تشارك مسرحية جراح بن ساطي في مهرجان القاهرة التجريبي الشهر القادم، هذا ما ينتظره طاقم المسرحية ويأملون فيه، خاصة ان هذه المسرحية تمتلك كل مقومات المسرح التجريبي وتلبي شروطه. واستطاعت المسرحية ان تستقطب جمهورا كبيرا اثناء عرضها خلال اليومين الماضيين على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالاحساء. وهي من تأليف سامي الجمعان واخراج زكريا المؤمني وتمثيل نخبة من ممثلي المسرح في الاحساء، في هذا النص يصل الجمعان الى لغة شاعرية راقية مختصرة وخالية من الثرثرة والزوائد اللفظية. اما المخرج المؤمني فقد نجح في اعادة اكتشاف بعض الممثلين، واستفاد من قدراتهم وطاقاتهم في التمثيل، وظهروا على خشبة المسرح وكأنهم يقدمون حياة حقيقية، وانهم يواجهون مصيرهم في هذه الحياة، فالمتفرج لايشعر بأن الممثل يحفظ بعض الكلمات ويريد قولها، او انه يتحرك وفق توجيهات المخرج، بل يشاهد امامه ممثلين صادقين ومحبين للعمل المسرحي، بينهم تنافس في ان يقوم كل منهم بدوره خير قيام. كما استطاع المخرج ان يوظف ويحرك اكسسوارات العرض لصالح المسرحية، وان تكون ضمن ممتلكات الممثل، فقد استعاض بالفانوس والكبريت كبديل للاضاءة ، ولكنها في الوقت نفسه تستخدم كمفهوم او كمعنى يحمله الممثل، كما في مشهد تهديد المجموعة لجراح، للتخلي عن بيته، باستخدام الكبريت/ النار وهو ما يعني استخدام القوة في حالة رفضه، كما استخدمت الحبال في المسرحية باتقان تام، والحبال مفردة مهمة عند البحار، والبحار هو جراح بن ساطي (قام بالدور ابراهيم الحساوي) الذي يرفض مغادرة الميناء، والذهاب الى المدينة، رغم تخلي كل اصدقائه وزملائه عنه، حيث ذهبوا جميعا للبحث عن رزقهم وعن مكان آمن، بحجة ان الشاطئ أصبح قديما، ولم يعد مكانا صالحا لطلب الرزق، وبالتالي عليهم ان يهجروه، وهكذا يواجه جراح بن ساطي مصيره وحده، ويقبع في الميناء وحيدا، آملا في وصول سفينة او بحارة الى الشاطئ، ليقوم بايوائهم واطعامهم، تقليدا وترسيخا لطبع والده البحار، المعروف عنه الكرم وحب البحر، حتى يصل الى الشاطئ 4 بحارة (قام بالادوار عبدالله التركي، ابراهيم الخميس، سلطان النوه وفيصل المحسن) ، فيقيمون عند جراح 3 اشهر، ثم يبدأون في التخطيط للتخلص من جراح، وبناء بيوت لهم على الشاطئ، وهكذا تنتهي حياة جراح، وهو يصارع هذه المجموعة، التي وعدته بالمساعدة والوقوف معه، في بناء بيت له على الشاطئ. المسرحية قدمت بشكل تجريبي جميل جدا، استخدمت الاكسسوارات للعرض من مفردات البيئة المحلية، مثل الخيش، الحبال، الاواني القديمة والفانوس. كما ان بها اشتغالا على جسد الممثل، بشكل غير متكلف او مصطنع، حيث قدم الممثلون جهدا كبيرا في ذلك، بالاضافة الى استخدام المؤثرات الصوتية المتنوعة، التي خدمت العرض المسرحي، وكذلك الاضاءة والموسيقى، فقد وظفت اغنية الصيف، وهي من كلمات الشاعر العربي امل دنقل، وألحان عبدالرحمن الحمد، الذي لحنها قبل 23 عاما، وقدم مقطع منها بأداء الفنان عبدالرحمن النوة وقد خدم هذا المقطع المسرحية، لتناسبه مع المشهد المسرحي. مسرحية جراح بن ساطي اضافة جديدة لمسرح المملكة بشكل عام، وتلبي كل متطلبات المسرح ، كما أنها مسرحية يجب ان تعرض في أكثر مناطق المملكة، لانها تستحق المشاهدة والتصفيق لها ايضا ولطاقم المسرحية جميعهم دون استثناء. وتلقى عبدالرحمن المريخي مدير جمعية الثقافة والفنون فرع الاحساء التبريكات بهذا العرض المسرحي الجميل، وهو بدوره قدم التهاني للمؤلف والمخرج ولجميع الممثلين وبقية طاقم المسرحية، الذين يعملون خلف الكواليس ولمنفذ الديكور الفنان التشكيلي سامي الحسين. وعبر (اليوم) قدم المريخي الشكر والتقدير لمدير جمعية الثقافة والفنون محمد احمد الشدي، على متابعته واهتمامه بفرع الاحساء، وقال : نقدم نجاح هذا العرض المسرحي لمحمد الشدي ولابراهيم الحمدان، لحرصهما على تقدم وتطور المسرح في المملكة.