قدمت فرقة تواصل المسرحية العمانية عرضها المسرحي "الروع" من تأليف وإخراج طاهر الحراصي مساء السبت الماضي، وسط حضور لافت لجمهور مهرجان المسرح الخليجي 14 على مسرح جامعة الأميرة نورة بالرياض، تنظيم هيئة المسرح والفنون الأدائية. وافتتح العرض بمشهد يعكس براعة المخرج طاهر في رؤيته لتصميم الديكور، حيث بدت فيه الأشجار كثيفة ومتراصة وطويلة تخترق سقف المسرح، لا نرى سوى سيقان الأشجار، بأطوال شاهقة تتناسب مع الطول الشاهق لأسطورة شبح "الروع" في التراث الشعبي العماني، ذلك الشبح المخيف الذي لا ترى قمة رأسه من فرط طوله، ولا أحد جنبيه من فرط عرضه. هذه الافتتاحية بسيقان الأشجار المتراصة العالية، مع شذرات من الإضاءة السماوية، والخضراء، مع إعتام لمناطق أخرى، وإضاءات بؤرية على بعض تفاصل القرية، بدا لنا ذلك مخيفاً، ومدعاة للتوتر، ما يجعلنا أمام رؤية إبداعية للديكور التي أتت من عمق فكرة المسرحية، وجوهر قصتها القائمة على أسطورة شعبية مخيفة، ما يعني أن المخرج أخذ Concept هذا الجوهر وصاغة على شكل ديكور في جمال مشوب بكثير من القلق والترقب. إذن الديكور جاء من صلب الفكرة، ومتسق معها، وملازم لها، وهذه أول خطوة في أساسيات تصميم الديكور، أو حتى السينوغرافيا، لا يكون لها وظيفة إلا عندما تستخرج من جوهر الفكرة، أو من جوهر القصة. هذا الديكور بهذه الصياغة الأكاديمية، تصلح أن تدرس في أقسام المسرح في الجامعات، عطفاً على جماليات تصنيع الديكور الذي بدا من فلين مصطبغ بملامح سيقان الأشجار. بدأ المشهد البصري، هكذا، كما وصفناها سابقاً، مع مقدمة تشيء بملامح قرية هادئة بأدوات بدائية، ورجل ينذر الناس من شبح مخيف يقال له (الروع). يأكل المواشي، ويشرب الدماء، ويفترس الصغار، ومع إطلاق هذه الشائعة من قبل الشيخ الذي قتل أخاه حتى يعتلي مكانه ويستول على كرسي (الشيخة)، تأتي بمثابة الحدث الذي يغير مجرى الأحداث، وهي في الأصل وهم، ساقه المتنفذون في القرية حتى يسيطروا عليها، وتبقى امتيازاتهم في ظل قرية جاهلة تؤمن بالخرافات، بينما الشاب غصن، ومحبوبته زيانة، لديهم من العلم ما يكفي لأن يرفضوا مثل هذه الشائعات، ما يجعلهم عرضة للأشرار المنتفعين من هذه الشائعة، وتدور الأحداث حتى يقتلوا غصن، بوصفه علامة على العلم والمعرفة، وبموته تستمر الخرافة، والوهم مسيطران على أهل القرية. رغم جمال المسرحية، إلا أن الجمهور انفصل عنها وجدانياً في كثير من الأحايين، فصوت الممثلين لا يصل إليهم بسهولة، وإذا وصل لا يفهمون اللهجة العمانية المغرقة في المحلية، وظلوا يبذلون جهداً مضاعفاً حتى يفهموا سير القصة، وملامح الفكرة، ويبدو أنها وصلت بأشكال مختلفة تبعاً لمهارة التركيز لدى الحضور. الممثلون رغم أن هذا العرض السادس، إلا أنهم ما زالوا بحاجة لتدريب أكثر في لغة الجسد، ومهارة عالية في الأداء الصوتي ليكونوا أكثر قرباً من الجمهور، ويعرفوا أن الممثل لا يكتفي بأن يتحدث مع من أمامه على الخشبة، إنما هناك طرف ثالث "الجمهور" عليهم أن "يسمعوه" ما يدور بينهم بطرق يعرفها الممثلون المحترفون، حتى الصوت الهامس عندهم يصل إلى آخر فرد في نهاية الكراسي. العمل لم يستطع أن يتخلص من أسر التراث، وتكراره، وتقديم الشخصيات النمطية، مثل: المجنون، والمعلم التقليدي، وكان عليه أن يعيد إنتاجها بأشكال أكثر فناً. يأتي المهرجان تحت إشراف اللجنة الدائمة للفرق المسرحية الأهلية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. رجا العتيبي