تتكسّر حواجز العادات والتقاليد الخانقة للأسرة عند سفرها للخارج، فلا تخشى تتبع النظرات والتلميحات الخانقة، ولا التعليقات الساخرة؛ لتقضي إجازة حميمية مع أفرادها، ويقف سلوكها احتراماً لخصوصية الآخرين، إلاّ أنّها سرعان ما تتحول تلك السعادة إلى ذكرى حين عودتهم إلى مقر إقامتهم؛ لتبقى ثقافة العيب، و"وش يقولون الناس" هاجسهم. وقال "سلطان الجبيري" - أخصائي علاقات عامة: "ينظر بعض السعوديين إلى السفر خارج المملكة على أنّه التحرر من كل أو بعض العادات والتقاليد والقيود المجتمعية، خاصةً السلوكيات اليومية أو التصرفات العفوية، وتحديداً بين أفراد الأسرة، وفي الغالب تتسم التعاملات الأسرية، خاصةً بين الزوجين بالحذر، خشية الانتقادات والتعليقات التي قد يوجهها محيطهم المجتمعي، والعكس عند سفره للخارج، فهناك فرصة إلتقائه بأي منهم ضئيلة جداً، ويحرص حينها رب الأسرة علي تعويضهم عن الرسميات المصطنعة بمعاملة أكثر تحرراً ولباقةً مع زوجته وأطفاله، ليعطي صورة حضارية لزوج وأب عصري، كأن يمسك بيد زوجته ومرافقته لها في كل نشاط، التي من الصعب ممارستها في مجتمعه، حتى لا تلازمه اتهامات أن زوجته تسيطر عليه، فهم يلصقون مهمة الاهتمام بالأسرة على المرأة فقط، وللأسف كثير من السعوديين في الخارج يتصرفون برقي وحضارة مع زوجاتهم وأطفالهم، لاستبعادهم فكرة الانتقاد والتهم بالمساس بالعادات والتقاليد". حميمية العلاقة بين أفراد الأسرة تزداد أكثر في السفر تناقض سلبي وأضافت "سامية ازيبي" "عندما يسافر الزوج وزوجته إلى بلد آخر يتأثر الأغلبية بالمحيط ويتغيرون للأفضل من ناحية طريقة التعامل مع بعضهم وأسلوب الحياة، وعند عودتهم يعود لما كان عليه من الرسميات، والقلة من يستمر في مصارعة البيئة المحيطة، ونظرات الناس، والطرائق المختلفة في تعاملات الآخرين، وفهمهم لتصرفاتك، والتأثير غير الإرادي بالوسط المحيط هو السبب الأرجح لهذا التناقض، فنحن نتأثر سواء بشكل إرادي أو لا إرادي بالأشخاص والمجتمع ونتصرف في إطارها، حتى لا نشذ عن الوسط المحيط". وأشارت "سامية" إلى أنّ الأسرة تكون هي الضحية في حال عادت لقيود المجتمع الوهمية؛ لأنّها تخلق نوعاً من التذبذب والتناقض، وعدم معرفة التصرف الأمثل والمناسب لها في المواقف اليومية، وإذا اختارت كسر الحواجز وحينها تتقبل الانتقاد والتعليق، إلى جانب التوترات النفسية المتصاعد بسبب تغيّر الممارسات في كثير من المواقف، خاصةً من الزوج تجاه زوجته، أو كلا الوالدين تجاه الأطفال، حيث تتناقض التصرفات وردات الفعل والمقارنات في الأحداث اليومية، مبينةً أنّ الحل هو الاستناد على مبادئ معينة لا تتعارض مع الدين والأخلاق، مع تهميش عادات المجتمع المختلقة، لأنّها قوانين بشرية تختلف من شخص إلى آخر. ثمن الشهرة وأوضح "عبدالعزيز أبو حيمد" - إعلامي - أنّ الأمر يزداد تعقيداً عندما يكون أحد الزوجين من المشاهير؛ فاﻠﺸﻬﺮة ضريبة ﻟﻬﺎ ﺇيجابيات ﻭسلبيات ﻓﻲ ﺍﻟظهور ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ، مبيناً أنّ ثقافة الشهرة في مجتمعاتنا العربية - وتحديداً الخليجية - تختلف تماماً عن ثقافة الغرب، فغالبهم يسلطون المجهر على خصوصية الشخصيات المعروفة من دون اعتبار، لكونه حقا من حقوق مجتمعه، ولكن ما يترتب على بعض التصرفات من قبل الآخرين من الجنسين للشخصية المعنية أثناء خروجة قد يتسبب بكثير من المشاكل له، ومن أهمها استثارة غيرة زوجته، وقد يؤدي الأمر إلى عزلة أسرية إذا لم تتفهم الزوجة أي تصرف غير لائق من العامة، سواءً داخل أو خارج المجتمع، فالإعلام تخطى الحدود المكانية. محيط ناقد واعتبر "صالح الشريف" - موظف - أنّ ثقافة العيب و"وش بيقولون عنّا الناس" هي السبب في الاختلاف، حيث تسيطر بشكل كبير على كلا الجنسين في المجتمع، فبعضهم يرى مسك الزوج يد زوجته في مكان عام بمثابة "عيب اجتماعي" وفيها إخلال بالذوق العام!، وبعضهم يعد لهو الأطفال أمام الجميع "قلّة تربية"، مبيناً أنّ هناك جانبا من المجتمع يرى في خروجه من المحيط "الناقد" إلى محيط مجتمع يملك ثقافة "نفسي وبس" يعده شيئاً من الحرية المسلوبة. ثقافات مختلفة وبيّنت "نورة السلمي" - اخصائية اجتماعية - أنّ بعض الأسر السعودية تسافر للخارج لقضاء إجازتها بهدف الترفيه والترويح عن النفس، واكتشاف أشياء جديدة وثقافات مختلفة، لا سيما وأنّ المجتمع يشهد حراكاً ثقافياً سريعاً، وأمام هذا الانفجار من المعلومات التقنية وما يصاحبه من تأثير للإعلانات التجارية، كما أنّ الترويج للأماكن السياحية أصبح من ضمن الأسباب المحفزة للسفر، بما فيها من تصوير مميز للخدمات والامتيازات، وتكرار التجربة في حالة الانطباع الإيجابي، كما أنّ الحياة المعاصرة وسرعة التغيير زادت شعور الفرد بالقلق والتوتر، وأصبحت الأسر تقضي وقتاً أقل رغم اجتماعهم في منزل واحد؛ نتيجة انشغال كلٍ منهم طوال العام، لذا أصبحت بعض الأسر تخطط لقضاء اجازتها في السفر الخارجي، لما تلمسه من آثار في اجتماع الأسرة وارتباطهم سوياً وتواصلهم بشكل أكثر متعة. احترام مشاعر الآخرين ولفتت "نورة" إلى أنّ الإحساس لدى الأسرة من التحرر من قيود العيب الاجتماعي قادها للتصرف بأريحيه وحميمية أثناء التنزه، وهذا ما لا تستطيع فعله في بيئتها، نتيجة سيطرة بعض الأفكار المعقدة "الناس يشوفوني ويعرفوني استحي منهم!"، مشيرةً إلى أنّ الاستمتاع بقضاء اجازه سواء كانت داخلية أو خارجية له آثاره الملموسة في تجديد الطاقة والحيوية، لكن الأهم هو تجنيب الأفكار البالية، والتخلص من ثقافة العيب الاجتماعي، وأن نراعي الالتزام بالدين الإسلامي وقيمه، وأن نكون قدوةً في سلوكياتنا بالبساطة واحترام مشاعر الآخرين وفي مقدمتهم الأقربون.