شهدت البنوك السعودية في خضم التحول نموًا سريعًا في الإقراض، مدفوعاً على نحو خاص بالتمويل العقاري السكني الجديد ومدعوماً بتوجه المملكة الهادف لزيادة ملكية المنازل بين السعوديين، ومن المرجح أن يحفز هذا التوجه، إلى جانب الاحتياجات التمويلية المستمرة للمبادرة الاقتصادية لرؤية المملكة 2030، والتباطؤ النسبي في نمو الودائع، البنوك على البحث عن مصادر بديلة للتمويل، بما في ذلك التمويل الخارجي، مع ما يترتب على ذلك من آثار محتملة على الجودة الائتمانية للقطاع المصرفي. لقد تفوق نمو الإقراض لدى البنوك السعودية على نمو الودائع منذ سنوات، مما ساهم في تجاوز نسبة القروض إلى الودائع في المملكة نسبة 100% في عام 2022، مرتفعةً من 86% في نهاية عام 2019، وتتوقع وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» أن يستمر هذا الاتجاه، لاسيما مع مساهمة أكثر فعالية لإقراض الشركات في النمو خلال السنوات القليلة المقبلة، وترى الوكالة بأن البنوك السعودية ستتجه على الأرجح إلى إستراتيجيات تمويل بديلة لتمويل هذا التوسع في النمو، وذلك من خلال ثلاثة خيارات محتملة هي: وتغيير هيكل الميزانية العمومية: يمكن للبنوك تسييل جزء من دفاترها الاستثمارية، يعادل نحو 15.7% من إجمالي أصولها، أو 622 مليار ريال سعودي (166 مليار دولار أمريكي) في نهاية عام 2023، وهناك جانب سلبي محتمل لهذه الإستراتيجية يتمثل في أن البنوك ستضطر إلى تسجيل الخسائر غير المحققة (بلغ إجمالي احتياطيات إعادة التقييم لدى البنوك السعودية سالب 7.4 مليار ريال سعودي في نهاية عام 2023)، يمكن أن تؤدي هذه الإستراتيجية أيضًا إلى تقليل سيولة الميزانية العمومية حيث سيُعاد توزيع الأموال المجمعة في أصول أقل سيولة. وخيار إصدار الصكوك المدعومة بالتمويل العقاري السكني، إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة: كان يشار إلى هذا لفترة طويلة. لقد أنشأت الجهات المعنية السعودية، في عام 2017، الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري لشراء التمويل العقاري السكني من النظام المصرفي وإعادة تمويله من خلال إصدارات السوق المالية، وبحلول نهاية عام 2023، كانت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري قد اشترت نحو 26.7 مليار ريال سعودي، أو نحو 5% من إجمالي التمويل العقاري السكني لدى البنوك، ومن الممكن أن يضعف حماس البنوك لمزيد من المبيعات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة (وهو ما قد يؤدي إلى تبلور بعض الخسائر غير المحققة في حال بيع التمويلات العقارية السكنية)، والربحية الجيدة حاليًا لدفاتر التمويل العقاري السكني، وندرك أيضًا أن بعض المستثمرين يشككون في قدرة البنوك السعودية على حبس التمويل العقاري السكني بعد التخلف عن السداد، وقد يؤثر ذلك على رغبة المستثمرين في شراء صكوك مدعومة بالتمويل العقاري السكني ومن المحتمل أن يكون هذا هو سبب استفادة إصدارات صكوك الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري من ضمان الحكومة، مع ذلك، ووفقًا للبنوك السعودية، فإن الإصلاحات التنظيمية جعلت حبس التمويل العقاري السكني ليس ممكنًا فحسب، بل أصبح شائعًا إلى حد ما. إصدار ديون خارجية: لقد لجأت البنوك السعودية بالفعل للأسواق المالية العالمية، ونتوقع أن يستمر ذلك خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة، على العموم، نعتقد أن النظام المصرفي السعودي يمكن أن يتحول من وضع أصول خارجية صافي يبلغ 42.9 مليار ريال سعودي، أو 1.6% من الإقراض، في نهاية عام 2023، إلى وضع دين خارجي صافي في غضون بضع سنوات. كما شهدنا زيادة ملحوظة في عدم تطابق فترات الاستحقاق بين الإقراض والودائع في الميزانيات العمومية للبنوك السعودية، مَثّل التمويل العقاري السكني 23.5% من إجمالي إقراض البنوك السعودية في نهاية عام 2023، مرتفعًا من 12.8% في نهاية عام 2019، مع ذلك، فإننا نرى أن الاستقرار النسبي للودائع السعودية يخفف من الخطر الناجم عن عدم تطابق فترات الاستحقاق، وفي الوقت نفسه، شهدت البنوك تضاؤلًا في هامش الربح الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة مع انتقال جزء من الودائع من غير فائدة سابقًا إلى أدوات بفائدة. كما تتوقع الوكالة أن يستمر ارتفاع المطلوبات الأجنبية للبنوك السعودية، من نحو 19.2 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2023، لتلبية متطلبات التمويل الناتجة عن النمو القوي في الإقراض وفي ظل انخفاض التوسع في الودائع. تأخذ توقعاتنا للبنوك السعودية في الاعتبار بالفعل تلك الزيادة المتوقعة، وبينما قد يؤدي اللجوء إلى الدين الخارجي بمستويات أكبر من المتوقعة إلى إضعاف رؤيتنا للتمويل على مستوى النظام، إلا أنه لن يؤثر بالضرورة على وجهة نظرنا بشأن الجدارة الائتمانية للبنوك.