السعودية ملتزمة برعاية كل من يحمل تصريحا للحج ولذلك تسخر كل أجهزتها الأمنية والصحية والتنظيمية من أجل هؤلاء وفق إجراءات واضحة، فالسعودية تصدر في كل عام التصاريح المتفق عليها مع جميع الدول الإسلامية وتعلن مسؤوليتها الكاملة لرعاية هؤلاء الحجيج عبر توفير كل وسائل الحماية الأمنية لهم والسكن والنقل والرعاية الصحية.. موسم الحج: السعودية لم تقصر مع أحد بل مارست فلسفة الصبر الشديد حيث تدير المملكة العربية السعودية الحج لأكثر من قرن من الزمان وهذا ما أهلها بأن أصبحت الدولة الوحيدة في العالم القادرة على إدارة حشود تتجاوز المليوني إنسان لفترة قصيرة، فدائما يبدأ توافد الحجاج إلى السعودية بعد شهر رمضان ويستمر التدفق البشري إلى أن يصل إلى ذروته في يوم الثامن من شهر ذي الحجة، حيث تجتمع أعداد هائلة من البشر في مساحة جغرافيا محدودة، فمشاعر الحج تؤدي في مساحات جغرافية ضيقة إلى حد كبير وهذه الحدود صنعت منذ أكثر من ألف وأربع مئة وخمس وربعين عاما فهي جزء من تعاليم الدين الإسلامي. كل الذين يؤدون مناسك الحج حريصون على البقاء والتواجد في المساحات الجغرافية التي ذكرت سواء في مشعر منى أو عرفات أو مزدلفة وهي مواقع أساسية لا يكتمل ركن الحج إلا بالتواجد فيها وفق تعاليم الحج وهي مساحات ضيقة تفصلها مسافات يجب على من يؤدي الحج السير بينها من خلال وسائل النقل التي توفرها السعودية من وسائل كقطار المشاعر، هذه المسافة بين المشاعر ليست قصيرة بل هي بالكيلو مترات وتتطلب أن يسيرها كل حاج. هذه هي الصورة التي يبدو عليها الحج، حيث أكثر من مليوني حاج في مساحة ضيقة لأيام معدودة في أجواء متفاوته فأحيانا يكون الحج في فصل الصيف الحار وأحيانا يكون في أجواء معتدلة بحسب الأشهر القمرية وغالبا يحتاج التنقل بين فصلي الشتاء والصيف عقدين من الزمان وكلما كانت الأجواء معتدلة كلما كان الحج أكثر يسرا وسهولة على المسلمين ولكن عندما يكون الحج في فصل الصيف الحار يتعرض الكثير من الحجاج النظاميين الذي يؤدون حجهم بتصاريح إلى كثير من الصعوبات، أما الحجاج الذين يفتقدون إلى تلك التصاريح فهم في نظر الدين والقانون مخالفون للأنظمة التي تفرضها السعودية وتوافق عليها جميع الدول الإسلامية. السعودية ملتزمة برعاية كل من يحمل تصريحا للحج ولذلك تسخر كل أجهزتها الأمنية والصحية والتنظيمية من أجل هؤلاء وفق إجراءات واضحة، فالسعودية تصدر في كل عام التصاريح المتفق عليها مع جميع الدول الإسلامية وتعلن مسؤوليتها الكاملة لرعاية هؤلاء الحجيج عبر توفير كل وسائل الحماية الأمنية لهم والسكن والنقل والرعاية الصحية، فالسعودية وخلال عشرة أيام تصبح مسؤولة عن رعاية أكثر من مليوني حاج وعن أمنهم وحركتهم وصحتهم وتواصلهم مع ذويهم وأكلهم وشربهم وهي دائما تنجح بذلك، والسؤال هنا يدور حول كم الجهد الذي يبذل في سبيل رعاية هذه المجموعات البشرية التي تأتي من كل دول العالم، فكل دولة في هذا الكون لديها مسلمون لديهم الرغبة في الوصول إلى المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة من أجل أداء مناسك الحج. الخبرة التي كسبتها السعودية خلال أكثر من قرن من الزمان في إدارة الحج جعلتها على معرفة تامة بكل الظروف التي يمكنها أن تساهم في زيادة التحديات مثل تحديات الالتزام بتصاريح الحج أو الوصول إلى مكة بطريقة غير نظامية، وكذلك تعامل مؤسسات الحج في دول أخرى والتي قد تساهم في تضليل الحجاج بجانب تغيرات المناخ وزيادة درجة الحرارة التي يصعب على كثير من الحجاج تحملها كونهم يأتون من بلدان لا تحدث فيها مثل هذه الارتفاعات في درجة الحرارة. عبر السنوات والعقود مارست المملكة العربية السعودية فلسفة الصبر الشديد مع الكثير من المخالفات التي تحاول أن تقفز على الأنظمة من خلال الحج بلا تصريح وهذه الأعداد قد تصل زيادة تتجاوز الثلاثين بالمئة من أعداد الحجاج، بمعنى دقيق فإذا كان عدد الحجاج المصرحين مليوناً وثمان مئة وأضفت إليهم ثلاثين بالمئة من هذا العدد بلا تصاريح فماذا ستكون النتيجة، بالتأكيد أن السعودية تقدر رغبة كل المسلمين في الوصل إلى المقدسات الإسلامية في مكة والمدينة ولكن ذلك مستحيل فهناك مليارا مسلم في العالم وهذا ما يستوجب خلق الأنظمة ومنح الفرصة لأكبر قدر من المسلمين للوصول إلى مكة بيسر وسهولة وطمأنينة. السعودية خلقت كل الفرص من أجل حج سلس وميسر للجميع في ظل مساحات جغرافية محدودة وأعداد هائلة وأجواء حارة واستطاعت السعودية بكل اقتدار على إنجاح موسم حج هذا العام ولكن الأزمة التي تأتي من مخالفة الأنظمة وجهل من بعض الحجاج في تقدير المخاطر التي يمكن أن يتسببوا بها لأنفسهم بجعل رحلتهم مغامرة خطيرة قد يدفعون فيها حياتهم ثمنا لها، فالأجواء الصيفية في المشاعر خلال موسم هذا العام شديدة الحرارة وعدم وجود تصريح للحج يربط الحاج بحملته المسؤولة عنه وعن تنقلاته يجعل من هذا الحاج عرضة لهلاك نفسه.