في مصر حكى موهق الغنامي رحمه الله للمستشرق الألماني هيس سنة 1930م حكاية جديدة من حكايات الغزو حدثت له مع بعض رفاقه في شبابه قبل ان يسود الامن هذه البلاد وكانوا في مهمة غزوة او حيافه خاطفة ذكرها هيس في كتابه بدو وسط الجزيرة مراجعة وتعليق د. محمد سلطان العتيبي وهنا يقول الغنامي: خرجنا لشن غزوة جديدة ضد إحدى القبائل (ذكر اسم القبيلة) وكان معنا ثلاث رجال مسلحون بالرماح وكان لدى أحد المرافقين بندقية عتلية ومعي انا بندقية مارتيني وعند ما اقتربنا من البدو عند الشيحية وشاهدنا رجلا يسير على قدميه كان قد خرج للكسب في محيط بريدة نصبنا له كميناً والقينا القبض عليه وكان رفاقي يريدون قتله. الا ان الله حرره ثم حررته أنا. كان من نفس القبيلة التي كنا نريد غزوها وتركناه وشأنه. الا اننا عند ما كنا مختبئين منه ذهب الى جماعته وابلغهم بأمرنا فشكلوا على الفور فريقا مسلحا لملاحقتنا. كان الفريق يتألف من رجال على أربعة جمال على كل جمل مسلح ومعه رديف يركب خلفه أربعة منهم مسلحين ببنادق. بعد وقت قصير لحقوا بنا وبدؤوا بإطلاق النار علينا فردينا عليهم بإطلاق النار أيضا وقتلنا منهم رجلاً وجمل. لكنهم دحرونا نحو ساعة تقريباً الى الوراء وجرحوا أحد رفاقي وهو واحداً من أبناء عمومتي. بقيت عنده لأنني خشيت من انهم يريدون قتله. انبطحت الى جانبه وبدأت بإطلاق النار عليهم من بندقيتي المارتيني وأطلقوا هم علي النار ايضاً. بعد ذلك عرضوا عليّ الاستسلام بقولهم: أيها الرامي استسلم ونحن نضمن لك سلامة رقبتك.. فقلت لهم "اذلفوا عن وجهي واحفظوا حياتي وحياة رفيقي الجريح. لكنهم رفضوا وقالوا نضمن حياتك فقط ولا نضمن حياة الجريح.. قلت لهم ارحلوا عني ثم تابعت إطلاق النار حتى اعطوني وعداً بضمان سلامتي وسلامة رفيقي الجريح واقسموا بالله ثم وضعوني في وجه شيخ قبيلتهم. قلت لهم أشهدوا الله على ما قلتم قالوا ليشهد الله أنكما طلقاء ونقسم بالله ثم شرفنا على ذلك دون خدعة او خيانة. عندئذ نهض ابن عم القتيل واراد قتل الجريح قائلاً: اريد الثأر لمطلق. فنهض الرجل الذي أعطانا الأمان وأبعده عنا وحررنا منه، ثم أخذ بندقيتي ونزع عني ملابسي. ثم ذهبوا وتركونا، أنا والجريح خلفهم. بعدها قمت وبنيت من جذور شجر الرمث واقية (مصدة) عن الريح وذهبت في الليل الى البكيرية فرأيت الناس خائفين لأنهم كانوا قد سمعوا بمعركتنا وظنوا بأنه هجوم من ابن رشيد. لكني بعد ما اعلمتهم بالأمر هدأ روعهم ووعدتهم باسم الجريح بأن من يأتي معي مع جمل لكي ننقل عليه الجريح ونعيده لأهله سيحصل منه على ناقة أم ثاني. لكني رغم العرض المغري لم اجد أحدا مستعدا للذهاب معي خوفا منهم ان الذي سيذهب سيقيد ويؤخذ جمله. لما طلع الصباح أخذت جرابا وعدت الى الجريح ولما وصلت اليه رأيت الذئب وقد حفر عند رأسه وقدميه ولكن الله انقذه. فأعطيته ماء ليشرب وعند ما حل الضحى فتح عينيه وكان وجهه ينبئ بالخير. ولم يكن الموت قريبا منه بأي حال من الأحوال. عندئذ تركت تركت جراب الماء عنده وذهبت الى الهليلية (الهلالية) لأحد أصدقائه اسمه منيف وخبرته بقصة رفيقه. فقال خذ الجمل أو الحمارة. لم يكن بخيلا من اجله فأخذت الحمارة. ولما حل المساء ذهبت الى رفيقي ووصلت اليه عند منتصف الليل واركبته على ظهر الحمارة ثم جلبته الى الدريبي أمير الهلالية وبقيت طيلة النهار عنده لكي احضر له رملاً ساخنا حتى يستلقي اليه وفي اليوم الثامن شفي من جرحه. فذهبنا الى قومنا وكان عليه أن يعطي الدريبي ناقة مقابل الخدمة التي لقيناها منه. سعود المطيري