أحيا فلسطينيون اليوم الأربعاء ذكرى نكبة 1948 التي طُرد فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم في حرب قيام دولة إسرائيل، وذلك في الوقت الذي يحتدم فيه القتال وسط الأنقاض بقطاع غزة. والنكبة واحدة من العلامات الفارقة بالنسبة للفلسطينيين على مدى أكثر من 75 عاما، إذ أسهمت في تشكيل هويتهم الوطنية وألقت بظلالها على علاقتهم المتوترة مع إسرائيل في العقود التي تلتها. وهيمنت على ذكرى هذا العام مأساة نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة يعيش أغلبهم في الوقت الحالي في ملاجئ مؤقتة بعد النزوح من منازلهم بسبب الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل في أعقاب هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) عليها في أكتوبر تشرين الأول. وقالت أم محمد وعمرها 80 عاما "أكثر من هالنكبة ما في نكبة". وكانت أم محمد قد نجت من النكبة الأصلية وهي طفلة في بلدة بئر سبع، قبل أن تتوجه إلى قطاع غزة الذي أمضت فيه أغلب حياتها وتعيش به الآن في خيمة في مدينة رفح. وأضافت أم محمد "عندي حوالي ثمانين سنة ومثل هالنكبة ما شفت، دارنا راحت، ولادنا راحوا، ملكنا راح، دهبنا راح، عيشتنا راحت، ما ضلش حاجة، أيش ضل إلنا لنبكي عليه". وأدت الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ سبعة أشهر إلى مقتل أكثر من 35 ألف فلسطيني ونزوح أغلب السكان وتحويل مناطق كبيرة من القطاع إلى أنقاض ومبان منهارة، مما أثار مخاوف بين كثيرين من حدوث نكبة ثانية يُهجرون خلالها من قطاع غزة كليا. وبالنسبة لكثيرين من أحفاد نازحي 1948، فإن الحفاظ على الذكرى حية في الأذهان تظل أولوية مهمة. لكن البعض يرون أن تجربة الأشهر المنصرمة فاقت القصص القديمة عن تهجير العائلات من قراهم. وقالت فريدة أبو عرمانة وعمرها 58 عاما "أمي وأبوي حكوا لي على النكبة الأولانية، لكن لكن إحنا الحين النكبة هادي أمرّ (أكثر مرارة)... هادي دمار، دمرونا، دمروا حالنا، يعني إلي إحنا شايفينه ما حدش شافه. هادي مأساة"، وذلك في أثناء جلوسها داخل مجمع خيام قرب رفح. ويجري إحياء ذكرى يوم النكبة في 15 مايو أيار، وهو اليوم الذي بدأت فيه حرب 1948 عندما هاجمت دول عربية إسرائيل بعد يوم من إعلان إقامة دولة إسرائيل في أعقاب انسحاب القوات البريطانية مما كان يسمى حينئذ فلسطين. * مخيمات اللاجئين استمر القتال لعدة أشهر وأودى بحياة الآلاف، كما فر نحو 800 ألف فلسطيني من منازلهم أو طردوا من قراهم الواقعة في ما أصبح يُسمى الآن دولة إسرائيل. ونزح معظمهم إلى مخيمات مؤقتة كتلك التي يعيش فيها النازحون في غزة في الوقت الحالي. وتطورت العشرات من مخيمات اللاجئين على مر السنين إلى بلدات مكتظة منتشرة في شتى أنحاء الشرق الأوسط. ويشكل لاجئو 1948 وأحفادهم ما يقرب من نصف إجمالي السكان الفلسطينيين. ويوجد حاليا أكثر من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في الضفة الغربية وقطاع غزةوالأردن ولبنان وسوريا، وفقا لبيانات الأممالمتحدة، إضافة إلى فلسطينيي الشتات في أنحاء العالم. وأقيمت فعاليات لإحياء ذكرى النكبة في مدينة رام الله، المدينة الرئيسية في الضفة الغربيةالمحتلة، حيث سار الآلاف حاملين الأعلام الفلسطينية ولافتات بأسماء قرى أجدادهم. وقُتل شاب يبلغ من العمر 20 عاما يدرس بجامعة بيرزيت، وهو من سكان مخيم الجلزون للاجئين شمالي رام الله، خلال صدام مع قوات إسرائيلية. ومن المقرر تنظيم مظاهرات أيضا في الأردن ولبنان حيث يتواجد نحو مليوني لاجئ فلسطيني مسجل لدى وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).