يطرح الناقد والمفكر الأستاذ الدكتور معجب العدواني موضوعاً مختلفاً، لكنه ربما يتقاطع مع ما قدم من كتب ومؤلفات سابقة، كان منها على سبيل المثال: كتبه "الموروث وصناعة الرواية"، و"الخطاب السجالي في الثقافة العربية"، و"مفهوم العامة الجلي والخفي"، وغيرها من عدة كتب، وهو بهذه الأطروحات التي تنشغل بفكر الناس وثقافتهم فلسفياً، يعمد إلى الولوج من نفق الثقافة النخبوية التي كانت في مراحل سابقة في المملكة تتمثل في المنتج الإبداعي، بكافة فنونه، من شعر وقصة ورواية وخلاف ذلك، إلى الغوص عمق الثقافة المجتمعية، بكافة تشكلاتها. يطرح هذه المرة "المشي والسقوط من الأسطورة إلى الشعر الغنائي" كعنوان لكتاب أو مشروع جديد يعمل عليه ليقدم من خلاله طرحاً فلسفياً مغايراً لكل ما طرح سابقاً، عن جدليتي المشي والسقوط ككينونة إنسانية ارتبطت بالإنسان منذ فجر البشرية، يربطها هو بالموروث الشعبي والأساطير والمثيولوجي تاريخياً، ومع الموروث الشعبي المحلي والأغاني والقصص التي رويت حولها. ومما قاله في هذا الصدد: "من الجدير أن نشير إلى تفاعل موضوع المشي مع عدد من الحقول المعرفية؛ ولو أن الأمر كذلك لأشرنا إلى ما يتردد أن المشي نوع من أنواع الكتابة، فهل هو كذلك؟ تأويليًا، يمكن النظر إلى فعل الحركة التي يتغياها الإنسان بقدميه على الأرض بوصفها نوعًا من أنواع الكتابة، ذلك أن آثار القدمين تصنع ذلك التجاور البصري المتفق مع آثار القلم. إن هذا العنوان لا يعني اقتصار المشي على شكل التعبير العامي أو غيره، ولا يؤكد غياب ملمح المشي والسقوط في الأشكال الأخرى، لكنه يقدم نماذج مناسبة للدرس والاستقصاء، تحاول أن تحرضنا على عد المشي والسقوط أمرًا متلازمًا، أو لعلهما مرحلتان منفصلتان تقودان إلى بعضهما، إن لم يكونا سببًا في وجود أي منهما. قد تبدو هذه الإشكالية مختلفة، تحثنا إلى استجلاب مزيد من الأمثلة والنصوص المساندة، التي لا يمكن لنا إلا أن نتثبت من وجودها تأكيدًا أو نفيًا للظاهرة السابقة، إنها تدعي أن المشي سقوط، أو ربما كان المشي مرحلة جديدة من السقوط المطمئن، أو يمثل سقوطًا يستحضر السؤال أو يغيبه". أعرف عن معجب الصديق أن لديه جلَد حقيقي وشغف بالبحث والكتابة في القضايا الإشكالية، وتلك القضايا التي تحتاج إلى همة عالية في البحث والدراسة. وقد سعدت بحضور محاضرته التي تناولت هذا الموضوع في مقهى دفعة 89 بصفته شريكاً ثقافياً.