موجة تعاطف واسعة حظى بها مرشح الحزب الجمهوري لرئاسة الولاياتالمتحدة دونالد ترمب، بعدما تعرض لمحاولة اغتيال خلال حملته الانتخابية، حيث يرى مناصروه أن تلك الموجة ستعزز من فرصه في حسم السباق نحو رئاسة البلاد. وكان ترمب واقفاً خلف منصة يلقي كلمة أمام تجمع جماهيري في الهواء الطلق في بتلر بولاية بنسلفانيا ورأسه مائل إلى اليمين، حينما سمع وابل من إطلاق الرصاص، ثم ظهر الرئيس السابق وهو ممسك بأذنه اليمنى التي تنزف، قبل أن يسقط سريعاً على الأرض خلف المنصة. وهرع ستة من ضباط الخدمة السرية إلى المنصة والتفوا حول ترمب، الذي كان يجلس على ركبتيه خلف المنصة، كما صعد ضباط آخرون مسلحون بالبنادق إلى المنصة، وكان هناك وابل ثانٍ من الطلقات النارية على ما يبدو، ثم أمكن سماع شخص يصرخ قائلاً: "لقد سقط مطلق النار". وظهر ترمب مجدداً على المنصة بينما رفع أحد الضباط ذراعه فوق رأسه لحمايته من المزيد من الطلقات المحتملة، واستمر ترمب في توجيه قبضته نحو الحشد، وهو يردد "قاتلوا"، وبدأ كثيرون في الحشد يهتفون: "الولاياتالمتحدة، الولاياتالمتحدة". وقال ترمب في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي إنه "أصيب برصاصة اخترقت الجزء العلوي من أذني اليمنى"، وقد استغرق الأمر دقيقتين منذ لحظة الطلقة الأولى حتى وضع ترمب في سيارة الدفع الرباعي المنتظرة لإخراجه من المكان. وأصدر فريق ترمب الانتخابي، بياناً عقب الواقعة شكر فيه ترمب سلطات إنفاذ القانون على تحركهم السريع "خلال هذا العمل الشنيع"، كما أكد المكتب أنه بخير ويتم فحصه في منشأة طبية محلية، وسيصدر مزيداً من التفاصيل تباعاً. وبحسب برايان ليب، المرشح للكونغرس الأميركي عن ولاية فلوريدا، فإن استهداف ترمب هو استهداف لحركة سياسية أميركية وليس لشخص واحد فقط وهذا يستدعي وقفة تاريخية من الشعب الأميركي لفهم تفاصيل ما حدث. وأضاف ليب في تصريحات ل"الرياض": "بتنا نعلم جيداً بوجود دولة عميقة وتيار سياسي عريض يعارض وصول ترمب من جديدة إلى البيت الأبيض وإذا كنا سنقبل بمرور حادثة من هذا النوع، فهذا يعني أننا سنقبل بتدمير النظام السياسي الأميركي" مشيراً إلى محاولات معارضة ترمب عبر السنوات لاغتيال شخصيته عبر المحاكمات، والشائعات، والإعلانات المدفوعة والتي لم تأتِ بنتيجة لنصل اليوم إلى مرحلة خطيرة عبر محاولة قتله. هوية مُطلق النار وكشف مكتب التحقيقات الفدرالي خلال مؤتمر صحفي في ساعة متأخّرة السبت، هوية الشخص مطلق النار، الذي قتل بعد ذلك برصاصات رجال الحراسة، وهو توماس ماثيو كروكس (20 عاماً). وقال كيفن روجيك من مكتب "إف بي آي" للصحفيّين في مكان إطلاق النار، "شهدنا ما نعتبر أنها محاولة اغتيال ضدّ رئيسنا السابق دونالد ترمب"، مضيفا أن المكتب لا يعلم حتى الآن الدافع وراء إطلاق توماس النار على ترمب، ما أودى بحياة أحد الحضور وإصابة إثنين آخرين". فيما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأحد، أن مطلق النار كان منتمياً للحزب الديموقراطي وهو من مواليد عام 2003 وكان متبرعاً دائماً لحملة بايدن رغم أنه مسجل رسمياً كجمهوري وهو تكتيك متبع لاختراق الأحزاب في أميركا. وتزايدت حدة الانتقادات الموجهة للشرطة المحلية في ولاية بنسيلفانيا حيث عرف بعد الحادثة أن عدداً كبيراً من الجمهور الحاضر شاهد مطلق النار حين اعتلى سطح بناء قريب من تجمع ترمب إلا أن الشرطة كانت بطيئة في التعامل معه وتجاهلت تحذيرات الجماهير. رسائل متعاطفة وجاءت أولى الرسائل المتعاطفة مع ترمب من الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الذي قال في بيان للبيت الأبيض، "أنا ممتن لأن ترمب بخير، وأصلي من أجله". وتوالت التدوينات عبر صفحات وحسابات مواقع التواصل المختلفة، فقال الرئيس الأسبق باراك أوباما: "لا يوجد مكان على الإطلاق للعنف السياسي في ديمقراطيتنا". وتابع أوباما: "على الرغم من أننا لا نعرف بعد ما حدث بالضبط، إلا أننا يجب أن نشعر بالارتياح لأن الرئيس السابق ترمب لم يصب بأذى خطير، ونستغل هذه اللحظة لإعادة التزامنا بالكياسة والاحترام في سياساتنا.. أنا وميشيل نتمنى له الشفاء العاجل". وكتب عمدة شيكاغو براندون جونسون، عبر حسابه على موقع "إكس"، إن "العنف السياسي غير مقبول على الإطلاق"، متمنياً الشفاء العاجل لدونالد ترمب، وتابع "أنا ممتن لأول المستجيبين وضباط إنفاذ القانون في مكان الحادث الذين تصرفوا بسرعة". كما نشر حاكم إلينوي جيه بي بريتزكر إن "العنف ليس هو الحل أبدًا في ديمقراطيتنا"، معقبا: "أنا أراقب الوضع عن كثب وأدعو الله من أجل شفاء الرئيس السابق ترمب.. شكرًا لجهاز الخدمة السرية على استجابتهم السريعة". وكتبت السيناتور الأميركية تامي داكوورث: "لا يوجد أي عذر على الإطلاق - ولا مكان على الإطلاق - للعنف في السياسة الأميركية، ويجب محاسبة المسؤولين عن ذلك إلى أقصى حد يسمح به القانون.. أبقي دونالد ترمب في أفكاري وآمل أن يتعافى سريعًا وكاملًا". وقال السيناتور الأميركي ديك دوربين أنه "يبقي في ذهني الرئيس السابق، والمارة الذين قُتلوا بشكل مأساوي، وجميع الذين أصيبوا أو تعرضت سلامتهم للتهديد". الطريق إلى البيت الأبيض صار "أسهل" ونقلت صحيفة "بوليتيكو" عن نواب جمهوريين قولهم إن الحادث الذي تعرض له الرئيس دونالد ترمب قد يجعل الطريق نحو البيت الأبيض أسهل. وقال النائب ديريك فان أوردن (جمهوري من ولاية ويسكونسن) بعد وقت قصير من إطلاق النار: "نجا الرئيس ترمب من هذا الهجوم، لقد فاز في الانتخابات". ولم يذهب جمهوريون آخرون، إلى هذا الحد، لكن كثيرين توقعوا أن يعزز إطلاق النار الدعم للرئيس ترمب في انتخابات نوفمبر. ونشر بعض الجمهوريين في الكونغرس، مثل النائب مايك كولينز (جمهوري من جورجيا)، نظريات مفادها أن جو بايدن "أرسل الأوامر" بإطلاق النار. وقال السناتور مايك لي (جمهوري من يوتا)، في بيان مشترك مع مستشار الأمن القومي السابق لترمب، إن بايدن يجب أن يأمر على الفور المدعين العامين بإسقاط التهم الفيدرالية ضد ترمب كجزء من الجهود الرامية إلى "خفض درجة الحرارة السياسية". من جانبه، قال النائب أنتوني دي إسبوزيتو (جمهوري من نيويورك)، إنه في حين يعتقد أن قضايا مثل أمن الحدود والاقتصاد ستقود ترمب بالفعل إلى النصر، فإن تداعيات إطلاق النار "لا شك أنها تجعل الناس يريدون الخروج للتصويت". ويبدو أن التداعيات ستمتد إلى ما هو أبعد من السياسة، حيث دعا أعضاء من كلا الحزبين إلى إجراء تحقيق في الأمر. وقد أشار رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب جيمس كومر (جمهوري من ولاية كنتاكي) بالفعل إلى أنه يخطط لعقد جلسات استماع بشأن إطلاق النار، على الرغم من وجود انقسام بين الجمهوريين حول ما إذا كان ينبغي توجيه أصابع الاتهام إلى الخدمة السرية، أو الانتظار لمعرفة ما ستقوله التحقيقات الرسمية. وقال كومر في بيان: "هناك العديد من الأسئلة والأميركيون يطالبون بالإجابات، لقد اتصلت بالفعل بالخدمة السرية للحصول على إحاطة وأدعو أيضًا مديرة الخدمة السرية كيمبرلي شيتل للحضور إلى جلسة استماع، سترسل لجنة الرقابة دعوة رسمية قريبا". وصرح أحد المشرعين الجمهوريين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية الموقف، لصحيفة "بوليتيكو": "كيف سمحت الخدمة السرية لشخص يحمل سلاحًا أن يكون على مقربة من الرئيس". اتهامات لبايدن بسبب "التحريض" ووجه عضو الحزب الجمهوري تومي حرب الاتهامات إلى بايدن بالمسؤولية عن الواقعة نظرا ل"تحريضه المستمر" ضد ترمب، مضيفا أنه نظرا ل"فشل سياسة" الرئيس الحالي طيلة 3 سنوات ونصف، "لم يقدر على مواجهة سياسة ترمب لإدارة العهد الجديد" سوى بالذهاب إلى التحريض ضده، وكان يقول إنه "خطر على الديمقراطية والولاياتالمتحدة ويجب التخلص منه"، مكملا: "هذا الكلام والتحريض هو الذي دفع مطلق النار إلى ارتكاب فعلته ويجب التحقيق في الأمر". وأضاف، في حديثه إلى "الرياض"، "دون شك محاولة الاغتيال ستكون في مصلحة ترمب، لأن بايدن لا يستطيع أن يواصل التحريض ضده كما فعل في ولاية متشيغن، وسيخفف من هذا الخطاب". ووصف حرب الواقعة ب"الحدث التاريخ"، الذي لا يجب اعتباره مجرد محاولة اغتيال وإنما الأمر أكبر من ذلك، شارحا: "محاولة اغتيال ضد مرشح انتخابي عنده حظوظ بالنجاح، وخاصة بعد الاتهامات القانونية التي حركها الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن ضد ترمب وحاولوا بالمحاكم أن يلوثوا عقلية الناخب الأميركي حتى لا يصوت لترمب، ولكن الشعب الأميركي أذكى من إدارة بايدن، وشعبية ترمب ظلت ترتفع، ولم يبق أمامهم سوى محاولة التخلص منه، وهذا من أخطر ما يكون في تاريخ الولاياتالمتحدة، وسيكون هذا درساً بأن أي تحريض ضد شخصية سياسية مرشحة في الانتخابات يجب أن تتوقف وأن يعود الإنسان إلى المنطق" ماسك يؤيد ترمب وبعد محاولة اغتياله، حظي ترمب بدعم علني وصريح لحملته للرئاسة من الملياردير والمستثمر التكنولوجي إيلون ماسك الذي يعتبر أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم، حيث كتب ماسك، "آخر مرة كان لدى أميركا مرشح بهذه القوة هو ثيودور روزفلت". ولم يعلن رجل الأعمال الشهير رسميًا عن دعمه لأي من المرشحين قبل السبت، لكن سبق أن صرح بأنه "يميل بعيداً" عن بايدن.