تُعد مجالس المشراق من السمات البارزة في حارات الرياض، حيث كانت تشكل منصات اجتماعية وثقافية تجمع رجال الحي لمناقشة مختلف القضايا وتبادل الأحاديث، تميزت هذه المجالس بأنها تُعقد غالبًا في الشتاء عند شروق الشمس، تحت ظلال أحد البيوت التي تصلها أشعة الشمس وتتمتع بتيار هواء منعش، بينما في الصيف تُقام بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر للشباب. لم تكن هذه المجالس تقتصر على مجرد الجلوس وتبادل الأحاديث، بل كانت تُدار وفق قوانين وقواعد صارمة تحكمها، مثل احترام الكبير، ومنع التدخين، وتقديم القهوة السعودية. كما كانت تُعنى باحترام الطريق، حيث لا يُسمح بإيذاء المارة أو الإساءة لأحد. تنوعت المواضيع التي تُناقش في المجالس بين الأوضاع الاجتماعية وقصص الأولين والمواقف الطريفة، بالإضافة إلى رواية الشعر وتبادل أخبار الشعراء. كانت مجالس المشراق تُعد فرصة لقضاء أوقات الفراغ واستثمارها في لقاءات مثمرة، عادةً ما كان الأكبر سنًا هو من يتولى الإشراف على المجلس، مما يعكس مكانة كبار السن في المجتمع، وبالنسبة لكبار السن، كانت لديهم مواضيع تناسب أعمارهم، بينما كان الشباب يناقشون مواضيع تهمهم وتتوافق مع اهتماماتهم، في بعض الأحيان، كان أحد الحاضرين الذي يقرأ الجرائد يجلب معه الأخبار والمستجدات ليناقشها مع البقية، ومن هنا، كانت مجالس المشراق تُعد بمثابة منتديات تُدار فيها الحوارات والنقاشات حول مختلف القضايا التي تهم المجتمع، مما يعزز التواصل والترابط بين أفراد الحي. مجالس المشراق كانت تجسد بساطة الحياة وتآلف القلوب بين أهل الحي، فلا مصروفات تُذكر ولا تكاليف مادية تثقل كاهل أحد، القهوة تُقدم في دلة، والماء يُصب في غضارة كبيرة، والجلوس على الأرض كان بلا تكلف، حيث يجلس كل شخص حسب راحته، سواء مدّ رجليه أو جلس على جنب، دون اعتبار للعمر أو الظروف الصحية، كان الحضور يحرصون على الابتعاد عن الغيبة قدر الإمكان، وكان المجلس يُقام بعيداً عن أبواب الجيران حرصاً على راحتهم، في المشراق، يجتمع الغني والفقير دون تفرقة، فهو مجلس لجميع من سكن الحارة، وكان كل واحد يحمل معه مهفة «مروحة يدوية من الخوص» إذا احتاجها، كم هي كانت منتديات اجتماعية وثقافية مهمة بالرغم من بساطتها وبساطة روادها. * المشرف على ديوانية آل حسين التاريخية تنظيم لأحد فعاليات المشراق بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي عبدالعزيز بن سليمان الحسين*