لست مطربة، أستعيض عن حبي للغناء بترديد ما أحب بصوت عال وأنا أرسم، والحمدلله أنني أرسم وحدي، ولست ملحنة أيضا وقد أعلنت في مقال سابق أنني أجهل المقامات الموسيقية، ولست شاعرة غنائية أيضا وكم وددت لو أكون، ما أريد أن أقول من خلال هذه المقدمة هو أن همومي الموسيقية تنحصر في حضور الحفلات الموسيقية والتي لم أوفق إليها في بلدي حتى اليوم. قد يكون الأمر قصورا مني، لكني سأتحدث عن تجربتي وهمومي لحضور أمسية غنائية أو موسيقية في جدة مثلا، حيث أسكن وأعيش. بداية، لا أعرف عن أي حفل موسيقي إلا بعد أن ينتهي وأرى لقطات الجمهور وهو يتمايل ويغني مع المطرب أو ينبهر بأداء الموسيقيين في منصات التواصل الاجتماعي، وحين أسأل كيف يمكنني أن أعرف عن الحفل قبل أن يقام يخبرني الجميع أن علي متابعة الحساب الفلاني أو العلاني، ومع أنني لم أبق حسابا من كل الحسابات التي سمعت عنها إلا أنني لم أتمكن حتى اليوم من تحقيق أمنيتي، في إحدى المرات هونت إحدى الصديقات علي وأخبرتني أن الحفلات الكبيرة تباع تذاكرها خلال ساعتين من عرضها. لكن، لو عرفت، ربما حاولت. هذا أول الهموم. الهم الآخر لو اجتزنا الهم الأول في الحصول على تذكرة هو بعد المسافة، معظم الحفلات الكبيرة تقام في جدة دوم، وأنا مع أنني كتبت قصة قصيرة في عام 87 عن هموم طالبة جامعية في المواصلات؛ لأنها لا تستطيع قيادة سيارتها، إلا أنني بعد أن جربت القيادة لم ترق لي، ربما بسبب الخوف الشديد، الخلاصة أنني لا أقود سيارة، والوصول إلى جدة دوم لحضور حفل موسيقي والعودة بعد ذلك هو ضرب من ضروب المستحيلات بالنسبة لي، مما يحملني على التحسر وتذكر كبرى القاعات التي حضرت فيها حفلات اوركسترا سيمفونية في وسط البلد في فانكوفر، أو دار الأوبرا المصرية الموجودة أيضا في وسط القاهرة. لكن الأمنيات تتحقق في بلدي، وأحيانا تتحقق أمنيات لم تكن تدرك أنها أمنياتك إلا بعد أن تتحقق، ودار أوبرا جدة حلم سيتحقق بإذن الله. عصرت مخي كي أصل إلى سبب ثالث يمنعني من حضور الحفلات الموسيقية، لم أجد، هما هاتان المعضلتان، المعرفة المسبقة لمواعيد العروض، ومكان إقامة العروض، وإذا عدت للحديث عن الإعلان عن الحفلات فما أرجوه هو وجود مواقع محددة أستطيع أن أفتحها وأرى جدولا واضحا بمواعيد واضحة للفعاليات، بحيث أستطيع اليوم أن أحجز حفلة لعبدالمجيد عبدالله ستقام بعد ثلاثة أشهر مثلا. أرجو أن لا تضحكوا لسذاجتي، لكن، هل يوجد ذلك. هل يمكن ذلك، لماذا لم أتمكن حتى اليوم من حضور حفل موسيقي في بلدي. سؤال يشغلني فعلا.