عقدت اللجنة الفرعية المالية التابعة للجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى في الأسبوع الماضي اجتماعها الثالث في بكين، حيث تم التأكيد خلال المشاورات التي تمت خلالها على العلاقات المتميزة بين البلدين. وهذا ليس مصادفة، فالصين اليوم هي أهم شريك تجاري لنا. وهذه الشراكة ليست كلها بضائع استهلاكية، وإنما أيضاً سلع رأسمالية وعلى رأسها الآلات والمعدات. ولذلك، فليس مصادفة أن يتم التأكيد خلال الاجتماع على أن الصين هي شريك رئيس في التحول الاقتصادي التي تشهده المملكة، الأمر الذي سوف يعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وعلى ما يبدو لي، فإن العلاقة بين البلدين أمامها آفاق واعدة، فالمملكة خلال الفترة القادمة سوف تحقق رؤية 2030 وتنتقل إلى رؤية أخرى جديدة على مشوار مسيرتها نحو التقدم والازدهار. فنحن من الآن نشاهد التغيرات الكبيرة التي يمر بها بلدنا اقتصادياً واجتماعياً، ونتابع المشاريع التي تطرح باستمرار وما أكثرها- وهي مشاريع ضخمة وواعدة في كافة المجالات. وهذا بالتأكيد سوف يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية واحتلال المملكة مواقع جديدة متقدمة في المستقبل. والصين بدورها عودتنا دائماً على تحقق الإنجازات الضخمة، والتي يمكن تلخيصها في تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن للكونجرس من أن أميركا لا تستثمر بالقدر الكافي في الابتكار، "في الصناعات التي ستشكل المستقبل"، في حين تستعد الصين للهيمنة على تلك المجالات. بالفعل، فإن الصين تسير خطوات حثيثة نحو تحقيق الثورة الصناعية الرابعة. فصناعة الروبوتات تنمو سنوياً فيها بمعدل 22 %. فالصين خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي 2023 تمكنت من إنتاج نحو 320.5 ألف روبوت صناعي، مما جعلها تتربع على قائمة أكبر منتجي الروبوتات في العالم، بحيث أصبح كل ثاني روبوت صناعي في العالم من انتاج الصين. وهذه الروبوتات تسرع من عملية الإنتاج وترفع الانتاجية. ولذلك نلاحظ تقدم الصين على غيرها في العديد من المجالات كصناعة السيارات التي أدى تقدم الإنتاجية فيها إلى احتلال الصين قائمة أكبر مصدريها في العالم. ففي خلال العشرة أشهر الأولى من العام الماضي 2023، ارتفع حجم صادرات الصين من السيارات إلى 3.92 مليون سيارة، بزيادة عن نفس الفترة من عام 2022 بنسبة 59.7 %- لتتخطى بذلك اليابان لأول مرة. إن الصين خلال الفترة القريبة القادمة سوف تتمكن، وفقاً لتقديرات بعض الخبراء، من احتكار العديد من منتجات التكنولوجيا الفائقة في وقت واحد، كإنتاج المواد النانوية، والهيدروجين والأمونيا للطاقة، فضلاً عن البيولوجيا الاصطناعية. ولذا، فإن العلاقة بين المملكة والصين، سوف تعكس في نفسها خلال الفترة القادمة هذا التطور، فالمملكة تتصدر المؤشرات العالمية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، وفي مقدمتها مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الاصطناعي. ولهذا، فإن العلاقة بين البلدين تنتظرها آفاق جدية واعدة.