ترتبط القهوة بالإرث الثقافي للمملكة العربية السعودية، عبر تاريخ حافل بالعادات والتقاليد، وقيم الرجولة والكرم والضيافة، ومن هنا أصبحت عنصراً رئيساً في الثقافة والموروثات الشعبية السعودية. اكتشاف القهوة.. أول من جاء بها إلى اليمن وإلى الجزيرة العربية، هو رجل دين من أهل عدن اسمه جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد الذبحاني الذي عاش في منتصف القرن التاسع الهجري من الحبشة حيث كان يسافر لها، وقدّمها لأهل بيته وأصدقائه وضيوفه لتعديل المزاج وللتعافي من الوهن والإجهاد، ثم بدأ المزارعون في اليمن في زراعة البن بعد انتشار شربها الطبقة العليا وبعد ذلك قلّدهم العامة. بعد ذلك انتقلت إلى مكة، فعمّت الحجاز، ثم انتقلت إلى نجد (المنطقة الوسطى بالجزيرة العربية) مع إضافات السعوديين وطريقة صنعها. ومع مرور الوقت، انتشرت ثقافة شرب القهوة في المملكة العربية السعودية، وأصبحت مناسبات شرب القهوة جزءًا من التقاليد الاجتماعية. حيث يتم استخدام مواد مختلفة لتحسين النكهة، مثل: الهيل والزعفران والمسمار. وتعد القهوة السعودية من أفضل أنواع القهوة في العالم، ويتم تصديرها إلى الكثير من الدول الأخرى. وتتميز القهوة السعودية بنكهتها القوية والمميزة، والتي تعكس تاريخ وثقافة المنطقة، لطالما كانت المرتفعات الجبلية موضعًا مثاليًا لزراعة البن في المملكة، في الباحة، وجازان، وعسير. إتيكيت القهوة السعودية.. وتبعًا للتقاليد فإن مَن يتعين عليه صبُّ القهوةِ هو صاحب البيت وقد ينوب عنه ابنه أو أحد المقربين منه، ولا تُدار القهوة على الضيوف قبل أن يتناول صانعها الفنجان الأول حتى يتحقق من جودتها، وعادةً ما يطلق على هذا الفنجان لقب (فنجان الهيف)، ولا يسمح لكبير السن بصبها احتراماً وكرامة له. وأثناء صبها لا يسمح له بالجلوس، ويمسك "الدلة" بيده اليسرى ويقدم الفنجان بيده اليمنى، وإن قدمها خلاف ذلك يعد ذلك خطأً فادحاً. ولكي يلفت انتباه الضيف، يدق من يصب القهوة الفنجان بمقدمة الدلّة لتصدر صوتاً يجعل الضيف ينتبه إلى تقديم القهوة له، وعلى الضيف ألا ينشغل بالحديث ويترك المضيف ينتظر طويلاً. يتم تقديم القهوة للأكبر سناً أولاً، وبعد ذلك يتم تقديمها لمن هم في يمين المجلس ثمّ لمن هم في يساره، لكمية القهوة المقدمة إتيكيت أيضاً، وهو ألا يتجاوز مقدارها في الفنجان الثلث، وتسمى صبة (الحشمة)، وفي حال زاد على ذلك دل على أن الضيف غير مرحب به، إلا أن بعض القبائل تعد ملئه إكراماً للضيف. ويلازم القهوة السعودية التمر أو الرطب، ومع مرور الزمن تم إضافة الحلوى التي بدورها تعادل مرارة القهوة. يقوم الضيف بهز الفنجان عند انتهائه من القهوة في حال عدم رغبته بالمزيد بالتزامن مع كلمة "أكرمك الله" أو "دايمة". في عام 2013م، أعلنت وزارة التجارة والصناعة السعودية عن اعتماد "القهوة السعودية" كمشروب رسمي في المملكة العربية السعودية، ويهدف هذا الإعلان إلى تعزيز القهوة السعودية وتعزيز مكانتها كمشروب وطني. وجاءت تسمية عام 2022م ب"عام القهوة السعودية" احتفالاً بالقيمة الثقافية للقهوة السعودية. وفي الختام، تعد القهوة السعودية من الثروات الوطنية المهمة في المملكة العربية السعودية، وتشكل جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والاجتماعي والهوية الوطنية. نوف الرويسان