تعكس مخالفات الذوق العام نقصًا في الاحترام والانضباط الاجتماعي، وتعيق قدرة الأفراد على التفاعل بشكل آمن ومريح في الأماكن العامة، كذلك لها تأثيرات عميقة على المجتمعات، حيث تسهم في تقويض النظام الاجتماعي وتنشر الفوضى والاضطراب، فعلى سبيل المثال، سلوكيات الإزعاج العام مثل الضوضاء العالية في الأماكن العامة قد تؤدي إلى انخفاض مستوى الراحة والسلامة لدى الأفراد، مما يؤثر سلباً على جودة حياتهم، كما تؤثر مخالفات الذوق العام على الصورة العامة للمجتمع، وقد تعرضه لانتقادات من الداخل والخارج، فعندما يكون هناك انتشار للنفايات في الأماكن العامة، أو عندما يرى الناس سلوكيات غير مقبولة مثل الشجار العنيف في الشوارع، فإن ذلك ينعكس سلبًا على سمعة وصورة المجتمع بأكمله. سلوك خاطئ وقالت خلود الحمد -أخصائية اجتماعية-: لكل مجتمع عاداته وتقاليده وحدوده الخاصة لذلك علينا أن نحترم الذوق العام في جميع الأمور، من اللبس إلى اخفاض الموسيقى في الشارع واحترام الآخرين، مضيفةً أن البعض يخالف الذوق العام من منطلق أنا إنسان حر، وهنا نقول له: "توقف، فمجتمع المملكة لازال رائعاً بحفاظه على تلك العادات والتقاليد والحدود"، مؤكدةً على أن احترام الآخرين يجعل منا مجتمعاً راقياً ملتزماً متقدماً. وأوضح عبدالله السهلي -مختص اجتماعي- أن مجتمعنا السعودي واعي ومحافظ على الأخلاق النبيلة والصفات الحميدة، لكن يوجد البعض وهم قلة في بلدنا من يرتكب سلوكاً خاطئاً وغير مقبول بمخالفتهم للذوق العام، ذاكراً أن من يخالف ذلك يعرض نفسه للعقوبة والغرامات المنصوص عليها نظامًا في هذا الشأن. جدية التعامل وعبّر تركي بن سعد السعد -مختص اجتماعي- قائلاً: في الآونة الأخيرة، كان هناك تركيز ملحوظ على تنظيم الذوق العام والحفاظ عليه داخل المجتمع، مما يشير إلى جهد متعمد لدعم المعايير والأعراف المجتمعية، وأن الأنظمة الصارمة التي تطبقها المملكة فيما يتعلق بالذوق العام، إلى جانب فرض العقوبات على المخالفات، تؤكد مدى جدية التعامل مع القضية وأهمية الالتزام بالأعراف والتوقعات الاجتماعية الراسخة. وأكدت سارة الصويان على أن مخالفات الذوق العام تشمل مجموعة من السلوكيات التي تتعارض مع القيم والأعراف المجتمعية المتعارف عليها، وهذه السلوكيات قد تشمل الإساءة اللفظية، اللباس غير المناسب، التصرفات الفظة وغيرها، وهذه يمكن أن تؤثر سلبًا على النسيج الاجتماعي؛ لأنها تخلق بيئة غير مريحة وقد تؤدي إلى الانقسام والتوتر بين الأفراد، مُشددةً على أهمية تعزيز التوعية المجتمعية حول أهمية احترام الآخرين والحفاظ على القيم العامة، ويمكن للجهات التعليمية والجمعيات غير الربحية أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا المجال من خلال تنظيم ورش عمل وحملات توعية. علامة ومرآة وقالت دلال بن حميد -اخصائية اجتماعية ونفسية-: تختلف السلوكيات من منطقة لأخرى، فهي تعكس معتقدات وثقافة المجتمع، أي أنها مرآة وعلامة لرقي أفراده وتحضرهم، وكوننا نعيش في بلاد الحرمين الذي يعد قدوة للعالم، ونعتنق ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا على الالتزام بالذوق في مواضع كثيرة ذكرت بالقرآن والسنة مثل الصدق والأمانة والإيثار والنظافة وحسن الخلق، لذلك حرصت المملكة على وضع لائحة تنظيمية للمحافظة على الأخلاق العامة للمجتمع واحترام حقوق الآخرين والحد من التعدي عليهم بالقول أو الفعل، فهذه اللائحة ليست بأمر جديد علينا والالتزام بها ليس بالأمر الصعب فهي أسس تربينا عليها منذ الصغر. وأوضح عبدالله العتيبي -مختص اجتماعي- أن المظهر الخارجي يعود على الإنسان براحة نفسية، ويمنحه شعورًا بأن له قدرات وإمكانات، ويعطيه تعزيزًا كبيرًا لثقته بنفسه والتي بدورها تلعب دورًا رئيسيًا في نجاحه الاجتماعي والمهني وفي علاقاته ومجتمعه، لذلك المملكة اهتمت بالفرد كونه الصورة الأساسية لنفسه وللمجتمع السعودي الإسلامي حين طبقت نظام الذوق العام الذي يسمو بالاحترام والرقي وأخلاق المسلم الصحيح ومتوافقة مع تطبيق أهداف رؤية 2030 للمملكة التي تحرص على مجتمع يتمتع بمظهر يوافق معايير الذوق العام من خلال نص القوانين وتطبيق المخالفات والقضاء على المظاهر التي لا تليق بالمجتمع الصحيح. خلق انسجام وأكد محسن المرهون -باحث اجتماعي- على أنه وفق المنظور التفاعلي الرمزي في علم الاجتماع الذي بدأ مع العالم الأمريكي هربرت ميد فإن عملية التنشئة الاجتماعية تسهم في تكوين الذات أو الأنا الاجتماعية عند الفرد، والتي تعتبر انعكاساً لما يعرف بالآخر العام أو الآخر المعمم، وهي ترجمة للمصطلح الإنجليزي Generalized Other والذي يمثل العادات والتقاليد المشتركة والعامة في المجتمع، مضيفاً أن هناك عملية ديناميكية أخرى وهي الحوار الداخلي بين الفرد وذاته، والتي ينشأ عنها بُعداً آخر مستقل يسمح للفرد أن يفكر بشكل أكثر فردانية، مما يجعلنا بصدد ذات فردية في قبال الذات الاجتماعية، مبيناً أن الأنا الفردية هذه تكون مسؤولة عن الدفع خارج القيود الاجتماعية، وبالتالي فإن خلق الانسجام بين الأنا الفردية والأنا الاجتماعية يمكن أن يسهم في التوصل لابتكارات مفيدة أو إنتاج أعمال إبداعية خلاقة تخدم المجتمع وتعزز من انتماء الفرد لثقافة وطنه، في حين أن وجود فجوة أو صراع بينهما قد يؤدي إلى حالة من التمرد والانحراف عن ثقافة المجتمع أو لا أقل وجود قصور في الالتزام بالضوابط والآداب والأعراف الاجتماعية. المملكة وضعت لائحة تنظيمية للمحافظة على الأخلاق العامة عبدالله العتيبي خلود الحمد