يبقى موسم "صرام الأحساء" نموذجاً حياً للنجاح الاقتصادي المبني على تاريخ طويل من الزراعة، ومستقبلاً مليئاً بالفرص الاستثمارية الواعدة، فالأحساء لا تكتفي بإنتاج التمور، بل تقدم نفسها كمنصة اقتصادية واستثمارية رائدة تسهم في تحقيق الأهداف الوطنية، وتعزز من مكانة مملكتنا في السوق العالمية للتمور.. تتألق الأحساء مجددًا بموسم "صرام الأحساء" ومزاد التمور لعام 2024، الذي يبرز كحدث محوري لتعظيم دور هذا المنتج في الاقتصاد الوطني، إذ إنه ليس مجرد موسم لحصاد التمور، بل هو في الأساس منصة اقتصادية واستثمارية تعكس التحولات العميقة التي يشهدها قطاع الزراعة في المملكة العربية السعودية. تتجلى أهمية مزاد التمور المصاحب للموسم في قدرته على تعزيز اقتصاديات التمور السعودية، إذ أصبح نقطة التقاء بين مزارعي التمور والمستثمرين المحليين والدوليين، وبالأخص الخليجيون الذين أبدوا اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في هذه الثروة الوطنية. محافظ الأحساء سمو الأمير سعود بن طلال بن بدر كان له دور رئيس في دعم ورعاية الموسم، إذ قاد بجهود كبيرة لتحويله من مجرد حدث زراعي موسمي إلى منصة اقتصادية تفتح آفاقًا استثمارية جديدة أمام مزارعي المحافظة، حيث تركزت رؤيته على تمكينهم من تحقيق أقصى استفادة من إنتاجهم، وتحويل التمور إلى منتج اقتصادي قادر على المنافسة عالميًا، وهو ما يتماشى مع خطط التنمية المستدامة التي تسعى المملكة إلى تحقيقها ضمن إطار رؤية السعودية 2030. الموسم الحالي شهد تنظيمًا مُشتركًا بين أمانة الأحساء والمركز الوطني للنخيل والتمور، إذ لعبا دوراً محوريًا -بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية- في نقل الحدث إلى مستوى متقدم عن النسخ الماضية؛ لضمان تنظيم المزاد بأفضل صورة ممكنة، من خلال تنفيذ آليات مدروسة لاستقبال المزارعين وكميات التمور الواردة، وتفويج المركبات إلى ساحة المزاد بترتيب معين، مع تعبئة التمور في عبوات كرتونية تتطابق مع معايير الصحة البيئة، فضلًا عن توفير بنية تحتية متكاملة تضمن سهولة وصول المستثمرين إلى المزاد، وتسهيل عمليات البيع والشراء، مما جعل الأحساء وجهة محورية للمهتمين بقطاع التمور. تفسيري لإقبال المستثمرين –خاصة الخليجيين منهم- على المزاد يعكس الثقة المتزايدة بجودة التمور الحساوية أو "ذهب الحسا" كما يُحب مزارعوها تسميتها؛ لأصنافها التي تتجاوز ال 60 صنفًا، لذا تشتهر الأحساء بتنوع تمورها، حيث تبرز تمور الخلاص كأحد أهم وأشهر الأصناف التي تتميز بجودتها العالية، إضافة إلى أصناف أخرى مثل الرزيز والشيشي، فتنوع أصنافها إلى جانب الجودة العالية جعل من تمورها محط أنظار المستثمرين الباحثين عن فرص واعدة في السوق الزراعية. الموسم ومزاد التمور ليسا فقط حدثين اقتصاديين، بل يمثلان جزءًا من الرؤية الشاملة للمملكة في تعزيز دور القطاع الزراعي ضمن رؤية 2030، فضلًا عن السعي المؤسساتي في تحويل هذا المنتج من مجرد منتج زراعي تقليدي إلى منتج اقتصادي واستثماري يعزز من مكانة المملكة كمصدر عالمي للتمور، ويؤكد التزامها بتطوير قطاعاتها غير النفطية. وإذا ما أتينا قليلًا إلى رؤيتنا الطموحة، فإنها تهدف في الأساس إلى تنويع مصادر الدخل، وهنا تأتي التمور كأحد العناصر الأساسية في ذلك، فمملكتنا تسعى إلى تحقيق أقصى استفادة من هذا القطاع الحيوي، لذا فإن الأحساء بوجود الموسم والمزاد توفر فرصًا استثمارية واسعة، لأن جودة بُنيتها التحتية وسهولة الوصول إلى الأسواق تجعلها بيئة مثالية للمستثمرين، ولا يقتصر النجاح على التمور فحسب، بل يمتد ليشمل القطاعات المرتبطة بهذا المنتج الحيوي، مثل: التصنيع الغذائي، والتصدير، والتعبئة، ما يعني أن التمر أصبح اليوم جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد السعودي، ومحورًا استثماريًا يفتح الباب أمام المزيد من الفرص الاقتصادية، ليس فقط لمزارعي الأحساء، بل للمنطقة بأكملها. أخيرًا.. يبقى الموسم نموذجاً حياً للنجاح الاقتصادي المبني على تاريخ طويل من الزراعة، ومستقبلاً مليئاً بالفرص الاستثمارية الواعدة، فالأحساء لا تكتفي بإنتاج التمور، بل تقدم نفسها كمنصة اقتصادية واستثمارية رائدة تسهم في تحقيق الأهداف الوطنية، وتعزز من مكانة مملكتنا في السوق العالمية للتمور.. دمتم بخير.