(سالف الذكريات) كتاب صدر حديثاً بطبعته الأولى عام 2023م عن (دار ريادة للنشر والتوزيع) لمؤلفه الدكتور إسحاق بن عبد الله السعدي الغامدي. يقع الكتاب في حدود 350 صفحة من القطع العادي أو المتوسط، تضمنت نصوصاً أدبية، ذات طابع أقرب ما يكون لأدب السير، ومدعمة بالصور الملونة لشخصيات معينة وبعض المناظر الطبيعية والمعالم الأثرية لمدينة (أبها) قديماً وحديثاً بالإضافة إلى شيء من الشروحات والتعليقات عليها، وهو - أساساً - عبارة عن سيرة شخصية تفصيلية للمؤلف قام بسردها متسلسلة بلغة أدبية سلسلة، جمعت بين الأدب وعلوم الاجتماع والتراث والتاريخ والجغرافيا وبأسلوب بسيط ميسر، أقل ما يمكن أن نقوله عنه إنه رائع، وذلك على مدى أكثر من ستة عقود، شملت شطراً كبيراً من حياة المؤلف، منذ الصغر، ونشأته الأولى بمنطقة (عسير) وتحديداً بمدينة (أبها) ومروراً بسنوات الشباب حتى سن النضج والرجولة، وتلك المراحل المختلفة التي عاشها من حياته في تلك المنطقة، وما صاحبها من تغيرات تاريخية واجتماعية واقتصادية وثقافية شتى، أثرت في حياة المجتمع وساهمت في تطوره مع مرور الزمن، كغيره من المجتمعات الأخرى. إنه - باختصار - عبارة عن «مشاهدات وانطباعات ذاتية عن نشأتي ومحيطها البيئي والمجتمعي» كما وصفها المؤلف نفسه، وبقلمه على (الغلاف الخارجي) للكتاب، واستوحاها من مضمون هذا الكتاب نفسه أيضا! وعلى (الغلاف الأخير) للكتاب كذلك تأتي كلمة (الناشر) التي قام باجتزائها من (مقدمة) الكتاب لتكون بمثابة (نبذة مختصرة ومكثفة) عنه تعكس للقارئ محتواه، وأبرز ما جاء فيه، إذ يقول: «يرصد هذا الإصدار جملة من المشاهدات والانطباعات التي استفاضت بها الذاكرة في فلك والدي وفي كنف والدتي رحمهما الله، ومراحل تعليمي ما قبل الجامعة، وما يعتمل في الوجدان ويرتسم في الذهن من صور لأبها وواديها وضواحيها وذكرياتي عن أيامها البهيجة، وصلاتها النبيلة الوفية. لم يخطر ببالي وأنا أشاهد أحياءها وطرقاتها القديمة، وسبلاً وارفة الظلال كانت تتخلل بساتينها، أن ذلك المشهد سينطوي، وأن تلك الحياة التي كانت ماثلة متحققة بما يكمن فيها من استدامة وإبداع، غدت أو غدا تاريخنا معها أسطورة تحكيها أدبيات الحنين المترع بالشجن وبما يشبه طعم تلك الأيام أو نكهتها أو صداها. يبقى التوق لاستراتيجية مرموقة تحاكي ألوان الطيف في فضاءات أبها البهية وسمواتها العلية. تجانس انكسار الضوء على الغيم والغيل والغدير، وتستلهم الأصداء في عمق شعابها وأوديتها وآكامها وجبالها. تحيلها تعويذات وصلوات وأذكار وأهازيج، تعكس الثقافة الأبهاوية ونمط الحياة والأحياء فيها بأبعادها الطبيعية والمجتمعية، وأن تبقي على قيمها الجمالية التي تكتنزها طبيعتها الفطرية وطبائع أهلها الطيبين لتغدو بحق أنموذجاً فريداً متميزاً ومعرضاً مجسماً يعرض بساتينها ومبانيها وبسطاتها وأسواقها ويستلهم تاريخها وقيم العربة والإنسانية فيها. التوق لمشهد حضري بديع ينسجم مع فطرة الأشياء، ويوائم بين مفردات الطبيعة والثقافة المحلية، ومتطلبات التنمية والحداثة والتحديث ومقتضياتها». انتهى كلامه. ولا أنسى قبيل ختام حديثي عن هذا الكتاب القيّم أن أنوّه للقراء الكرام أن هذا الإصدار هو الجزء الأول من الكتاب - كما أشار المؤلف في المقدمة - وسيليه جزء آخر يقوم المؤلف حالياً بإعداده ليكون جاهزاً للطباعة والنشر قريباً إن شاء الله.