78 مليار ريال انفقتها السعودية على راحة الحجاج في خططها الخمسية . موسم الحج : خيام ضد الحريق وأنظمة اطفاء حديثة

كعادتها كل عام، تعكف السلطات في المملكة العربية السعودية على خدمة ضيوف الرحمن الذين يأتون من كل فج لزيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك الحج في جو مفعم بالخشوع حيث تتردد أصداء التلبية في المشاعر المقدسة. وما ان ينتهي الحج، وقبل ان يتهيأ الحجيج لمغادرة الأراضي المقدسة، يبدأ المسؤولون السعوديون الاستعداد لموسم الحج المقبل.
وفي زمان مضى كانت ضربات الشمس التي تصيب الحجيج في المشاعر المقدسة تشكل تحدياً وهاجساً للسلطات السعودية التي تحرص على سلامة ضيوف بيت الله العتيق. لكنها استطاعت - من خلال توفير كل متطلبات البحث العلمي والعلاج الاكلينيكي - ان تطور تجربة طبية فريدة في علاج ضربات الشمس مما أدى الى خفض الاصابة بها، خصوصاً ان كثيراً من مواسم الحج يصادف الصيف.
وفي الآونة الأخيرة انتقل التحدي من ضربات الشمس الى سبل منع اندلاع الحرائق في منطقة المشاعر المقدسة التي تكتظ بمئات الآلاف من الحجاج الذين يتدفقون من مكة المكرمة على منى وعرفات ومزدلفة قبل ان يعودوا الى مكة المكرمة لاكمال مناسكهم. وبلغت جملة ما انفقته المملكة في سبيل تهيئة حج سهل وآمن لضيوف الرحمن نحو 78 مليار دولار على مدى سنوات الخطط الخمسية التي نفذت حتى الآن.
ولعل أبرز مشروع تقدمه السعودية هذا العام لحجاج بيت الله هو المشروع النموذجي لبدائل مساكن الحجاج في منطقة منى، الذي سيغطي، في مرحلته الأولى هذا العام 30 في المئة من منى، وسيكتمل المشروع بعد عامين ليغطي كل الأماكن المخصصة لاسكان الحجاج في المنطقة التي تقدر مساحتها بپ5.2 مليون متر مربع.
وقد جهزت بدائل للخيام مقاومة الحريق، وغطيت المنطقة بشبكة مكافحة حريق متكاملة تغطي نحو 85 في المئة منها. ونفذت 10 مشاريع رئيسية في مختلف المجالات، في مقدمها مشروع بدائل مساكن الحجاج ونظم الاطفاء الحديثة.
وتستقبل السعودية في موسم الحج كل عام أكثر من 121 جنسية تمثل قارات العالم الست. ولا تتجاوز الفترة التي يمكثها الحجاج في السعودية 20 يوماً يؤدون خلالها مناسك الحج ويزورون المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، بعد ان كانت تزيد على شهرين خصوصاً بالنسبة الى حجاج جنوب شرقي آسيا اندونيسيا، وشرق آسيا الباكستان والهند نتيجة تقدم وسائل المواصلات.
وتخدم حجاج الخارج مؤسسات أهلية قسمت وفق اعتبارات اقليمية، وهذه المؤسسات هي:
1 - المؤسسة الأهلية التجريبية لحجاج الدول العربية، وتخدم جميع رعايا الدول العربية.
2 - المؤسسة الأهلية لحجاج دول افريقيا غير العربية.
3 - المؤسسة الأهلية لحجاج دول شرق آسيا.
4 - المؤسسة الأهلية لحجاج دول جنوب شرق آسيا.
5 - المؤسسة الأهلية لحجاج تركيا وأوروبا وأميركا، وأضيف اليها في السنوات الأخيرة مسلمو الجمهوريات المستقلة من الاتحاد السوفياتي السابق.
وتسعى المملكة من خلال لقاءات وزير الحج السعودي الدكتور محمود محمد سفر نظراءه في الدول الاسلامية الى جعل الحج أكثر تنظيماً ومرونة من خلال التشريعات والاتفاقات مع دول العالم، لكنها تواجه بعقبات كثيرة في مقدمها عامل الزمن، وجغرافياً المكان، وثقافة الحجاج. فمنذ ان زاد حضور الحجاج للسعودية خلال السنوات العشر الماضية زادت الأعباء والحاجة الى مراكز الخدمات، خصوصاً الخدمات الصحية ومواجهة تقلبات الطقس ومتابعة أحوال العالم الصحية خصوصاً في الدول الفقيرة.
واضطرت السعودية الى منع حجاج دول القرن الأفريقي العام 1996 من اداء الحج بعد تفشي وباء الحمى الشوكية بين رعايا تلك الدول، إذ طالما بقيت حريصة، في المقابل، على اثبات خلو الحج من الأمراض المعدية قبل مغادرة الحجاج المشاعر المقدسة. وتأتي بعد ذلك مشكلة جغرافية المكان والحدود الشرعية لمناطق المشاعر والتي يواجهها سعي حثيث لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الحجاج في مشعر منى مساحته 8.2 مليون متر مربع، منها 300 ألف متر للخدمات الأساسية. واستحدثت المراكز التابعة لتلك الوحدات في المناطق المحيطة بالوادي الذي خصص الجزء الأكبر منه لاسكان الحجاج.
وإن كانت السعودية هذبت الجبال المحيطة بمنى منذ سنوات تمهيداً لاستخدامها في بناء مساكن موقتة للحجاج خلال أربعة أيام كل عام يوم التروية وأيام التشريق الثلاثة، إلا انها تنتظر فتوى شرعية تجيز استخدامها بسبب زيادة اعداد الحجاج المسلمين سنوياً.
ويعتبر السعوديون ان اكبر الصعوبات التي تواجههم هي ثقافة الحجاج والوعي المطلوب للحج، وعلى رغم انها تستخدم أكثر من 109 لغات عالمية في لوحات ارشادية لتبيان المواقف، والمواقع المطلوبة لاداء الشعائر، وتحديد الاتجاهات داخل الحرمين الشريفين، إلا انها تعاني كثيراً من هذه الاشكالية، إذ يصل اجمالي عدد المفقودين داخل الحرم المكي على سبيل المثال الى أكثر من 3 آلاف يومياً اثناء الذروة، ويصبح وصول المفقودين، خصوصاً كبار السن، الى ذويهم أمراً شاقاً جداً. وتتفاوت نسب المفقودين نظراً الى جنسياتهم ولغاتهم وأعمارهم ووعيهم، وتؤثر في ذلك عوامل أبرزها درجات الحرارة المرتفعة.
ويأتي حجاج ماليزيا ثم اندونيسيا في مقدم الحجاج الأكثر تفاعلاً وحرصاً على الأمور الدينية والتزاماً بالارشادات التي تقدم اليهم في بلادهم وفي السعودية. ويعتبر حجاج تركيا وأوروبا وأميركا من أكثر جنسيات الحجاج دقة وتنظيماً.
ومنذ أكثر من 20 عاماً قررت السعودية رسماً مالياً على الراغبين في اداء الحج قدره 444 ريالاً سعودياً للحاج. ولم يتغير هذا المبلغ مطلقاً على رغم تغير الأوضاع الاقتصادية في دول العالم كافة، إلا ان مسؤولاً في وزارة الحج السعودية قال لپ"الوسط" ان الوزارة تدرس زيادة هذه الرسوم.
ويتراوح متوسط أسعار السكن في مكة المكرمة بين 400 و700 ريال سعودي للفرد الواحد، حسب قرب المكان الى المسجد الحرام.
وفي ما يتعلق بالجانب الصحي، تتولى وزارة الصحة السعودية تقديم الخدمات الطبية للحجاج خلال الموسم، وقد قامت هذا الموسم بتنفيذ 27 مشروعاً جديداً في المشاعر المقدسة، بينها 8 مشاريع في عرفات. وتقوم الوزارة بتجهيز 19 مشروعاً لتقدم خدماتها الى الحجاج في حج العام المقبل.
وأخيراً يتوقع ان تراوح درجات الحرارة في أيام الحج بين 34 و38 درجة مئوية نهاراً و18 الى 21 درجة مئوية ليلاً. وفيما كانت مواسم الحج الماضية تتوافق مع فصل الصيف، حين ترتفع درجات الحرارة لتقارب 50 درجة مئوية، فإن أجواء حج هذا العام ستكون لطيفة، وربما صحبها بعض الأمطار.
غير ان رياحاً تهب عادة في نيسان ابريل على مكة يتوقع ان تهب هذا العام، وتراوح سرعتها بين 8 و12 كيلومتراً في الساعة، وقد تصل الى 40 كيلومتراً في الساعة. وكانت الرياح قد تسببت العام الماضي، بعدما تجاوزت سرعتها 60 كيلومتراً في الساعة، في انتشار حريق شب اثر انقلاب موقد احد الحجاج، واحتراق خيمته، مما أدى الى وفاة عدد من ضيوف الرحمن.
أعداد الحجاج عدد الحجاج
العام
1410ه/ 1990م 827.236
1411ه/ 1991م 720102
1412ه/ 1992م 1120140
1413ه/ 1993م 992813
1414ه/ 1994م 995611
1415ه/ 1995م 1043374
1416ه/ 1996م 1078728
1417ه/ 1997م 976528