أنجز الباحث الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزّي، كتاباً آثارياً بعنوان: "مختصر الآثار في محافظة الخرج". ويقع هذا العمل الصادر من "الجمعية السعودية للدراسات الأثرية" التي تشرف عليها (جامعة الملك سعود) بالرياض في 96 صفحة من القطع المتوسط، وتشتمل على الموضوعات الآتية: موقع الخرج، وحدودها، ومنشأ اسمها، ونبذة عن تاريخها، ومواقعها الأثرية المتمثلة في المستوطنات القديمة وقنوات الري ومواقع المقابر والمنشآت المذيلة والمواد الأثرية المنقولة. وصدّر الباحث كتابه بإلماحة موجزة عن "محافظة الخرج" موضحاً أنها تقع في الجنوب الشرقي من مدينة الرياض، وتبعد عنها بنحو 80 كيلومتراً، وبيّن أن أبي إسحاق الحربي هو أول من ذكرها بهذا الاسم، وأنها مستوطنة فيها منبر، وتعد من محطات طرق التجارة عبر وسط الجزيرة العربية. وذكر أن الآراء تتعدد في سبب مسمى "الخرج"، ويُرجح أن منشأ الاسم هو إما بسبب موقع المكان الذي يعرف لكونه قائماً في مكان يمثل نهاية للوادي ومخرجاً منه إلى أرض تختلف طبوغرافيتها عن طبوغرافيته، وإما أن يكون له علاقة بالعيون التي تظهر على شكل خروق. وأضاف أن شهرة "وادي الخرج" لم تأت من فراغ؛ فقد دلت الاكتشافات إلى وجود منشآت على أطرافه تعود إلى "العصر الحجري الحديث" وما قبله، ثم عرف كمستقر للقبائل البائدة كقبيلة "جديس" التي كانت منازلها في (الخضرمة) التي ثملها اليوم "محافظة الخرج وقراها"، واستمر الاستيطان فيها إلى عصور الإسلام، كلما خبت حضارة قامت أخرى. وأشار إلى أن اسم "الخرج" لم يكن يطلق على مستوطنة واحدة؛ فالشواهد الأثرية والتاريخية توحي بأن واديه كان يحتوي على مواضع استيطانية كثيرة، لغناه بالمياه الجوفية، والمياه الدائمة الممثلة في عيون: "الشديدة"، و"أبرق فرزان"، و"الضلع"، و"الثليماء"، و"خفس دغرة"، ومواضع أخرى ذكرها البلدانيون ولا تعرف أماكنها الآن. ومن أبرز "المواقع الأثرية" التي تطرق إليها الباحث في كتابه تلك المنشآت الحجرية في قرية الرفايع، وعيون فرزان، وجبال الدام، ومستوطنات تعود إلى ما قبل الإسلام، وأهمها: "مستوطنة حزم عقيلة"، و"مستوطنة الضلع" و"مستوطنة الرغيب"، و"مستوطنة البنّة" وهي من أكبر المستوطنات المعروفة في وسط الجزيرة العربية، ويعتقد أنها جزء من (الخضرمة) المشهورة في المصادر الإسلامية، وقد عثر في موقع "البنّة" على عملتين تظهر عليهما كتابات قديمة بخط المسند، ورموز لمعبودات وثنية. وكان لقنوات "الري" نصيب في مواد الكتاب، حيث قام الباحث بمسح القنوات الأثرية وصورها ومنها: "قناتي عين فرزان" التي منيت بتدمير شبه كامل، و "قنوات عين الضلع" التي بقيت تستخدم إلى وقت قريب ممثلة في عيون: سمحة والضلع وأم خيسة، أما "قناة الحويط" فلم يعد من مسارها إلا آثاراً بسيطة متمثلة ببقايا بعض المهابط. ومن الآثار الملفتة للنظر والتي تطرق إليها الباحث تلك المنشآت الحجرية المذيلة والركامية والدائرية، والمقابر الموغلة في القدم بأنماط مختلفة كمقابر "عين فرزان"، ومقابر "الشديدة" ومقابر "عين الضلع" ومقابر "الدام". وختم الباحث بذكر أبرز المواد الأثرية المنقولة من مختلف المستوطنات المكتشفة قي محافظة الخرج ومنها: الأواني الفخارية، والأواني المصنوعة من الحجر الصابوني، والمجامر الصلصالية والتماثيل وكسر بيض النعام وقطع العملات المصنوعة من الفضة والبرونز بعضها قبل الإسلام وأخرى إسلامية، وأدوات الزينة المصنوعة من الفضة والحديد والبرونز، والزجاج، والحجارة، والفخار، والخشب، والأصداف البحرية، والخرز وغيرها. الجدير ذكره أن للدكتور عبدالعزيز الغزّي، كتاباً آخراً يتكون من جزأين، عن بعض آثار محافظة الخرج المهمة بعنوان: "مشروع مسح وتوثيق المنشآت الحجرية في محيط عيني فرزان دراسة ميدانية توثيقية آثارية مقارنة".