عندما يقترب الصيف ويزداد الدفء عند الظهيرة يوماً بعد يوم، يفكر الأوروبي أخيراً بمناخ أوروبا الألطف. وهو يتريث في الجزيرة العربية، يباغته الحر اللاهب لمنتصف الصيف حيث لا مفر منه في الصحراء المفتوحة إلا في الخيام البدوية السوداء التي يقاوم شعرها الماعزي المنسوج حر الصحراء اللاهب. وعندما يبلغ الحر ذروته يتراجع العرب إلى الآبار الدائمة وسرعان ما تكتظ خيامهم حولها بالمئات، وفي آب أغسطس حتى الجمل لا يستطيع أن يستمر سوى ستة أيام بلا ماء وفي نهاية الصيف يستهلك المرعى المجفف خلال فترة ثلاثة أيام. في هذا الحر تكون الفرس ترفاً عديم الفائدة لأنها لا تستطيع أن تستمر بعد حر الظهيرة الأولى دون التزود بالماء. ولما كان ثمة مناطق قليلة ذات آبار ضمن مسافة ركوب صباحي عن بعضها البعض لا يمكن تحريك الفرس إلا مع جمال تحمل قرب الماء لأجلها حتى يعود الشتاء مرة أخرى حتى الغنم تحتاج الماء كل ستة وثلاثين ساعة لذلك يعمل البدو الشباب وخدامهم على الآبار يومياً وبالتناوب بين العشائر فيقذفون قرب الماء اللماعة من الرافعة إلى حوض من القرب الجلدية وأماليد النخيل التي تقحم الجمال روسها فيها بسرعة. من أجل العمل في الآبار يشمر العرب قمصانهم إلى الأحزمة المصنوعة من جلد الغزال المضفور الذي يرتديه كل بدوي تحت قميصه حيث تصنع أحزمة الرجال بثلاث حبال مضفورة والنساء بخمسة وهي تعتبر أيضاً مفيدة للحد من وخزات الجوع وعند ما ينتهي عمل اليوم يجتمع البدو عند موقد قهوة الشيخ، ويرن المجلس أو مكان الجلوس للشيخ الكبير بشكل متكرر بضجيج سحق البن وتتميز خيمة الشيخ عادة بامتلاكها عموداً واحداً على الأقل أكثر من خيام بقية الرجال. هكذا يقول المستكشف والدبلوماسي البريطاني جيراد غوري في كتابه رحلة إلى الجزيرة العربية أثناء زيارته للرياض عام 1935م وهو يصف جزءًا من حياة البدو في الصحراء منتصف الصيف مضيفًا بلغته الأدبية الرفيعة: هذا هو وقت تودد البدو للزواج أو طلب اليد وهو الوقت الأكثر أنساً لهم من وقت الشتاء أو الربيع حيث تحدث المغازلات البدوية عند آبار أو موارد المياه فرصتهم لأكبر تجمع موسمي وتكثر في هذا الوقت أغاني الحب حول الحسناوات البدويات التي يرددها الشباب الذين يبقون مثل الشباب الإيطاليين ملتاعين بالحب طويلاً قبل أن يتزوجوا في النهاية وعلى الأرجح واحدة أخرى تقترحها لهم عائلاتهم. بنات العم الأوائل البكريات يتخذن غالباً كزوجة أولى لأن المتعارف عليه بينهم أن الرجل يجوز له أن يأخذ بنت عمه الأولى إذا رغب من أجل حفظ نقاء الدم والصفة المميزة للعشيرة وبقاء المهر من الإبل مع نفس القبيلة. مؤكداً أن العربي هو الأكثر ولعاً بنسائه أكثر مما يعتقد بعض الأجانب الذين سمعوا فقط بالمظاهر الأكثر خشونة لنظام الحريم في بلدان إسلامية أخرى في الأيام الخوالي. وفي مكة أوجد العشاق عبر الأجيال تنظيماً سرياً بالكامل مع شفرة لأجل لغتهم فوفقاً للعرف لا يجوز لهم أن يلتقوا. وتعتبر الرسائل مدعاة للوم مثل اللقاء إذا رأوا اللحظة شخصاً يبدو مرغوباً. فيجب بطريقة ما أن يعبروا أو يبلغوا عن مشاعرهم إلى من أحبوه، ولذلك تستعمل اللغة السرية. وسيكون من غير اللائق كشف السر القديم العهد للمغازلات الملكية. لكن يمكن للقارئ أن يخمن أهمية بعض الإشارات التي يمكنهم أن يستخدموها فهم يرسلون باقات، على سبيل المثال ورقة شجرة، كبش قرنفل، بعض الفلفل، أو الهيل أو الملح أو حبة قهوة. وقد ترسل الفتاة قطعة من التطريز عادة بخيط من الذهب (يرسل البعض منهن خصلة من شعر رأسها) أما رسل الحب فهم الخدم الفتيان الصغار والفتيات الصغيرات من الخدم. البعض منهم يكون شديد التحكم والعون بحيث إنهم يجنون ثروة من العشاق الأغنياء. وعبر الليل المكي يطير هؤلاء الوسطاء الداكنون والوكلاء لحافز قديم قدم الدنيا، مراوغين ببراعة خبيثة ويقظه للنجاة من رجال الحسبة الذين نصبهم الحراس المعممون (لابسو العمائم) المتزمتون لطبقة نبلاء المدينة. في الصيف يقطن البدو حول موارد المياه التودد للزواج وطلب اليد مشقة استخراج الماء سعود المطيري