أكثر من بليون مسلم يتطلعون هذه الأيام إلى الكعبة المشرفة. نحو مليون ونصف المليون منهم سيرونها هذا العام من كثب. ولما كان بدهياً أن هذا الجيش من ضيوف الرحمن المرددين"لبيك اللهم لبيك"يحتاج إلى رعاية أمنية وصحية ودينية، فإن الأجهزة الحكومية السعودية المعنية بخدمتهم أكملت استعداداتها هذا العام باكراً. وسيكون المؤتمر الصحافي، الذي سيعقده وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز في مكةالمكرمة مساء اليوم، إيذاناً باكتمال استعدادات جميع المرافق الخدمية والأمنية والصحية في المشاعر المقدسة لموسم حج 1428ه. وأعلنت الأجهزة الأمنية نشر 45 ألف رجل لحفظ أمن الحجيج، واستنفرت الخدمات الصحية جميع طواقمها لضمان الأمن الصحي والوقائي لضيوف الرحمن. وأعلنت وزارات الكهرباء والمواصلات والشؤون الإسلامية السعودية عن وجودها في خدمة حجاج بيت الله. وأكمل الهلال الأحمر السعودي تدريباته استعداداً لأسوأ الاحتمالات. رجال الدفاع المدني أعلنوا عن اكتمال آلياتهم. وأكدت حكومة السعودية أنها استعدت لاستقبال ضيوف الرحمن والترحيب بهم. وسائل الإعلام المحلية والعالمية وزعت كاميراتها ومكاتبها في المشاعر المقدسة، ونصبت مُرْسِلَاتِها على رؤوس جبال مكة والمدينة، بعد أن تابعت وصول الحجاج عبر المنافذ البرية والبحرية والجوية. الحملات الإعلامية المرافقة لضيوف الرحمن تعاقدت مع شركات الاتصالات ومزودي خدمة"الإنترنت"لتأمين أسرع السبل لإرسال الخبر. الإعلاميون السعوديون لم تعد تعقد ألسنتهم الدهشة، إزاء هذا التنوع البشري والاختلاف في اللغات والعادات والثقافات. تعودوا على هذا التجانس الكوني، بل إن هناك صحافيين سعوديين تخصصوا في الجاليات، فهذا متخصص في شؤون حجاج الهند، وذاك في الحجاج الأتراك، وثالث في حجاج وسط آسيا. كثيرون من الحجيج يعتكفون في بيوت الله، وبعضهم يتعرف على خطوات التاريخ في شعاب مكة وأحيائها. آخرون يتوقون شوقاً لرؤية مآذن الحرمين: المكي والنبوي، ويتلهفون ل"تفويجهم"من مدن الحجاج والمطارات. في مدن الحجاج التي زارها أول من أمس فريق"الحياة"، بإمكانك أن تقرأ الفرح في الوجوه. بعضهم تأخذه الدهشة بالمكان، فيبددها بالتجوال، وبعضهم تدفعه الأجواء الروحانية لتأجيجها بقراءة القرآن ليتوجها بدموع روحانية متدفقة. الأجهزة الحكومية المعنية بخدمة حجاج بيت الله أعلنت استعدادها. الحجاج أعلنوا وصولهم. السعوديون... خصوصاً المكيين والمدينيين منهم، أعلنوا ترحيبهم الحار بضيوف الرحمن. الكشافة السعوديون يتحركون عبر طرقات المشاعر لإرشاد الحجاج تفادياً للزحام والتدافع. القائمون على خدمة ضيوف خادم الحرمين الشريفين يصلون الليل بالنهار، وهم يتنقلون بين مطار جدة ومقر ضيوفهم في أم القرى. الطريق الذي يربط بين جدةومكة يتحول ليلاً بفعل أضواء السيارات والحافلات إلى"سيمفونية"لا يماثلها في الجمال والبهاء سوى أضواء مآذن الحرمين الشريفين. السعوديون يضيئون دروب الحجاج بابتساماتهم والعمل على راحتهم على مدار الساعة.