الحياة ليست مجرد أرقام، والاستثمار لا يقتصر على المال والثراء، وليس مجرد نقود نكتنزها فقط، الاستثمار يعني استخدام المال للحصول على مزيد من المال، وهي فكرة مُحفّزة لا تبعث على الخوف، والأهم معه اليوم تربية وتعليم أبنائنا على الادخار والاستثمار معًا من الصغر لصناعة حياة مستقبلية مستقرة ماليًا.. تحفل مواقع الإنترنت بالكثير من المفاهيم والمصطلحات المالية المُعقَّدة، مثل "الفائدة المُركَّبة" و"صناديق الاستثمار" و"صناديق التمويل المشترك"، تلك المصطلحات وغيرها تتطلب من الشخص العادي وقتاً طويلاً كى يفهمها، ناهيك عن تلك الساعات الطوال التي نستغرقها في متابعة مناقشات خبراء الاقتصاد حول أنواع الأسهم وأسعار الفائدة وحسابات البنوك ولكن بلا طائل؛ إذ نعكف على محاولة فهم هذه الأفكار المبهمة، إلا أننا في النهاية نجد أنفسنا لم نتعلم شيئاً، بل نغرق في بحرٍ من المعلومات المعقدة، فيظل المرء عاجزاً عن اتخاذ القرار المالي المناسب. راميت سيثي في كتابه "الطريق إلى الثراء.. كيف تتعلم أصول الادخار والاستثمار" يضرب مثلًا جميلًا، هل يجب أن تكون مهندساً ميكانيكياً كى تقود سيارتك؟ بالطبع "لا". وكذلك لست بحاجة إلى أن تكون خبيراً مالياً كى تتمكن من إدارة أموالك بنجاح.. وهنا بيت القصيد، هذه الخلاصة ستجعلك قادراً على اتخاذ القرار المالي السليم وإدارة أموالك بنجاح وفاعلية، وترشدك بأسلوب مُبسَّط لمعرفة كيفية اتخاذ قرارات حكيمة وتأسيس بنية تحتية مالية تمكّنك من تخطي الحواجز التي تحول بينك وبين استثمار أموالك فيما يضاعف أرباحك ويحقق عائداً مجزياً على استثماراتك. ويورد الكتاب مثلًا مهمًا بأن "الدَّين ماردٌ مكبَّل؛ إذا لم تتحرر من قيوده، فلن تستطيع السيطرة عليه"، تلك هي الصورة النمطية العالقة في أذهاننا بشأن الاقتراض، فصارت القروض وبطاقات الائتمان -التي أغرقت كثيراً في الديون- تخيف الكثيرين ويحاولون تجنبها، وكذلك القروض التي أصبحت باعثاً مستمراً على الخوف من المستقبل خشية تحمل السداد، هذا الشبح المخيف يصيب بالخوف والتردد فلا أحد منه يستطيع اتخاذ قرارات مالية صائبة!. ولكن الحقيقة أن كل فرد مُعرضٌ للسقوط في مصيدة الديون في مرحلة ما من حياته، فالحل الناجح هو حسن إدارة بطاقات الائتمان والقروض بما يحوِّلها إلى أداة إيجابية تساعده على الادخار والاستثمار. الاستثمار يعني استخدام المال للحصول على مزيد من المال، وهي فكرة مُحفّزة لا تبعث على الخوف، ولكن عليك بالصبر؛ إذ تحتاج الاستثمارات إلى بعض الوقت حتى تؤتي عوائدها، وليس من الضروري أن تكون المبالغ المستثمرة ضخمة، فالمكاسب الكبيرة تأتي نتيجة استثمارات صغيرة تحدث طوال الوقت، وليس كما تعتقد أنها نتيجة مجازفات هائلة أو استثمارات كثيرة. أياً كان الإجراء الذي تقبل عليه، سواء كان سداد دين أو ادخار أو استثمار، كل هذه الإجراءات تتطلب أولاً امتلاكك للمال، ومن ثم يتعين عليك إدارة هذا المال إدارة ملائمة وفعالة، حيث يعد وضع الميزانيات الخطوة الأولى على هذا الطريق بهدف السيطرة على إنفاقك. لكن هذا البديل ليس سهلاً كما يبدو للوهلة الأولى، ذلك لأن تتبُّع كل دولار ينفقه الشخص عملية شاقة ومرهقة، وقد تجد نفسك غارقاً في طوفان من الأرقام، لذلك نقترح عليك وضع خطة محكمة لمراقبة إنفاقك والتحكم به كخطة للإنفاق الرشيد. وتتمثل أولى مقومات هذه الخطة في أن تنفق على ما تحتاج إليه احتياجاً حقيقياً وتتوقف عن الإنفاق في غير ضرورة، فإذا كنت تسعى إلى شراء هاتف محمول، فلا داعي لشراء هاتف بإمكانات هائلة لا تحتاج إليها، اكتف بهاتف يجمع الإمكانات التي تفي بأغراضك واستخدامك، الهاتف ذو الإمكانات الفائقة سيكون ذا سعر باهظ ولن تستفيد من كل إمكاناته، لذلك فمن الأفضل تخصيص ثمنه لأشياء تحتاج إليها بالفعل أو ادخاره، ولكن لا داعي للشعور بالذنب إذا أنفقت مالاً لشراء شيء تحبه أو يدخل السعادة إلى قلبك. أخيرًا يبرز الكتاب خطة للاستثمار بأن تركز جهودك على ما يحقق لك عائداً كبيراً، فاختر الحسابات المناسبة، وتفاوض حول أجرك، واحرص على أن تتم تعاملاتك إلكترونياً، الاستثمار ليس سهلاً، ربما يحمل إليك بعض الملل، فتحل بالصبر لأنك في النهاية ستجني الثمار، احرص على زيادة دخلك وتنويع مصادره ولا تضع له حداً يوقفك، أصغ إلى نصائح الآخرين، ابتسم لهم وأظهر اقتناعك بما يقولون، ثم افعل ما تراه مناسباً، لا تلجأ إلى الحلول المسكّنة أو السريعة، اتخذ خطواتك الاستثمارية الأولى، واصبر، وراقب النتائج، تحكم في مواردك وإنفاقك، فلن يقوم أحد بتلك المهمة نيابةً عنك، اعلم أنك مختلف عن الآخرين فلكل شخص رؤيته الخاصة عن الثراء، ضع رؤيتك الخاصة وخطط لثرائك بحكمة، لا تقع أسيراً للجداول والحسابات وحدها، فالحياة ليست مجرد أرقام، لديك علاقات تحتاج إلى اهتمامك، وتجارب لا بد وأن تعيشها، ومجتمع له عليك حق لا تغفله. فالاستثمار لا يقتصر على المال والثراء، وليس مجرد نقود تكتنزها فقط، ليبقى الأهم بأن الادخار والاستثمار عنصران مهمان لتربية وتعليم أبنائنا عليهما من الصغر لصناعة حياة مستقبلية مستقرة ماليًا.