قروض الأفراد تعادل قروض الأنشطة الاقتصادية    الأمم المتحدة: انفجارت أجهزة «البيجر» في لبنان «مقلقة للغاية»    فوز هاريس يحتم التعايش مع بيونغ يانغ النووية    محاولة اغتيال ترمب.. المشتبه به يواجه تهمتي حيازة سلاح    شوريون: مضامين كلمة القيادة نهج وفاتحة خير لعمل المجلس    500 شخص حصيلة قتلى إعصار ياغي    أضرار وضحايا: هجوم مسلح يستهدف معسكر تدريب بمالي    بيولي بديلاً لكاسترو في النصر    رهيب يا «زعيم»    أمطار رعدية على بعض مناطق المملكة من الغد وحتى الأحد    الهلال «العالمي» يستهل مشواره في «أبطال آسيا للنخبة» بثلاثية في مرمى الريان القطري    وزارة النقل ترعى مؤتمر ومعرض السعودية للملاحة والخدمات اللوجستية    الموافقة على أنظمة السجل التجاري والأسماء التجارية وضريبة التصرفات العقارية    تسهيل إجراءات المعتمرين بالمنافذ    حملة على الباعة الجائلين بالدمام    تجارب للمحاكاة السريرية المتقدمة    "المهيريس" يشكر القيادة على ترقيته للمرتبة الرابعة عشرة    السلمان يزور الجرحى من منتسبي القوات المشتركة    نائب أمير الرياض يستعرض المشروعات الصحية ويستقبل وفداً إيطالياً    أمير حائل ينوه بدعم القيادة للبرامج المجتمعية    الهلال السحر الحلال    متخصصون: تقنيات حديثة تخفض تكاليف علاج مرض السكري    جايكو وأومودا تطلقان باقة من العروض الجذابة احتفالا باليوم الوطني السعودي الرابع والتسعين    جبل خندمة.. معلم تاريخي ومقصد للزوار لمشاهدة المسجد الحرام من ارتفاعات شاهقة    كيف فجرت إسرائيل أجهزة اتصالات «حزب الله»؟    "دوائي" تحذر من تناول الخلطات العشبية وأضرارها على صحة الكلى    الأمم المتحدة: السعودية الرابعة عالمياً في الخدمات الرقمية والأولى على المنطقة    نائب أمير الرياض يستقبل وفداً من إقليم «لومبارديا» الإيطالي    مدرب الاتحاد بلان يراقب الهلال في الآسيوية    اتفاقية تعاون بين الجامعة السعودية الإلكترونية والاتحاد السعودي للسهام    مدير عام فرع الإفتاء في جازان يلتقي عميد كلية الشريعة سابقًا        أمر ملكي بترقية 233 عضوا في سلك أعضاء النيابة القضائي    "الذوق العام" تطلق برنامج ذوقيات "النقل العام" لخلق بيئة ثقافية    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لتنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب 2024    تجمع الرياض الصحي الأول يضيء منشآته بالبرتقالي ويعزز الوعي بسلامة المرضى    الفاتورة البشرية للحرب ..مليون قتيل وجريح أوكراني وروسي    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ الجولة الدعوية الثاني في صامطة والطوال ومراكزها والقرى        القصاص من مواطن قتل زوجته وحرقها    الخريف يلتقي وزير الدولة البريطاني للأعمال والتجارة    نسف منازل ومخيمات..مجزرة إسرائيلية في دير البلح    تقديم صرف مكافآت طلاب وطالبات جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    نائب أمير الرياض يكرم الفائزين بجائزة "التواصل الحضاري"    القيادة تعزي أمير دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك الحمد المبارك الصباح    توقيع عقد لمشروع طريق الملك عبدالله جنوباً بمدينة بريدة ب 277 مليون ريال    الحكومة المصرية: السعودية ستضخ 5 مليارات دولار استثمارات في البلاد    كرم مدير تعليم مكة المكرمة المدارس المتميزة في الاختبار "نافس "    «بين الثرى والثريا».. انطلاق النسخة الرابعة من «نور الرياض 2024»    آل السريحي يحتفلون بزفاف سهيل    «الخيمة» القطرية.. لوحة مسرحية بالمهرجان الخليجي في الرياض    غير مكتمل    الوعد السبت    إدعموا مؤسساتنا الصحفية ياوزارة الإعلام    تنبيه للحماية من مرض السكر    طبيب أعصاب يحذر من آثار تناول القهوة    الأمير سعود بن نهار يناقش استعدادات المحافظة للاحتفاء باليوم الوطني 94    أمين القصيم يستقبل القنصل العام لجمهورية مصر العربية بالرياض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعظيم النعم
نشر في الرياض يوم 11 - 09 - 2024

من مقتضى رُبُوبِيَّة الله تعالى إنعامُه على عباده بالنِّعمِ الظاهرة والباطنة، وهذه النِّعم عامَّة، فلا يخلو أحدٌ من نيلِ شيء منها، وهي من الكثرة بحيث لا يأتي عليها الإحصاء، كما قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وواجب على العبد أن يُقرَّ بهذه النّعم، وأن يبذل الجهدَ والوسعَ في شكرِها، ومن وُفِّقَ للقيام بهذا الواجب أثمرَ له نتائجَ مباركةً، منها تزايُد النعم؛ فإنّ شكرها سببٌ لزيادتِها، (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ)، وهذا وعد من الله تعالى وهو أصدق القائلين، ومن نتائج شكرِ النِّعم أن الشاكرَ ذاكرٌ لله تعالى، فمن أدمنَ الشكرَ فقد أدمَنَ الذكرَ، فمن أهمِّ ما يعينُ العبدَ على كثرةِ الذكرِ أن يتأملَ عطايا الله تعالى، ويحدّثَ نفسَه عن ذلك، وينطلِقَ لسانه بحمد اللهِ تعالى والشُّكرِ له، فهو جامع بين ذكر الله تعالى في نفسه، وبين ذكره بلسانه، ومن كان حاله هكذا رزقَ الطمأنينةَ وراحةَ البال، كما قال تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وبالمقابل فنسيانُ نعمةِ اللهِ تعالى وعدم خُطُورِها بالبالِ من أكبرِ أسبابِ الغفلة، وانقطاع تعلُّق قلبِ العبدِ بربِّه، ولا راحةَ لبالِ من ابتُليَ بهذا، ولي مع تعظيم النعم وقفات:
الأولى: الإسلام والإيمان أعظم النِّعمِ التي ينعمُ الله تعالى بها على عبدِه، ومعلوم أنَّ هذه النعمةَ لا ينالُ نعيمُ الآخرة المؤبَّدُ إلا بها، وعلاوةً على هذا فأثرها في الدنيا عظيمٌ جدّاً، فالمسلمُ مستريحٌ من عنَتِ عبادةِ المخلوقاتِ وما يترتَّب على ذلك من تكبُّد المشقَّاتِ في الباطلِ، كما أن من أعظمِ النعمِ اتباعَ السنةِ ولزومَ الجماعة، ونبذَ الفرقة والحزبيَّة؛ فإن سنةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مؤسَّسة على تقوى من اللهِ ورضوانٍ، أما البدعُ والفرقُ فمؤسّسة على شفا جرُفٍ هارٍ، وإنَّ في لزوم جماعة المسلمين وطاعةِ ولي أمرِهم تمسُّكاً بعروة الوحدةِ الوثقى، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَدُ اللَّهِ مَعَ الجَمَاعَةِ»، أخرجه الترمذي، وصححه الألبانيُّ، وأيُّ نعمةٍ أكبر من أن تكون يدُ الله تعالى على العبد؟ وبالمقابل فإن من النّقمِ أن يُبتلى الإنسانُ بالبدعة، وأن يتشرَّب أفكارَ الفرقةِ، فإنَّ هذا شقاءٌ وبذلٌ للجهود فيما يُبعِد عن اللهِ تعالى، ولا يخفى أن من عادة أهل البدعةِ الاجتهادَ فيما هم فيه، لكنْ هذا الاجتهادُ إنما هو إرهاق للنفسِ فيما لا جدوى فيه، فهؤلاء يبذلون جهودهم بما لا طائل تحته، بل لا يزيدهم اجتهادُهم إلا بعداً عن الحقِّ، ومن أعظم النّعم المعنويةِ أن يُوفَّق العبد لحسنِ عبادة ربّه، والبعد عن المنكراتِ، وأن يتَمتَّع بسلامةِ الصدر، والكفِّ عن الإضرارِ بالعبادِ والبلادِ؛ فإنَّ طهارة القلب من الحقد، وبراءةَ اللسان والجوارح من الجنايات من أسباب السعادة، وجوالبِ هناء العيش.
الثانية: واضح تفاوُتُ الناسِ في النعم الظاهرة، من مال وولد وجاهٍ وصحةٍ ومظهرٍ وغير ذلك مما لا سبيل إلى حصره، ولكلِّ إنسانٍ من هذه النعم نصيب مكتوبٌ، ويجبُ عليه أن يشكر اللهَ تعالى على نصيبه، ومما يعينه على شكر هذه النعم أن ينظر إلى من هو دونه فيها، فبهذا يظهر له أثر النعمة التي يتمتَّع بها، وقد أرشدنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى هذه المقارنة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ» أخرجه مسلم، كما أن مما يعينُ على شكر هذه النِّعم أن يتعظَ الإنسانُ بالفترات التي يُسلبُ فيها شيئاً من النعمة، فإذا أصابه الأرَقُ تذكَّر نعمة النومِ الهنيءِ، وإذا مرضَ تذكَّر نعمةَ الصِّحةِ والعافية، وأن يتذكَّر حالَه قبل أن ينالَ النعمةَ، فإذا سرَّه ولدُه تذكَّر حاله قبل أن يولَدَ له، وهكذا.
الثالثة: من أكبرِ النعمِ نعمةُ الأمنِ والاستقرارِ، ووفور الرزق في البلد، والتعايشُ السلميّ بين الناس، وهذه النّعمة تستوجب الشكرَ والحرصَ عليها؛ فإنَّ النعم الأخرى مُتوقِّفة عليها، لا تكمُل ولا تصفو بدونِها، والمحافظة على هذه النعمة واجب مشترك بين أفراد المجتمَع، يتحمّلُ كلٌّ منهم المسؤوليةَ في الإسهامِ فيه بما أمكنه، وذلك بالسَّمع والطاعة لوليِّ الأمر، والتقيُّد التامّ بأنظمةِ البلاد، وهذا القدرُ من الأسباب فرضٌ دينيٌّ وواجب وطنيٌّ، وهو أقلُّ الواجب، والمرجوُّ من المواطنِ أن لا يقتصرَ على هذا، بل يجتهد ليرفع راية الوطنِ بالتألُّق في المعارفِ والاقتصادِ والأخلاق والغيرةِ على الوطنِ؛ فإن المحافظةَ على النعمِ تحتاج إلى صيانة الموجود، والسعي في التطويرِ وعشقِ الارتقاء والإبداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.