في لقاء على منصات إذاعة "العربية FM"، وبين كلمات تخللتها الصراحة والشجاعة، أطلق الأديب والمفكر الدكتور عبد الله الغذامي جملة رنانة أضاءت عتمة الفهم التقليدي للوطنية، قائلاً: "تعلمنا الوطنية من محمد بن سلمان ورؤيته، وليس من مقرر الوطنية". جاءت كلماته كصفعة توقظ الوعي وتجعلنا نتساءل: هل الوطنية حقًا يمكن أن تُلقن في منهج أكاديمي؟ أم أنها أكبر وأعمق من أن تُختصر في سطور كتاب؟ إن رؤية 2030 ليست مجرد خطة تنموية، بل هي لوحة سريالية تمتزج فيها ألوان الطموح والإرادة، حيث ترتسم ملامح مستقبل يتجاوز الواقع المحدود، ليحلق بعيدًا في سماء الإنجاز. هنا، تتحول الوطنية من فكرة جامدة إلى مفهوم حي، ينبض بالحياة في كل زاوية من زوايا المملكة، ويشع بالإنجازات التي تلامس حياة كل فرد فيها، كانت الوطنية في الماضي عبارة عن حكاية مكررة، تُسرد على مسامع الطلاب، تتعاقب عليها الأجيال، دون أن تُحدث أي تغيير حقيقي. ولكن، مع الأمير محمد بن سلمان، أخذت هذه الحكاية منعطفًا حادًا، وأصبحت قصة من النهوض، قصة تروي كيف يتحول الحلم إلى حقيقة. في مشاريع مثل "نيوم"، يبدو المستقبل وكأنه يتشكل من رحم الحاضر، مدينة تخرج من عمق الصحراء، كسراب يتحول إلى واقع ملموس، حيث تتلاقى التقنية المتقدمة مع الطبيعة البرية في مشهد لا حدود فيه للأحلام. أما "القدية"، فهي مساحة واسعة من الخيال، حيث يتحول الفراغ إلى مغامرة، والتضاريس إلى لوحة ديناميكية من الأنشطة والفعاليات. هي أرض الترفيه والتسلية، حيث تتعالى ضحكات الأطفال، وتختلط بأهازيج الفرح، مكان يروي للعالم أن السعودية ليست فقط أرض النفط والرمال، بل هي أيضاً مركز للأحلام الكبيرة، ومكان للترفيه الذي لا حدود له. القدية، كفكرة، تأتي لتجسد الوطنية في بعدها الإنساني، في كيف يمكن للوطن أن يكون مساحة للحياة والفرح، مكاناً يجتمع فيه الجميع ليعيشوا أجمل لحظات حياتهم. وفي مشروع "البحر الأحمر"، تتحول المياه إلى مرآة تعكس الروح السعودية المتجددة، جزراً تبزغ من عمق البحار لتروي قصة جديدة عن الجمال والاستدامة، حيث تتراقص الأمواج على إيقاع الحياة البحرية المزدهرة. وعندما نتحدث عن "الدرعية"، فإننا نعود إلى الجذور، إلى مكان بدأت فيه قصة المملكة، لتعود اليوم كمسرحٍ عالمي يحتضن الفعاليات الدولية، ويجمع الثقافات من كل حدب وصوب. هنا، تتحول الأزقة القديمة إلى شرايين جديدة تنبض بالحياة، وحيث تجتمع العراقة مع الحداثة في توليفة سحرية تجذب أنظار العالم بأسره. الدرعية ليست مجرد موقع تاريخي، بل هي قلب نابض يذكرنا بأن الوطنية تتعلق بالمحافظة على الهوية والاعتزاز بالماضي، بينما ننطلق بكل طاقتنا نحو المستقبل. وفي استضافة المملكة للمناسبات العالمية في المجالات كلها، من الرياضة إلى الثقافة إلى التقنية، نجد أن الوطن يتحول إلى منصة كونية، يستقبل العالم بأذرع مفتوحة، ويستعرض ما أنجزه من تقدم وازدهار. إنها دعوة إلى العالم ليشهد كيف تحول الحلم إلى واقع، وكيف أن السعودية الجديدة أصبحت مركزًا للتفاعل الحضاري والإنساني، مكاناً يتلاقى فيه الشرق مع الغرب، والشمال مع الجنوب، ليصنعوا معاً لوحة فنية تعبر عن الروح العالمية. ونحن في زخم هذه التحولات، يتجلى لنا أن الوطنية الحقيقية ليست مجرد مشاعر حب للوطن فقط، إنما هي أيضا التوق الدائم نحو تحسين مساره، والسعي الحثيث لرفعته ونموه؛ نحن ملزمون بالعمل بجدية لنحقق له المكانة الرفيعة التي يستحقها. أقول إن الوطنية، كما غرسها فينا الأمير محمد بن سلمان، تتجاوز الحدود التقليدية، وتتحلى بجسارة مواجهة المستحيل، وتمتلك القدرة على إدراك الفرص في الوقت الذي يراها الآخرون مجرد عوائق. كلمات الدكتور عبد الله الغذامي كانت بمثابة دعوة إلى التفكير بعمق في معنى الوطنية وما تعنيه لنا اليوم هي تذكير بأن الوطنية ليست مجرد مادة تُدرّس، بل هي نبض الحياة اليومية، هي الإصرار على الإسهام في بناء الوطن، وتعزيز مكانته والارتقاء به. الوطنية الحقيقية هي ما علمنا إياه الأمير محمد بن سلمان من خلال رؤيته الطموحة، رؤية تجعلنا نعيش الوطنية كل يوم، ونتطلع إلى مستقبل أفضل وأجمل للمملكة ولجميع أبنائها. فهد حامد