تعثر جهود وقف إطلاق النار «أهوال الحرب في غزة» شهادات يرويها أطباء أميركيون واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم الخامس على التوالي، تدمير حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وأفادت مصادر طبية فلسطينية، باستشهاد أكثر من 70 فلسطينيًا وإصابة المئات، خلال عملية التوغل المستمرة في حي الشجاعية، المحاصر من قبل دبابات الاحتلال، ترافق ذلك مع منع الطواقم الطبية من انتشال عشرات الشهداء والجرحى من تحت أنقاض المنازل والبنايات السكنية التي يواصل الاحتلال قصفها في الحي. وفي السياق، تشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن أكثر من 55 ألف فلسطيني من أطفال ونساء حي الشجاعية باتوا بدون مأوى ويعيشون ظروف قاسية. وواصل الجيش الإسرائيلي، الاثنين، هجماته البرية والجوية والبحرية على مناطق متفرقة في قطاع غزة، وذلك مع دخول الحرب على غزة يومها ال270 على التوالي. وكثف الجيش الإسرائيلي نسف المنازل والمربعات السكنية في القطاع ووسع عملياته في مدينة رفح، فيما أعلنت الفصائل الفلسطينية استهداف آليات وتجمعات قوات من الجيش الإسرائيلي في عدة محاور. وشنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على مناطق متفرقة في القطاع، وطالت الغارات حي الصبرة، ومنطقة الشاكوش شمال غربي رفح، المناطق الشرقية من خان يونس، وغرب المخيم الجديد شمال مخيم النصيرات. واستهدفت المدفعية الإسرائيلية بالمدفعية حي الزيتون، ومخيم النصيرات وسط القطاع. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أمس الاثنين، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 37900 شهيد و87060 مصابا. إطلاق 20 مقذوفا من غزة على إسرائيل أعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين أنه تم إطلاق "عشرين مقذوفاً" من جنوب قطاع غزة على أراضي الدولة العبرية من دون تسجيل إصابات، فيما تبنت سرايا القدس الهجوم. وأفاد الجيش في بيان عن "صد حوالى عشرين مقذوفا أطلقت من قطاع خان يونس" وأضاف "تم اعتراض عدد من المقذوفات وسقط بعضها في جنوب إسرائيل". وأكد أن "المدفعية استهدفت مصدر النيران". من جهتها، أعلنت سرايا القدس، الجناح المسلّح لحركة الجهاد، في بيان "قصف" مواقع إسرائيلية "في غلاف قطاع غزة برشقات صاروخية مركّزة رداً على جرائم العدو الصهيوني". الإفراج عن 54 معتقلاً تعثرت جهود مصرية وقطرية، تدعمها الولاياتالمتحدة، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتقول حماس إن أي اتفاق يجب أن يفضي إلى إنهاء الحرب والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة. وتقول إسرائيل إنها ستوافق فقط على وقف مؤقت للقتال حتى يتسنى لها القضاء على حماس التي تدير قطاع غزة منذ عام 2007. وقال مسؤولون من هيئة المعابر والحدود الفلسطينية إن السلطات الإسرائيلية أطلقت سراح 54 فلسطينيا كانت قد اعتقلتهم خلال الحرب. ومن بين المفرج عنهم محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، الذي اعتقله الجيش عندما اقتحمت قواته المستشفى لأول مرة في نوفمبر . وقالت إسرائيل إن حماس تستخدم المستشفى لأغراض عسكرية. ونشر الجيش لقطات من كاميرات المراقبة الخاصة بالمستشفى بتاريخ السابع من أكتوبر تظهر مسلحين ورهائن في المبنى واصطحب صحفيين إلى نفق عثر عليه في المجمع. ونفت حماس مرارا استخدام المستشفيات لأغراض عسكرية. ورفض أبو سلمية هذه المزاعم امس الاثنين وقال إن المعتقلين تعرضوا لانتهاكات أثناء احتجازهم بما في ذلك حرمانهم من الطعام والدواء وإن بعضهم توفي. وقال أبو سلمية خلال مؤتمر صحفي عقده في مستشفى الأقصى بدير البلح "بالنسبة للتعذيب الذي تعرضت له، نعم تعرضت لتعذيب شديد، وتم كسر إصبعي الصغير، وتم التعرض لي ضربا في الرأس حتى نزف دما، أكثر من مرة". وقالت إسرائيل في مايو أيار إنها تحقق بشأن مقتل فلسطينيين تم إلقاء القبض عليهم خلال الحرب وكذلك بشأن معسكر اعتقال يديره الجيش زعم معتقلون مفرج عنهم وجماعات حقوقية تعرض المحتجزين فيه لانتهاكات. ولم يعلق الجيش على الفور على ما قاله أبو سلمية. من جهته قال المعتقل المحرر فرج السموني لحظة الإفراج عنه، إن المعتقلين في سجون الاحتلال وخاصة من غزة يعانون ظروفا وأوضاعا مأساوية لا تطاق. وأشار إلى أن قوات الاحتلال كانت قد اعتقلته في السادس عشر من نوفمبر الماضي من بيته في منطقة القرارة شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، ونُقل الى معتقل "سديه تيمان"، وتم وضعه في خيمة تضم 30 معتقًلا. ولفت إلى أن المعتقلين يتعرضون على مدار الساعة لعمليات تعذيب وتنكيل واعتداءات بمختلف أشكالها، وشبح طوال اليوم، فضلا عن الأمراض التي انتشرت بينهم، من جدري، وجرب وغيرها من الأمراض المعدية. ونقل المحامي خالد محاجنة الذي تمكن من زيارة أحد المعتقلين قبل نحو أسبوعين في معتقل "سديه تيمان"، أن إدارة المعسكر تبقي المعتقلين مقيدين على مدار 24 ساعة، ومعصوبي الأعين، وهناك من بُترت أطرافهم، وتمت إزالة الرصاص من أطرافهم دون تخدير. ولا يزال الاحتلال، يرفض حتى اليوم الإفصاح، عن أعداد حالات الاعتقال من غزة، وينفّذ بحقّهم جريمة الإخفاء القسري. واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 9450 مواطنا من الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة، منذ السابع من أكتوبر 2023، إلى جانب الآلاف من المواطنين من غزة، والمئات من فلسطيني الأرض المحتلة عام 1948. وتصاعدت بالتزامن مع ذلك وبشكل غير مسبوق، عمليات التعذيب التي مورست ضد المعتقلين وفقاً لعشرات الشهادات التي تابعتها المؤسسات المختصة، إلى جانب جرائم غير مسبوقة نُفذت بحقهم، وأبرزها التّعذيب، والتّجويع، والإهمال الطبي، والإخفاء القسري، عدا عن ظروف الاحتجاز المأساوية والقاسية، والعزل الجماعيّ، وعمليات التنكيل. أهوال الحرب بشهادة أطباء أميركيين شهد أطباء وممرّضون أميركيون أهوال الحرب الدائرة في غزة في المستشفيات المعدودة التي ما زالت قيد الخدمة في القطاع حيث ابتعثوا في مهمّات قرّروا إثرها تسليط الضوء على الأزمة الصحية للضغط على بلدهم، الحليف العسكري والدبلوماسي البارز لإسرائيل. في بعض الأحيان يتمّ التوقّف عن علاج المرضى ويموت هؤلاء من عدوى ناجمة عن نقص معدّات بسيطة مثل القفّازات أو الأقنعة أو الصابون. واتّخذت أحيانا قرارات مؤلمة، مثل التوقّف عن معالجة صبيّ في السابعة من العمر مصاب بحروق خطرة بسبب نقص الضمّادات . خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، قصد آدم حموي عددا من البلدان التي مزّقتها حروب أو ضربتها كوارث طبيعية، فشهد مثلا ما خلّفه حصار ساراييفو أو زلزال هايتي. وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، أخبر الجرّاح العسكري الذي كان يتعاون مع الجيش الأميركي إثر عودته من مهمّة في المستشفى الأوروبي في غزة الشهر الماضي "لم أرَ مطلقا هذا العدد من الضحايا المدنيين. وكان مرضانا بغالبيتهم أطفالا دون الرابعة عشرة من العمر". وأردف الجرّاح البالغ 54 عاما وهو من نيو جيرزي "بغضّ النظر عن إقرار وقف لإطلاق النار، لا بدّ من توفّر المساعدة الإنسانية وبكمّيات كافية للاستجابة للطلب". وأشار "يمكنكم التبرّع بالكثير، لكن لن يجدي ذلك نفعا إذا لم تُفتح الحدود لإدخال المساعدات". وأقرّ حموي بأنه بات كالكثير من زملائه على قناعة بضرورة الضغط من أجل إنهاء الحرب وإلزام إسرائيل بالامتثال للقانون الدولي من خلال السماح بإيصال المزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر. أخبرت مونيكا جونستون، وهي ممرّضة عناية مكثّفة من بورتلاند بشمال غرب الولاياتالمتحدة أنها قدّمت قوائم بالمعدّات التي تشتدّ الحاجة إليها إلى كوادر في البيت الأبيض ومسؤولين منتخبين. وكانت مهمّتها في غزة أوّل مهمّة إنسانية تقوم بها. وكشفت الممرّضة البالغة 44 عاما "لا أتابع الأخبار ولا أشارك في أيّ نشاط سياسي". لكنها تلقّت في الخريف الماضي رسالة إلكترونية من جمعية تنشد المساعدة، فشعرت بأنه ينبغي لها أن تقدّم يد العون. وتوجّه إلى غزة فريق من 19 شخصا بإدارة الجمعية الطبية الفلسطينية الأميركية، حاملا معه معدّات لم تكف، على كثرتها، لمواجهة التحدّيات الميدانية الهائلة، من نقص في الطواقم وشحّ في الأدوية ومنتجات النظافة الصحية الأساسية. وبدأ صوت مونيكا يرتجف عندما استذكرت الصبيّ الصغير الذي تمّ التوقّف عن معالجة حروقه لإفساح المجال لعلاج مرضى آخرين حظوظهم في الصمود أعلى. وأخبرت "بعد يومين، راحت الديدان تنخر جراحه، فاستولى عليّ الذنب". ودفن الطفل مع ضمّاداته بعدما أصبح جسده موبوءا بالكامل. في أحيان كثيرة بعد القصف، كانت عائلات كاملة بكلّ أفرادها تسكن تحت سقف واحد تصل إلى المستشفى، بحسب ما أخبر عمار غانم وهو طبيب طوارئ في الرابعة والخمسين من العمر من ميشيغن. ولأيّام عدّة، فُقد أثر صبيّ مرح في الثانية عشرة من العمر غالبا ما كان يرتاد المستشفى لتقديم العون، مثيرا إعجاب الطاقم. وعند عودته، علم منه عمار غانم أن ثلاثين فردا من عائلته قضوا في القصف وكان عليه المساعدة على البحث عن جثثهم بين الأنقاض. وقد أثار إطلاق العمليات البرية في رفح عند الحدود الجنوبية مع مصر في مطلع مايو الذعر في نفوس الطواقم في المستشفى التي ما زالت مغمورة بالذكريات الأليمة للعملية العسكرية الإسرائيلية المدمّرة في شمال غزة. ويشعر الأطباء والممرّضون الأميركيون منذ عودتهم بشيء من الذنب تجاه المرضى والزملاء العالقين في ما تصفه الأسرة الدولية ب"جحيم" غزة. وأخبر آدم حموي "أرتاح بعض الشيء عندما أروي ما عاينته. فهذا بالقدر عينه من الأهمية مما فعلناه هناك".