الاعتماد على النفس هو النجاح بعينه، في الحياة له أسس واضحة، أولها وفي مقدمها الاعتماد على الله، ثم الاعتماد على الذات وعدم الاعتماد أو الاتكال على الآخرين، ونجد أنه أمر الاعتماد على النفس تشارك فيه جهات عديدة مثل الأسرة، والمؤسسات التعليمية، وكذلك الأصدقاء، إلا أن اعتماد الشخص على نفسه لا يعني الابتعاد عن الآخرين. ولكن عشنا وشفنا من بعض الشباب والأبناء ظهور الاتكالية على الجيل الحالي الذي يصعب عليه اتخاذ قراراته حتى في دراسة التخصص العلمي ويواجه صعوبة في تحديد أهدافه ونجده اتكالياً في كل أمور حياته فيأتي له الطعام إلى مكانه وهو منشغل بالوسائل التكنولوجية ويقوم الأهل بكل المعاملات الخاصة به حتى وإن كان طالباً جامعياً، ويحاول التهرب من المسؤوليات وهو موظف ويؤجل أعمال العملاء لاتكاليته ومع الأسف يبحث عمن يقوم بالعمل عنه، والبعض منهم غير قادر على المواجهة أو عرض مقترحات أو أفكار لمحدودية تفكيره وقد يتمنى لو حصل على من يفكر عنه! الاتكالية مشكلة يجب التصدي لها لأنها تخلق مجتمعاً اتكالياً غير قادر على القيادة والبلد في أمس الحاجة إلى جيل نشط ومجتهد ويعمل بجد وإخلاص وحافز يواكب التنمية التي نعيشها، والبيت أو الأسرة المكان الأول الذي يجب أن يحارب الاتكالية وعلى الأهل تعليم أبنائهم كيفية الاعتماد على أنفسهم في أبسط الأمور حتى يصلوا لمرحلة يكونون فعلا قادرين على اتخاذ قراراتهم ويقودون المجتمع بالشكل الصحيح. لذلك لا تنتظر أن يكون ابنك مثلك، العالم والزمان الماضي الذي عشنا به يختلف كل الاختلاف عن عالمهم الآن، وليس من العقل والحكمة الوالدين الآن يعملان لك كل شيء حتى بعد زواجك، من شدة الاتكالية يريد حتى الزبالة أجلكم الله أن تحملها عنه وحتى الطريق المؤدي إلى بيته إذا كان فيه عراقيل لا يزيحه ولا يهمه من الأمر شي، نعم، لم يتعلم المسؤولية مبكراً لأنه تدلل من الصغر وكل طلباته تحضر، والآن الشباب يذوقون الأمرين لأجل لم يتعود على الاعتماد على نفسه منذ الصغر فيا ترى من يتحمل هذه الكارثة؟ فأصبح الآن التقصير في المسؤولية هي السمة الظاهرة الآن، إذا الاعتماد على الآخرين في تنفيذ الأعمال يؤدي إلى تعزيز الاتكالية لدى الفرد ومن ثم التقصير في المسؤولية المباشرة الملقاة على عاتقه، وهذا ما لا يحمد عقابها، وهذا ما يعمق من شعورهم بالنقص وانغماسهم في مطبة الاتكالية. فأقول علينا أن ننتبه إلى أنه إذا كان الغرض من الاستعانة بالآخرين هو الاستفادة والتعلم ثم التطبيق فهذا جيد، أما إذا كان الاتكال بسبب التكاسل عن أداء المهام فهذا يؤدي للفشل سريعا. الاتكالي لن يفعل شيئاً ولن ينجز شيئاً إذا وجد نفسه وحيداً، لأن الاعتماد على الغير يفقد صاحبه الاستمتاع بطعم النجاح إن كتب له ذلك لأنه ليس ثمرة عمله، بل هي ثمرة جهود غيره. إذاً الاعتماد على النفس ثمرة وجهد الفرد الناجح، لأنه يعي أنه هو من يجني ثمار أعماله في الدنيا والآخرة، وهذا ما يؤكده قول الله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} ويسأل ذلك الاتكالي هل طلبنا للمساعدة ينقص من قدرنا؟ أكيد الجواب يكون لا... فليس من العيب أن تطلب الدعم من غيرك وتستشيرهم قبل أخذ قراراتك، لكن لا تجعلهم ينجزون أعمالك بدلا عنك، وتذكر أخي الغالي لا يمكن لأحد في الدنيا أن يقوم بعملك مثلما تريد إلا نفسك، استغل أوقاتك واحرص على الاعتماد على النفس لتكون في المقدمة أو -على الأقل- في نفس الخط مع الآخرين. وأخيراً تربية الأبناء واتكاليتهم على الآباء أصبحت تختلف من جيل الآباء لجيل الأبناء، ومن هنا نرى بعض الآباء والأمهات، يحرصون على تلبية كل احتياجات الأبناء الضرورية وغير الضرورية، بشكل مفرط، واعتبار ذلك دليل حب وحنان من قبلهم، وفي نفس الوقت قد يكون ضياعاً لهم، لذلك لا تنتظر أن يكون ابنك مثلك، نعم أقولها عن تجربة من الحياة، العالم والزمان الذي عشنا به يختلف كل الاختلاف عن عالمهم، لذلك كل ما تستطيع فعله هو أن تسدد وتقارب، وأن تتواصل مع أبنائك بالتوجهات السليمة غير المنفرة، وترشدهم، بأن يرموا الاتكالية ويعتمدوا على أنفسهم والهادي الله، فعلى أبناء المجتمع أن يعتمدوا على المهارات الاجتماعية بجانب ما يملكونه من شهادات ودرجات علمية وبذلك يكتمل العقد الفريد بتركهم الاتكالية.