلقي والمتابعة وطرح الرأي حول قضية أو حدث ما فلا ننساق خلف شعارات ومشاهد فارغة من الوعي ومبنية على التجهيل والتثوير.