العرض السعودي "ولادة منتظرة"، عن نص للكاتب سامي الجمعان وإخراج لسلطان النوه وهو، ديودراما من تمثيل شهاب الشهاب، ومريم حسين، يجمع بين النص الإنساني والعرض الرشيق في صورته، حيث يقتطع فيه الكاتب سامي الجمعان لحظة إنسانية عالية الحساسية، هي لحظة الولادة، وما تتخلّلها من مواقف ترقّب بين الزوج وزوجته. لكنه في الوقت ذاته، لا يريد الولادة بحدّ ذاتها، إنما يريد معناها الفلسفي العميق، فبتأمّل هذه اللحظة الفارقة يتبيّن أنّ الحياة ما هي إلّا لحظتان: لحظة الموت ولحظة الولادة، أي فناء وحياة جديدة، وهو ما يتبيّن في الخاتمة التي يصل إليها العرض صداماً لكل التوقّعات وقد شهد هذا العرض حضوراً لافتاً لجمهور الفعل المسرحي بمدينة حمام الأنف بمحافظة بن عروس القريبة من العاصمة تونس حيث ينعقد مهرجان علي بن عيّاد للمسرح. جمهور متنوع وغفير واكب هذا العمل المسرحي الجديد في عرضه الدولي الأول وقد التئم بعد نهاية العرض مجلس حواري ضم نخبة من النقاد والإعلاميين والمسرحيين وهواة المسرح وفتح فيه الحوار بعد تقديم مقتضب للكاتب الدكتور سامي الجمعان مؤلف العمل الذي أشار أن علاقاته بتونس علاقة خاصة جداً قائلاً: أحترم تونس وأحترم أهلها وأحترم المسرحيين فيها فما بالك ونحن نقدم عرضاً مع شباب قريبين من الاحتراف وحاصلين على جوائز في مهرجان الرياض المسرحي مؤخراً وخاصة الفنان سلطان النوه ... هذه التجربة المسرحية أردنا أن نقتطع من الحياة لحظة حساسة جداً هي لحظة الولادة وظللت أتامل في المرأة حينما تنظر مولوداً ليس مولوداً يخصها إنما مولود يأتي إلى الحياة إلى الدنيا كلها في ذات اللحظة نلاحظ أن المقابر مليئة بالموتى في نفس لحظة الولادة فأنا اقتطعت من الحياة هاتين اللحظتين الصعبتين. أن يغادر هذه الدنيا واحد عزيز علينا ويأتي واحد آخر أيضاً عزيز علينا فما هي المفارقة التي تحدث؟ لذلك لم أرد أن تبقى الولادة في ابن أو ابنة واحدة فذهب الأب لامع وذهبت لطيفة الأم وأتت لطيفة المولودة وأتى لامع المولود لنقول فقط لا يوجد في الحياة صدف وإنما كل شي بقدر. أيضاً من ناحية مهمة جداً إنها لعبة بين طرفين فقط حينا يكون هناك أكثر من ممثلين فوق الخشبة سوف تبدو العملية سهلة بتوزيع كل الأدوار وتساعد على تطوّر الفعل الدرامي من أحد لآخر أو من شيء إلى آخر... ولكن عندما يكون فقط ممثلين عليك أن تكون حريصاً على الإيقاع حريصاً على الأداء حريصاً على كل شيء، هذا العمل بالمناسبة أول مرة يعرض حتى في السعودية لم يعرض فنحن قادمون لتطوير العمل والمخرج لديه أفكار مقبلة كبيرة لأن هذا العمل لابد أن يستمر.... آخر نقطة أتحدث عنها في هذا العمل إنه إبداع إنساني لا يخصّ السعودية ولا تونس. وأنا دائماً نصير الأعمال الإنسانية شكراً لتونس شكراً لأصدقائي الجميلين الذين حضروا من كل مكان وأنا أشعر أني حينما أعرض أعمالي في تونس فإني فعلاً بصدد فعل المسرح فشكراً لجمهور تونس الاستثنائي. ثم تدخل الفنان سيف اللقام فنان مسرحي قائلاً: «عشت تجربة استثنائية من خلال حضوري لهذا العرض، منذ مدة طويلة لم أشاهد عرضاً مسرحياً بهذا التناغم والأداء والانسيابية إني معتز بحضوري لهذا العرض والتجربة الفريدة التي عشتها وخاصة مع الجمهور الحاضر في الصفوف الأمامية الذي تمتع بكل اللحظات الصادقة والجمهور الخلفي الذي وصلته الأصوات صافية والأضواء مشعة تحمل العمق الإنساني لهذه التجربة إنها من المرات القليلة التي أشاهد هذه القوة في صياغة النص وأداء الممثلين لعلها تجربة سحرية انتقلت من الممثلين إلى الجمهور الحاضر كنت محظوظاً بأني كنت قريباً من الممثلين وهم في لحظات توهجهم الإنساني لم أصدق بأن هذه المرة الأولى التي تعرض فيها هذه المسرحية لتمكن الممثلين من عناصر الأداء المسرحي إنه عمل متناسق لقد أربكنا الأداء. نص الدكتور جمعان كان استثنائياً وصعباً عرف المخرج بشكل ذكي كيف يحوله إلى مشهدية مسرحية». رضا البقلوطي صحفي يقول: «لقد أربكتني قوة هذا العمل بقدرته على التقاط التفاصيل الإنسانية التي نشترك فيها جميعاً دون حدود جغرافية أو حضارية لقد منحتم الجمهور التونسي أملاً مضاعفاً لمتابعة الفعل المسرحي بالمملكة العربية السعودية والوقوف على لحظات تطوره الهائلة وخاصة مشاركة المرأة السعودية، إني سعيد جداً اليوم برؤية المرأة/الممثلة السعودية فوق الخشبة تلعب إلى جانب زميلها الرجل /الممثل وتؤدي دورها على أحسن وجه بل وصلت إلى نوع من المفارقة والإبداع أريد أن أحيي صناع الفعل المسرحي السعودي وأدعو إلى مزيد تعريف الجمهور العربي بالتجربة المسرحية السعودية الجديدة». لطفي عياري مسرحي تقول: «بقطع النظر عن جمالية ولادة منتظرة وقوة الأداء المسرحي أنا فخور بوجود المرأة السعودية على خشبة المسرح إن الولادة التي تطرحها هذه المسرحية هيا ولادة حياة مختلفة جيل جديد ورؤية مختلفة فقط أريد أن أنبه على المبالغة في الخطاب المباشر للعرض المسرحي والتي غمرت تفاصيله والاستعمال المفرط للأصوات الخفية التي كان يمكن الاستغناء عليه». هدى بوعزيزي أستاذة تربية مسرحية تقول: «أنا في قمة السعادة لرؤية امرأة سعودية شقيقة ممثلة فوق خشبة المسرح أريد أن أتحدث على الإقناع الذي رافق اللعب المسرحي وأحببت فكرة النص ونبله في اختيار هذا الموضوع مما يعيدنا إلى مرجعية المسرح الأساسية إنه أمر مفارق وهائل أن يتحدث رجل عن لحظات الولادة إنه أمر مدهش أريد أن أحيي كاتب النص لاختياره هذا الموضوع وهو ما يتطلب عمقاً في الإحساس.. العمل ككل إضاءة موسيقى إيقاع كان مميزاً، فشكراً لكم. أماني بولعراس مقدمة إذاعية تقول: ليست أول مرة أشاهد عملاً مسرحياً في تونس فقد سبق أن استضافت أيام قرطاج المسرحية وعدة مهرجانات أخرى أعمالاً مسرحية سعودية ولكن في هذا العمل فاجأتني شعرية هذا النص الذي شاهدته، فهي ولادة منتظرة من شاعر بالأساس الدكتور سامي جمعان ولو أن الشعرية كانت أيضاً في نوعية الأداء والسينوغرافيا.. أيضاً لقد شعرت أن هناك اتفاقاً ضمنياً من أجل بلوغ هذا المستوى من الشعرية بين ثنائية الموت والحياة عنصران واضحان، ولكن هناك لحظات صمت بين الرجل والمرأة وسط الثرثرة اليومية ليتدخل المخرج ويستغل هذا الصمت ويحوله إلى نوع من الحياة وكأنه يريد اقتناص اللحظات التي تبشر بالحياة أكثر من الموت والعدم». منير العرقي مخرج وكاتب مسرحي يقول: لقد زرت المملكة العربية السعودية وشاهدت تحقق الفعل المسرحي ومشاركة المرأة بشكل رائع وعليه فإني أفهم استغراب الجمهور التونسي ودهشته أن المسرح السعودي يتطور مع رؤية المملكة التي خرجت بالمرأة من المشاركة البسيطة في الحياة اليومية كقيادة السيارة مثلاً إلى مجالات الإبداع وخاصة في المجال المسرحي. جانب من العرض