في مصر سنة 1930م حينما التقى المستشرق الألماني جوهن هيس بالعتيبي موهق الغنامي -رحمه الله-، أوضح الغنامي أثناء حديثه عن الغزو بأن عرب الصحراء يقضون جزءاً كبيراً من حياتهم في غزوات للسلب والنهب في منطقه القبائل المعادية، ويشنون عليها الغارات في الليل والنهار وهم يقومون بالغزو في مجموعات صغيرة أو كبيرة، راكبين أو مشاة في بعض الأحيان تكون الغزوة ناجحة وفي أحيان أخرى يفشل الهجوم إما لأن المخيم المعادي كان يقظاً أو بسبب تفوق العدو وأحياناً يعودون ومعهم كثير من الغنائم ولكن في أحيان أخرى يضطرون إلى الهرب أو قد يفقدون كل ما لديهم من إبل وسلاح لا.. بل وحتى ملابسهم، مبيناً أن البدو عند الكسب يقولون كسب حيث تسمى الغنيمة كسب والجمع كسوب. وهم يرددون دائماً: طالما نحن على قيد الحياة سنمارس الغزو (طول ما حنا حيين). موضحين ل"هيس" أن البدو يطلقون على الفترة التي مارس فيها ابن رشيد وابن سعود ضغطاً على قبائل كثيرة لكي يمنعوا نشوب صراعات فيما بينهم اسم وقت (الكمام). ثم يقدم موهج العتيبي بعد ذلك العديد من الأمثلة عن مثل هذه الغزوات التي كان بعضها فاشلاً وبعضها الآخر ناجحاً، حيث يعتبر كل فرد من هؤلاء السلب والنهب حقاً طبيعياً له ولا يعتبر الرجل رجلاً كاملاً في أعين قبيلته إلا إذا كان "حواف" أي لصاً جريئاً وغازياً شجاعاً، إلا أن البدو يميزون بشدة بين المهنة الشريفة للحوّاف (الحنشولي)، الجمع حنشل، الذي ينهب معرضاً حياته للخطر وبين اللص العادي غير الشريف الذي ينهب خلسة (نطول)، الجميع نطلان، ولا يتوانى عن سرقه أبناء قبيلته نفسها. ويمضي في كتابه "بدو وسط الجزيرة" إلى أن الأرض الفقيرة لا تقدم للبدوي ما يحتاجه للعيش ولذلك يحاول بعضهم الاغتناء عن طريق الغزو والنهب، وهو يسرق أي شيء الإبل والسلاح وحتى قطع الثياب التي يسلبها له ولأفراد أسرته، حيث تبقى الغنيمة دوماً ذات قيمة بالنسبة له كيف ما كانت، غير أنه هو نفسه يمكن أن يكون ضحية لهجوم يجعله يصبح بين عشية وضحاها بالمعنى الحرفي للكلمة رجلاً فقيراً لا يملك أي شيء. وبين له بأن الغزوات الصغيرة تنتهي في أغلب الأحيان دون سفك للدماء، وإذا ما فشل الحواف في الدخول إلى الخيمة خلسة وسرقة الإبل دون أن يشعر به أحد، أي إذا ما اكتشف أمره وتمت السيطرة عليه، يبقى أمامه دوماً المخرج الأخير وهو الإمساك بحبل الخيمة وطلب الحماية من صاحبها، عندئذ يكون قد أصبح تحت رحمة صاحب الخيمة كلياً حسب قوانين العرب، ولكن عقابه يقتصر على أخذ إبله وأسلحته لا بل وغالباً ثيابه، أما حياته فتوهب له لأنه بإمساكه بحبل الخيمة أصبح دخيلاً تحت حماية صاحب الخيمة. هناك إمكانية أخرى لكي ينقذ الحواف الذي يؤخذ أسيراً حياته، فإذا ما تمكن من (البصق) على خصمه يصبح تحت حمايته ويصبح الخصم ملزماً بإطلاق سراحه، ولكن إذا ما قيل للص (نفّه) قبل أن يتمكن من البصاق يجب أن أضع نفسي تحت رحمتكم ب(النَافه) وعند إذن يصبح مهما فعل تحت رحمة خصمه ويكون في وسعه قتله إن شاء ولكن العرب لا يفعلون هذا في أغلب الحالات، وعندما يخشى عدو هارب أنه لن يستطيع الإفلات يقول لمن يطارده ضعني في حمايتك، حرفياً "في وجهك ورحمة الله حطني بوجهك وأمان الله"، فيجيب هذا "تعال على حسناتي وسيئاتي" أي استسلم بلا قيد أو شرط. كتاب «بدو وسط الجزيرة» لجوهن هيس الإمساك بطنب الخيمة طلب الحماية النسخة الألمانية من كتاب «بدو قلب جزيرة العرب»