كشف البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي المقبل 2025 عن استمرار الحكومة السعودية في اتباع منهجية الإنفاق التوسعي والذي يؤكد على استمرار الحكومة في الإنفاق على الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، إضافة إلى تعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات الحكومية في مجالات التعليم والصحة، والتنمية الاجتماعية وكذلك تطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مع تمكين القطاع الخاص، وتنمية المحتوى المحلي والصناعات الوطنية، وتحفيز البيئة الاستثمارية لتحقيق التنمية الشاملة. البيان التمهيدي أكد على استمرار تبني الحكومة لسياسات إنفاق توسعي داعمة للنمو الاقتصادي الذي يحقق أحد أبرز مستهدفات الرؤية بتنويع القاعدة الاقتصادية والتركيز على القطاعات ذات العائدين الاقتصادي والاجتماعي المستدامين، مع الاستمرار في تحقيق المبادرات المتعلقة برؤية السعودية 2030. أشارت التوقعات الأولية إلى أن إجمالي الإيرادات في العام 2025 سيبلغ نحو 1,184 مليار ريال، ومن المقدر أن ينمو إجمالي الإيرادات ليصل إلى حوالي 1,289 مليار ريال في العام 2027 مدعوماً بتوقعات النمو الاقتصادي المحلي والعالمي. ومن المقدر أن تسجل الميزانية عجزاً بحوالي 2.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025، مع توقع استمرار تسجيل عجوزات في الميزانية على المدى المتوسط عند مستويات مقاربة نسبياً. وعلى جانب النفقات، يتوقع أن يبلغ إجمالي النفقات حوالي 1,285 مليار ريال في العام 2025؛ أي ما يمثل نحو 29.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، و1,328 مليار ريال في العام 2026 بنسبة 30.0 % من الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى ما يقارب 1,429 مليار ريال في العام 2027 بما يمثل 30.3 % من الناتج المحلي الإجمالي. رغم العجز المتوقع بالميزانية، إلا أن الحكومة ما تزال مستمرة في تنفيذ المبادرات والإصلاحات في الجانب الاقتصادي والمالي ضمن رؤية السعودية 2030 سعياً إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الإيرادات غير النفطية. البيان التمهيدي لميزانية العام 2025 أكد على عزم الحكومة السعودية على التقدم بوتيرة أسرع في تنفيذ الإصلاحات وتطوير السياسات، بالإضافة إلى التوسع في الإنفاق التحولي الهادف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام؛ مما سيسهم في تعزيز جودة الحياة. كما وكشف البيان عن استكمال الحكومة لجهودها في تعزيز استدامة المالية العامة وتحقيق المستهدفات التنموية الشاملة، عبر المراجعة الدورية لتقديرات أسقف النفقات على المدى المتوسط وفق المستجدات المالية والاقتصادية المحلية والعالمية في إطار الحيّز المالي المتاح في مشروع التخطيط المالي طويل المدى. وعلى صعيد أداء الاقتصاد الوطني، فقد شهد الاقتصاد السعودي تطورات إيجابية ملموسة في الأعوام القليلة الماضية، مع استمرار التحول نحو تنويع القاعدة الاقتصادية، وتعزيز نمو الأنشطة غير النفطية؛ إذ انعكس ذلك بشكل إيجابي على ارتفاع مستويات التوظيف، وأيضاً انخفاض معدل البطالة، والإسهام في نمو الاستهلاك والاستثمار الخاص. يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2024 نمواً بنسبة 0.8 % مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية التي من المتوقع أن تسجل ما يقارب 3.7 %. وبالرغم من النمو الاقتصادي المتسارع، تمكنت المملكة من المحافظة على مستوى ضغوط تضخمية معقولة ومقبولة، حيث سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً عند 1.6 % منذ بداية العام 2024 حتى شهر أغسطس من العام ذاته مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وذلك نتيجة للتدابير الاستباقية والسياسات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء ارتفاع الأسعار، والتي شملت وضع سقف لأسعار البنزين، ورفع مستوى وفرة المخزون الغذائي. وقد انعكس الأداء الإيجابي الذي شهدته الأنشطة غير النفطية على مؤشرات سوق العمل، فقد أظهرت بيانات مسح القوى العاملة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تراجع بمعدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ بلغ في الربع الثاني من العام 2024 (7.1 %) مقابل (8.5 %) في الربع الثاني من العام 2023، مقترباً بذلك من مستهدف رؤية السعودية 2030 البالغ 7 %. أشار البيان التمهيدي إلى أن ارتفاع متواصل في معدلات مشاركة المرأة في سوق العمل؛ إذ بلغت 35.4 % في الربع الثاني من العام 2024م مقارنة بنحو 19.3 % في الربع الرابع من العام 2016، متجاوزةً بذلك مستهدف رؤية السعودية 2030 الواقع عند 30 % ومقتربة من المستهدف الجديد البالغ 40 %. أخيراً وليس آخراً، من المتوقع أن يستمر الأداء الإيجابي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2025؛ إذ تشير التقديرات الأولية إلى أنه سيحقق نمواً بنسبة 4.6 %، مدفوعاً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية؛ ما يعكس التزام المملكة بتنفيذ إستراتيجياتها الطموحة وتحقيق التنمية المستدامة، ويزيد من ثقة المستثمرين ويعزز مكانة الاقتصاد السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي. أخلص القول؛ إن البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي المقبل 2025، يؤكد عزم الحكومة على مواصلة جهودها لتحقيق برامج رؤية السعودية 2030، وإنجاز مستهدفاتها الرامية إلى بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ينعم به الجميع في ظل وطن طموح، وجودة حياة، بما في ذلك تطوير البنية التحتية وخلق الفرص الوظيفية للمواطنين السعوديين وتطوير القطاع المالي وغيرها من الأهداف التنموية الأخرى.