هناك خطط مؤسسية تعمل على تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة حيوية، وهو ما سيشجع على نمو ما يعرف ب"السياحة الثقافية" و"السياحة الترفيهية" كإحدى الفرص النوعية لتعظيم الاقتصاد الوطني غير النفطي، وهو ما تستند له رؤيتنا الطموحة.. منذ بداية رحلة رؤية السعودية 2030، انطلقت المملكة العربية السعودية في بناء وتطوير المشهد الثقافي والفني والترفيهي وتنمية المواهب والمهارات فيها، لتعزيز الهوية الوطنية المميزة للمملكة، والارتقاء بجودة الحياة، وتعزيز الحضور الدولي في هذه المجالات، واليوم يشهد نهضة مُستدامة ومزدهرة للقطاع الثقافي والترفيهي، ومشاركة فاعلة وملحوظة في حياة الناس. وحتى لا يكون سياق المقال انطباعيًا أو تعبيريا، فإنه سيكون أشبه ب "ورقة استعراض الحقائق المعلوماتية" لمزيد من الإقناع الوطني بما تحقق منذ انطلاق الرؤية وحتى 2023، خاصة أن هذه القطاعات تُعد العمود الفقري بمثابة "الاقتصاد الإبداعي" للسعودية، فضلًا عن كونه أحد روافد الاقتصاد العالمي، وأهم عوامل المحركات الأساسية لنمو الدول والمجتمعات. نجحت بلادنا في تسجيل محمية "عروق بين معارض" في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتصبح أول موقع للتراث العالمي الطبيعي في المملكة، وسابع المواقع المسجلة، ويأتي ذلك تأكيدًا على ما تتمتع به مملكتنا من ثراء وتنوع ثقافي وتاريخي، تسعى إلى استدامته ومشاركته مع العالم. وتزخر المملكة بكنوز ثقافية وتاريخية وفيرة، وتسعى العديد من المبادرات إلى حفظ هذه الكنوز واستدامتها للأجيال القادمة بتوثيقها ورعايتها، لتكون شاهدًا على ثقافة متنوعة وغنية، تُسهم في إحداث حراك ثقافي فعَّال، يعمل على تنمية المجتمع والاقتصاد، ومن ذلك: تسجيل وتصنيف أكثر من 30 موقع تراثي، وترميز ما يزيد عن 250 أصلًا من الأصول التراثية، وتصنيف أكثر من 500 موقع تراثي عمراني، وتوثيق 850 مبنى في التراث العمراني. ومن المهم هنا حضور المعهد الملكي للفنون التقليدية، الذي جاء تأسيه للمحافظة على هذه الفنون والتراث الحرفي للمملكة، ونجح في تقديم أكثر من 190 برنامج تعليم وتلمذة تجاوز عدد المستفيدين منها 2000 طالب في الربع الأول من 2023، بالإضافة إلى تقديم 116 برنامجًا بمشاركة ما يزيد عن 1000 مشارك في الربع الرابع من 2023. أما "العلا" فحصلت على جائزة أفضل مشروع للسياحة الثقافية على مستوى الشرق الأوسط لعام 2023، وذلك في حفل توزيع جوائز السفر العالمية للمنطقة، ويعكس ذلك التنوع الثقافي والتاريخي والطبيعي الذي تتميز به هذه التحفة الطبيعية المفتوحة أمام العالم. وانضم البن الخولاني السعودي إلى قائمة موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بأطول عبارة مكتوبة من حباته بعدد (6,088) حبة، شكلت بمجموعها عبارة "هيئة التراث"، وهو ما يُعزز ويوثق حضور المملكة العربية السعودية عالميًا، وإبراز تراثها وتنوعها الثقافي. وامتدادًا للنهضة السعودية المُستدامة، دون مشروع "طروق السعودية" 270 لحنًا تراثيًا، وأنشأ مكتبة موسيقية إيقاعية متكاملة، فضلًا عن إنتاج ما يزيد على 250 فيديو توثيقيا، وهو برنامج أطلقته هيئة الموسيقى، وهيئة المسرح والفنون الأدائية، تحت إشراف الأرشيف الثقافي، ويهدف إلى المحافظة على الموروث الموسيقي والأدائي في جميع مناطق المملكة، عبر توثيق ذلك الموروث وفق منهجية علمية معتمدة من الأرشيف الثقافي لدى وزارة الثقافة، وتوفيره للباحثين والدارسين والفنانين، حسب رؤية تحفزهم لدراسته والاستلهام منه. لكن ماذا عن الحِراك الترفيهي المتنامي؟، يمكن القول إن قطاع الترفيه في المملكة حقق نشاطًا فاعلًا، بإضافة خيارات متعددة من الأنشطة الترفيهية والثقافية، التي ترفع من جودة الحياة للأفراد والأسر، وتتيح لهم تجارب غنية بالثقافة والمتعة، ومن نجاحاته ارتفاع مؤشر عدد الأماكن الترفيهية إلى 584 مكانًا ترفيهيًا متجاوز المستهدف والمُحدد ب 345 مكانًا ترفيهيًا. تؤكد الإنجازات السابقة، أن هناك خططا مؤسسية تعمل على تحويل المملكة العربية السعودية إلى وجهة حيوية، وهو ما سيشجع على نمو ما يعرف ب "السياحة الثقافية" و"السياحة الترفيهية" كإحدى الفرص النوعية لتعظيم الاقتصاد الوطني غير النفطي، وهو ما تستند له رؤيتنا الطموحة.. دمتم بخير.