الجريدة وعاء صحفي ورقي، وبعد ظهور التقنية الرقمية جمعت بين الورقية والرقمية، ولكن ظلت الجريدة محتفظة بهويتها الخاصة مع مرونة أكثر في الجرائد التي اختارت أن تتجه للوعاء الرقمي وألغت الورقي. هذه المرونة ليست مطلقة وإنما محددة وملتزمة. وهناك أوعية صحفية أخرى ومن أهمها وأكثرها انتشاراً المجلة، ولكل من المجلة والجريدة شكلها الخاص، ومن حيث المحتوى فكل الأنواع الكتابية مشتركات بين الجريدة والمجلة غير العلمية، ولكن وفق معايير تتحدد حسب السياسة التحريرية لكل منهما، وكذلك هناك أعراف صحفية غير مكتوبة، والأعراف الصحفية ترتبط بالأخلاقيات وبالجماليات، فليس كل ما يُنشر في المجلة يقبل النشر في الجريدة، وإن كان كل ما ينشر في الجريدة قابل للنشر في المجلة. هذه النقاط تجعلنا نذكر بعض الحقائق الراسخة في الفكر الجمعي عن طبيعة المجلة وطبيعة الجريدة، فالجريدة وعاء أكثر جدية لا يحتمل محتواها الذهاب بعيداً عن لب المواضيع وجوهر القضايا لذلك نجد الجرائد تحمل قدراً من الهيبة المهنية للمتخصص وهي كذلك في نظر جمهور القراء. أما المجلات فبطبيعة محتواها تختلف في تصنيفها ونظرة الناس لها، فهناك مجلات توازي الجريدة في رصانة مواضيعها وعمق طرحها وجديته وتتميز بإمكانية التوسع في الدراسات والمقالات النقدية والعلمية، ومنها على سبيل المثال: المجلة العربية ومجلة الفيصل ومجلة اليمامة ومجلة القافلة وغيرها، وهناك مجلات تعتمد على الصورة والإثارة الخبرية والإخراج الجذاب مع درجة أقل من الاهتمام بالمحتوى من حيث الأهمية والمصداقية. وإذا أخذنا الصورة وهي أحد العناصر المشتركة بين الجريدة والمجلة نجد أن هناك ضوابط يتعامل بها الصحفي المحترف –المهني- عند وضع الصورة في الجريدة من حيث حجم الصور وعددها وحجم الخبر المكتوب، وعلاقة الصورة بالمحتوى، فالصورة قد تكون هي الخبر ولذلك تأخذ الحيز الأكبر في بعض المواد المنشورة في الجريدة مع التزامها بمعايير مرتبطة برصانة الجريدة وقيمتها الأدبية، وللصور الشخصية اعتبارات خاصة داخل المادة الصحفية، فتكرارها إذا لم يكن له مبرر إما أنها أتت مرتبطة بمراحل تاريخية أو أدبية للشخصية أو أنها ذات علاقة بشخصيات أخرى تواجدت معها في صور مشتركة يكون تكرار الصور الشخصية إعلاناً لضعف المحتوى ومحدودية الأفكار المطروحة. ويمكن القول: إن هناك نقاط تماس بين محتوى الجريدة والمجلة، وعند تجاوز هذه النقاط يحصل ما يمكن أن نسميه فقدان الهوية الفنية والشكلية، فعند استعارة الجريدة لبعض القوالب الإخراجية للمجلة بشكل مبالغ فيه وخصوصًا عند توظيف الصورة النسائية خارج أطر توظيفها قد تفقد هذه الجريدة صورتها في ذهنية القارىء وبالتالي قد تتعرض لانحدار مستواها وقيمتها ومدى مصداقيتها، وربما تهتز هيبتها ودرجة وقارها في نفسه.