استمرار تعزيز الإنفاق الموجه إلى الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين أعلنت وزارة المالية البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م، الذي توقّع أن يبلغ إجمالي النفقات ما يقارب 1,285 مليار ريال، وإجمالي الإيرادات نحو 1,184 مليار ريال، مسجلاً عجزاً بنسبة 2.3 % من الناتج المحلي الإجمالي، مع تأكيد استمرار الحكومة بتبني سياسات الإنفاق التوسعي الإستراتيجي الذي يدعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام. ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الإيرادات للعام 2025م حوالي 1,184 مليار ريال وصولاً إلى حوالي 1,289 مليار ريال في العام 2027م، فيما يُقدّر أن يبلغ إجمالي النفقات حوالي 1,285 مليار ريال في العام المالي 2025م، وصولاً إلى حوالي 1,429 مليار ريال في العام المالي 2027م. وأكدت المالية أنه في ضوء التطورات الاقتصادية التي تشهدها المملكة، واستكمالاً لتنفيذ عدد من المبادرات المالية والاقتصادية، وتبني سياسات مالية تسهم في تعزيز الاستقرار والاستدامة لميزانية الدولة للعام المالي 2025م، يُتوقع أن تسجل ميزانية العام 2025م عجزًا بنحو 2.3 % من الناتج المحلي الإجمالي. وأشارت المالية إلى تحقيق معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية؛ مما أسهم في ازدهار القطاعات الواعدة مثل السياحة والترفيه والنقل والخدمات اللوجستية والصناعة، بالإضافة إلى تحسين جودة الحياة، وتمكين القطاع الخاص، وانخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخيًا، وقد انعكس ذلك بشكل إيجابي على توقعات المنظمات الدولية ووكالات التصنيف الائتماني لأداء الاقتصاد السعودي. واستعرضت المالية أبرز توقعات العام 2024م، ومنها تسجيل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نمواً بنسبة 0.8 % في العام 2024م؛ مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية الذي من المتوقع أن يسجل ما يقارب 3.7 %، إضافة إلى أنه من المتوقع أن يسهم انخفاض أسعار الفائدة مؤخرًا في ارتفاع الطلب مما قد يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي، كما تشير التوقعات الأولية إلى وصول الرقم القياسي لأسعار المستهلك «معدل التضخم» نحو 1.7 % بنهاية العام 2024م. بدوره أكد وزير المالية محمد بن عبدالله الجدعان استمرار الحكومة في تعزيز الإنفاق الموجه إلى الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، وتنفيذ المشاريع الإستراتيجية مع التركيز على تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي معدلات نمو إيجابية خلال العام 2025م وعلى المدى المتوسط بفضل الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات والإستراتيجيات والمشاريع في ظل رؤية السعودية 2030، لتواصل مساهمتها في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتعزيز دور القطاع الخاص، بالإضافة إلى نمو القطاعات الواعدة التي تدعم زيادة فرص الأعمال وخلق الوظائف في سوق العمل، وتتبنى الحكومة منهجية التخطيط المالي طويل المدى لضمان التركيز على استقرار الإنفاق التحولي الإستراتيجي الذي يستهدف تحقيق المكتسبات الاقتصادية والنمو المستدام، مضيفاً أن المالية العامة تتسم بالمرونة والقدرة على مواجهة الضغوطات في حال دعت الحاجة على المدى المتوسط والطويل، كما نوّه بالدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي. وأشار الجدعان إلى أن التوقعات الإيجابية للاقتصاد السعودي للعام 2025م تأتي امتدادًا للتطورات الإيجابية لأدائه الفعلي في السنوات الماضية، وأن التقديرات الأولية للعام 2025م تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.6 %، وهذه التوقعات الإيجابية تعكس التزام المملكة بتنفيذ إستراتيجياتها الطموحة، وتحقيق التنمية المستدامة؛ مما يزيد ثقة المستثمرين، ويعزز مكانة الاقتصاد السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وأضاف: «على الرغم من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وفي ظل استمرار التحديات الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية، إلا أن المملكة أثبتت قوة مركزها المالي ومرونة اقتصادها في مواجهة المتغيرات بوجود مستويات آمنة من الاحتياطيات الحكومية، والمحافظة على الدين العام ضمن معدلات مقبولة، إضافة إلى سياسة إنفاق مرنة تساعد على احتواء الأزمات التي قد تطرأ مستقبلاً». وأوضح الجدعان أن الحكومة تعمل على الاستمرار في الاقتراض وفقًا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة لتمويل العجز المتوقع في الميزانية ولسداد أصل الدين المستحق في العام 2025م، بالإضافة إلى الاستفادة من فرص الأسواق لتنفيذ عمليات تمويلية، بما في ذلك التمويل الحكومي البديل، مشيرًا إلى أنه من المتوقع ارتفاع حجم محفظة الدين العام ارتفاعاً مدروساً لضمان استدامة الدين؛ نتيجةً للتوسع في الإنفاق من أجل تسريع وتيرة تنفيذ بعض البرامج والمشاريع المُمكّنة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030. تواصل برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، إنجاز مستهدفاتها في بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ينعم به الجميع في ظل وطن طموح، بتحسين جودة الحياة وتطوير البنية التحتية وخلق الفرص الوظيفية وتطوير القطاع المالي وغيرها من الأهداف التنموية المختلفة. يواصل صندوق الاستثمارات العامة تعزيز عائدات المملكة عبر استثماراته المحلية والإقليمية والدولية؛ إذ ركزت إستراتيجيته على تعظيم أصوله، وإطلاق قطاعات إستراتيجية جديدة وواعدة في المملكة، إضافة إلى توطين التقنيات ونقل المعرفة، وتمكين القطاع الخاص المحلي، وتأسيس شراكات اقتصادية إستراتيجية على جميع الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية. وقد حقق الصندوق في نهاية شهر أغسطس من العام 2024م ارتفاعاً في حجم الأصول التي يديرها والتي بلغت قيمتها حوالي 3.47 تريليونات ريال بزيادة مقدارها 21 % مقارنة ب 2.87 تريليون ريال في نهاية العام 2023م. وقد ساهم الصندوق في استحداث أكثر من 1.1 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة محلياً وعالمياً، بالإضافة إلى تأسيس 95 شركة محلية في العديد من القطاعات منذ العام 2017م. إلى ذلك شهد الاقتصاد السعودي تطورات إيجابية ملموسة في الأعوام القليلة الماضية، مع استمرار التحول نحو تنويع القاعدة الاقتصادية، وتعزيز نمو الأنشطة غير النفطية؛ إذ انعكس ذلك بشكل إيجابي على ارتفاع مستويات التوظيف، ومن ثم انخفاض معدل البطالة، والإسهام في نمو الاستهلاك والاستثمار الخاص. يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2024م نمواً بنسبة 0.8 % مدعوماً بنمو الأنشطة غير النفطية التي من المتوقع أن تسجل ما يقارب 3.7 %، ويعزز ذلك المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي شهدها النصف الأول من العام الحالي، لا سيما المتعلقة بالاستهلاك والاستثمار الخاص، وتعزيز الخصخصة، وتحسين بيئة العمل، وتمكين المرأة والشباب، بالإضافة إلى إستراتيجيات ومشاريع رؤية السعودية 2030، كما أنه من المتوقع أن يسهم انخفاض أسعار الفائدة مؤخراً في ارتفاع الطلب مما قد يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي. شهد معدل الاستهلاك الخاص نمواً بلغ 2.4 % في النصف الأول من العام 2024م، مدفوعاً بمساهمة نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق، إضافة إلى تسهيل إجراءات تأشيرة زيارة المملكة وتوسيع الفئات المؤهلة لها، وانعكاساتها على زيادة أعداد زوار الفعاليات الترفيهية والثقافية والوجهات السياحية. سجل متوسط الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً عند 1.6 % منذ بداية العام 2024م حتى شهر أغسطس من العام ذاته مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وتشير التوقعات الأولية إلى وصول الرقم القياسي لأسعار المستهلك للعام 2024م كاملاً إلى حوالي 1.7 %؛ إذ حافظت المملكة على مستويات مقبولة مقارنة بالتضخم العالمي بفضل التحسن المستمر في الظروف الاقتصادية لها، إضافةً إلى التدابير الاستباقية والسياسات التي اتخذتها الحكومة لاحتواء ارتفاع الأسعار، والتي شملت وضع سقف لأسعار البنزين، ورفع مستوى وفرة المخزون الغذائي. انعكس الأداء الإيجابي الذي شهدته الأنشطة غير النفطية على مؤشرات سوق العمل، فقد أظهرت بيانات مسح القوى العاملة الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء تراجع معدل البطالة الإجمالي إلى 3.3 % بنهاية الربع الثاني من العام 2024م، مقارنة بنحو 4.1 % بنهاية الربع الثاني من العام 2023م، وانخفاض معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ بلغ في الربع الثاني من العام 2024م 7.1 % مقابل 8.5 % في الربع الثاني من العام 2023م، مقترباً بذلك من مستهدف رؤية السعودية 2030 البالغ 7 %. وتعزى هذه التطورات الإيجابية إلى جهود حكومة المملكة في وضع المحفزات والممكنات لتشجيع قطاع الأعمال إلى جانب تمكين المواطنين وتعزيز مهاراتهم بإتاحة أنماط عمل جديدة وخلق فرص عمل في قطاعات متنوعة. شهدت السنوات الماضية ارتفاعاً متواصلاً لمعدلات مشاركة المرأة في سوق العمل؛ إذ بلغت 35.4 % في الربع الثاني من العام 2024م مقارنة بنحو 19.3 % في الربع الرابع من العام 2016م، متجاوزةً بذلك مستهدف رؤية السعودية 2030 الواقع عند 30 % ومقتربة من المستهدف الجديد البالغ 40 %؛ مما يعكس الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية لتمكين المرأة ورفع إسهامها في الاقتصاد السعودي وتعزيز دورها القيادي. شهد إجمالي أعداد العاملين السعوديين في القطاع الخاص ارتفاعاً بنهاية الربع الثاني من العام 2024م بنسبة 4.1 %، بحوالي 92 ألف عامل مقارنة بنهاية الربع الثاني من العام 2023م، ليصل إجمالي عددهم إلى 2.3 مليون عامل، وذلك إثر الإصلاحات والمبادرات التي تبنتها الحكومة وأدت إلى خلق فرص عمل جديدة ونوعية في قطاعات متنوعة كالسياحة والترفيه والتقنية الرقمية، ودعم وتشجيع ريادة الأعمال للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تحفيز القطاعات الناشئة مثل: الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر. من المتوقع أن يستمر الأداء الإيجابي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2025م؛ إذ تشير التقديرات الأولية إلى أنه سيحقق نمواً بنسبة 4.6 %، مدفوعاً بنمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية؛ مما يعكس التزام المملكة بتنفيذ إستراتيجياتها الطموحة وتحقيق التنمية المستدامة، ويزيد ثقة المستثمرين ويعزز مكانة الاقتصاد السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي.